الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1591 [ ص: 331 ] حديث سادس وستون لنافع ، عن ابن عمر

مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس في بعض مغازيه ، قال عبد الله بن عمر : فأقبلت نحوه ، فانصرف قبل أن أبلغه ، فسألت ماذا قال ؟ فقيل لي : نهى أن ينبذ في الدباء والمزفت .

التالي السابق


قال أبو عمر : كان عبد الله بن عمر يرى أن النهي عن الانتباذ في الظروف نحو الدباء منسوخ ، وكان مالك يذهب إلى هذا وتابعه طائفة من أهل العلم ، وقد مضى القول في هذا الباب ممهدا مبسوطا بما فيه من اختلاف الآثار ، وتنازع علماء الأمصار في باب ربيعة من هذا الكتاب - والحمد لله - فلا وجه لتكرير ذلك هاهنا .

وفي هذا الحديث دليل على أن الإمام يخطب رعيته ويعلمهم في خطبته ما بهم الحاجة إليه من أحكامهم في دينهم ودنياهم ، وأما [ ص: 332 ] الدباء ، فهو القرع المعروف ، وهو إذا يبس ، وصنع منه ظرف يسرع فيه النبيذ إلى الشدة مزفتا كان أو غير مزفت ، ولذلك ما جاء في هذا الحديث ، وغيره ذكر الدباء مطلقا ، ثم عطف عليه المزفت منه ، ومن غيره - والله أعلم - .

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا بقي بن مخلد ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا محمد بن فضل ، عن المختار بن فلفل ، قال : سألت أنس بن مالك ، عن النبيذ ، فقال : اجتنب مسكره في كل شيء واجتنب ما سوى ذلك فيما زفت ، أو في قرعة ، وهذا يوضح ما قلنا ، ويفسر حديث ابن عمر ومذهبه ، ومذهب مالك في هذا الباب ، والله الموفق للصواب [ ص: 333 ] وأما حديث مالك ، عن نافع ، وعبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أنه قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص ، وهو أميرها فرآه يمسح على الخفين ، فأنكر ذلك عليه ، فقال له سعد : سل أباك إذا قدمت عليه فقدم عبد الله بن عمر فنسي أن يسأل عمر ، عن ذلك حتى قدم سعد ، فقال : سألت أباك ، فقال : لا ، قال : فسله ، فسأله عبد الله بن عمر ، فقال عمر : إذا أدخلت رجليك في الخفين ، وهما طاهرتان فامسح عليهما ، فقال عبد الله بن عمر : وإن جاء أحدنا من الغائط ، فقال عمر : وإن جاء من الغائط .

فهذا موقوف على عمر في الموطإ ، ولم يختلف رواة الموطإ في ذلك ، ولا عن مالك فيه خلاف ، وقد تابعه على ذلك جماعة ، وهو الصحيح - إن شاء الله - .

وقد روي عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعا .

[ ص: 334 ] أخبرنا إبراهيم بن شاكر ، ومحمد بن إبراهيم قالا ، أخبرنا محمد بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن أيوب ، قال : حدثنا أحمد بن عمرو البزار ، قال : حدثنا عمران بن موسى ، قال : حدثنا ابن سواء ، قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ، ومسح على خفيه .

وقد روي عن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين من حديث سالم ، عن ابن عمر ، عن عمر ، ومن حديث محارب بن دثار ، عن ابن عمر ، عن عمر ، ومن حديث عاصم بن عبيد الله ، عن أبيه ، أو عمه ، عن عمر ، ومن حديث البراء بن عازب ، عن عمر ، كلها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقد روي موقوفا على عمر من وجوه أيضا ، وإذا صح رفعه فلا يضره توقيف من وقفه ، لأنه أفتى بما علم ، وقد روي المسح على الخفين أيضا عن سعد بن أبي وقاص ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق ، وقد ذكرنا طرق المسح على الخفين والقائلين به من الصحابة ، ومن بعدهم مستوعبا في باب ابن شهاب - والحمد لله - .




الخدمات العلمية