الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  182 ( باب من لم ير الوضوء إلا من الغشي المثقل )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي : هذا باب في بيان من لم ير الوضوء إلا من الغشي ، بفتح الغين المعجمة ، وسكون الشين المعجمة ، وفي آخره ياء آخر الحروف ، يقال : غشي عليه غشية وغشيانا ، فهو مغشي عليه ، والغشي مرض يعرض من طول التعب والوقوف ، وهو ضرب من الإغماء إلا أنه أخف منه ، وقال صاحب ( العين ) : غشي عليه ذهب عقله ، وفي القرآن : كالذي يغشى عليه من الموت وقال الله تعالى : فأغشيناهم فهم لا يبصرون

                                                                                                                                                                                  قوله ( المثقل ) بضم الميم ، من أثقل يثقل إثقالا ، فهو مثقل ، بكسر القاف للفاعل ، وبفتحها للمفعول ، وهو ضد الخفيف .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : كيف يجوز هذا الحصر ، وللوضوء أسباب أخر غير الغشي ؟ قلت : أينما يقع مثل هذا الحصر ، فالمراد أنه رد لاعتقاد السامع حقيقة أو ادعاء ، فكأن ها هنا من يعتقد وجوب الوضوء من الغشي مطلقا ، سواء كان مثقلا أو غير مثقل ، وأشركهما في الحكم ، فالمتكلم حصر على أحد النوعين من الغشي ، فأفرده بالحكم مزيلا للشركة ، ومثله يسمى قصر الإفراد ، ومعناه أنه لا يتوضأ إلا من الغشي المثقل ، لا من الغشي الغير المثقل ، وليس المعنى أنه يتوضأ توضئا من الغشي المثقل ، لا من سبب من أسباب الحدث ، وجواب آخر : أنه استثناء مفرغ ، فلا بد من تقدير المستثنى منه مناسبا له ، فتقديره : من لم ير الوضوء من الغشي إلا من الغشي المثقل .

                                                                                                                                                                                  والمناسبة بين البابين من حيث إن في الباب السابق عدم لزوم الوضوء عن القراءة ، وها هنا عدم لزومه عند الغشي الغير المثقل .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية