الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال أبو بكر الرشيدي رأيت محمدا الطوسي المعلم في النوم فقال لي : قل لأبي سعيد الصفار المؤدب .

:

وكنا على أن لا نحول عن الهوى فقد وحياة الحب حلتم وما حلنا

قال : فانتبهت فذكرت ذلك له فقال كنت أزور قبره كل جمعة فلم أزره هذه الجمعة .

وقال ابن راشد رأيت ابن المبارك في النوم بعد موته ، فقلت أليس قد مت ؟ قال : بلى ، قلت : فما صنع الله بك ؟ قال : غفر لي مغفرة أحاطت بكل ذنب ، قلت : فسفيان الثوري ؟ قال : بخ بخ ، ذاك من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين الآية وقال الربيع بن سليمان رأيت الشافعي رحمة الله عليه بعد وفاته في المنام فقلت يا أبا عبد الله ما صنع الله بك ؟ قال : أجلسني على كرسي من ذهب ونثر علي اللؤلؤ الرطب .

ورأى رجل من أصحاب الحسن البصري ليلة مات الحسن كأن مناديا ينادي : إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، واصطفى الحسن البصري على أهل زمانه .

وقال أبو يعقوب القاري الدقيقي رأيت في منامي رجلا آدم طوالا والناس يتبعونه فقلت : من هذا قالوا ؟ : أويس القرني فأتيته فقلت أوصني رحمك الله ، فكلح في وجهي فقلت مسترشدا : فأرشدني أرشدك الله ، فأقبل علي وقال : اتبع رحمة ربك عند محبته واحذر نقمته عند معصيته ، ولا تقطع رجاءك منه في خلال ذلك ، ثم ولى وتركني .

وقال أبو بكر بن أبي مريم رأيت ورقاء بن بشر الحضرمي ، فقلت ما فعلت يا ورقاء قال : نجوت بعد كل جهد قلت : فأي أعمال وجدتموها أفضل ؟ قال : البكاء من خشية الله .

وقال يزيد بن نعامة هلكت جارية في الطاعون الجارف فرآها أبوها في المنام فقال لها : يا بنية أخبريني عن الآخرة . قالت : يا أبت قدمنا على أمر عظيم ، نعلم ولا نعمل ، وتعملون ولا تعلمون ، والله لتسبيحة أو تسبيحتان أو ركعة أو ركعتان في فسحة عمل أحب إلي من الدنيا وما فيها وقال بعض أصحاب عتبة الغلام رأيت عتبة في المنام فقلت : ما صنع الله بك ؟ قال : دخلت الجنة بتلك الدعوة المكتوبة في بيتك ، قال : فلما أصبحت جئت إلى بيتي ، فإذا خط عتبة الغلام في حائط البيت : يا هادي المضلين ، ويا راحم المذنبين ، ويا مقيل عثرات العاثرين ، ارحم عبدك ذا الخطر العظيم والمسلمين كلهم أجمعين ، واجعلنا مع الأحياء المرزوقين الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، آمين يا رب العالمين وقال موسى بن حماد : رأيت سفيان الثوري في الجنة يطير من نخلة إلى نخلة ومن شجرة إلى شجرة فقلت : يا أبا عبد الله ، بم نلت هذا فقال ؟ : بالورع ،قلت : فما بال علي بن عاصم قال : ذاك لا يكاد يرى إلا كما يرى الكوكب .

ورأى رجل من التابعين النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال : يا رسول الله ، عظني ، قال : نعم ؛ من لم يتفقد النقصان فهو في نقصان ، ومن كان في نقصان فالموت خير له .

وقال الشافعي رحمة الله عليه دهمني في هذه الأيام أمر أمضني وآلمني ولم يطلع عليه غير الله عز وجل ، فلما كان البارحة أتاني آت في منامي فقال لي : يا محمد بن إدريس قل : اللهم إني لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ولا أستطيع أن آخذ إلا ما أعطيتني ولا أتقي إلا ما وقيتني ، اللهم فوفقني لما تحب وترضى من القول والعمل في عافية فلما أصبحت أعدت ذلك فلما ترحل النهار أعطاني الله عز وجل طلبتي وسهل لي الخلاص مما كنت فيه فعليكم بهذه الدعوات لا تغفلوا عنها .

التالي السابق


(وقال أبو بكر) محمد بن محمود بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم النيسابوري (الرشيدي) الفقيه رحمه الله (رأيت) رباني هذه الأمة (محمدا) بن أسلم (الطوسي المعلم) من الطوس على مرحلتين من نيسابور (في النوم فقال لي: قل لأبي سعيد الصفار المؤدب:


وكنا على أن لا تحول عن الهوى فقد وحياة القلب حلتم وما حلنا

قال: فانتبهت فذكرت ذلك له) أي: لأبي سعيد (فقال لي) إني (كنت أزور قبره كل جمعة فلم أزر هذه الجمعة) نقله القشيري في الرسالة سماعا عن أبي بكر الرشيدي، ومعنى البيت: كنا متعاهدين على أن لا تتغير عن الحب فقد حلتم عن الهوى وما حلنا عنه، فقوله: فقد داخلة على حلتم، وقوله: وحياة القلب؛ قسم معترض بينهما، وفي بعض النسخ الرسالة بعد هذا البيت:


تشاغلتم عنا بصحبة غيرنا وأظهرتم الهجران ما هكذا كنا
لعل الذي يقضي الأمور بعلمه سيجمعنا بعد الممات كما كنا



(وقال ابن راشد) هو محمد بن راشد المكحولي الخزاعي الدمشقي، نزيل البصرة، روى له الأربعة (رأيت) عبد الله ( ابن المبارك في النوم بعد موته، فقلت) له: (أليس قدمت؟ قال: بلى، قلت: فما صنع الله بك؟ قال: غفر لي مغفرة أحاطت كل ذنب، قلت: فسفيان الثوري؟ قال: بخ بخ، ذاك من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين الآية) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المنامات .

(وقال الربيع بن سليمان ) المرادي (رأيت) محمد بن إدريس (الشافعي -رحمة الله عليه- بعد وفاته في المنام فقلت) له: يا أبا عبد الله (ما صنع الله بك؟ قال: أجلسني على كرسي من ذهب ونثر علي اللؤلؤ الرطب) رواه ابن عساكر في التاريخ والبيهقي في المناقب .

(ورأى رجل من أصحاب الحسن البصري ليلة مات الحسن كأن مناديا ينادي: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، واصطفى الحسن بن أبي الحسن البصري على أهل زمانه) ولفظ الرسالة: ورئي الليلة التي مات فيها الحسن البصري كأن أبواب السماء مفتحة، وكأن مناديا ينادي: ألا إن الحسن البصري قدم على الله وهو عنه راض .

(وقال أبو يعقوب القاري الدقيقي) نسبة إلى عمل الدقيق وبيعه (رأيت في منامي رجلا آدم طوالا والناس يتبعونه فقلت: من هذا؟ فقالوا: [ ص: 439 ] أويس القرني) التابعي الزاهد المعروف (فاتبعته فقلت) له: (أوصني رحمك الله، فكلح في وجهي) أي: عبس (فقلت: مسترشد لامتنعت فأرشدني أرشدك الله، فأقبل علي وقال: اتبع رحمة ربك عند محبته واحذر نقمه عند معصيته، ولا تقطع رجاءك منه في خلال ذلك، ثم ولى وتركني) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المنامات .

(وقال أبو بكر) بن عبد الله (بن أبي مريم) الغساني الشامي، وقد ينسب إلى جده، قيل: اسمه بكير، وقيل: عبد السلام، ضعيف، مات سنة ست وخمسين، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه (رأيت ورقاء بن بشر الحضرمي، فقلت) له: (ما فعلت يا ورقاء) وما فعل بك؟ (قال: نجوت بعد كل جهد) أي: مشقة (قلت: فأي أعمال وجدتموها أفضل؟ قال: البكاء من خشية الله) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المنامات .

(وقال يزيد بن نعامة) الضبي أبو عودة البصري، تابعي روى عنه أنس، مقبول، روى له الترمذي (هلكت جارية في الطاعون الجارف) الذي كان وقع بالبصرة، وكان عظيما سمي بالجارف لكونه جرف الناس بأجمعهم فلم يبق منهم إلا القليل، وهو من أعظم طواعين الإسلام (فرآها أبوها في المنام فقال لها: يا بنية أخبريني عن الآخرة. قالت: يا أبت قدمنا على أمر عظيم، نعلم ولا نعمل، وتعملون ولا تعلمون، والله تسبيحة أو تسبيحتان أو ركعة أو ركعتان في فسحة عمل أحب إلي من الدنيا وما فيها) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المنامات .

(وقال بعض أصحاب عتبة) بن أبان (الغلام) هو قدامة بن أيوب العتكي قال: (رأيت عتبة في المنام فقلت: ما صنع الله بك؟ قال: دخلت الجنة بتلك الدعوة المكتوبة في بيتك، قال: فلما أصبحت جئت إلى بيتي، فإذا خط عتبة الغلام في حائط البيت مكتوب: يا هادي المضلين، ويا راحم المذنبين، ويا مقبل عثرات العاثرين، ارحم عبدك إذا الخطر العظيم والمسلمين كلهم أجمعين، واجعلنا مع الأحياء المرزوقين الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، آمين يا رب العالمين) رواه أبو نعيم في الحلية، فقال: حدثنا محمد بن أحمد، حدثنا الحسين بن محمد، حدثنا أبو زرعة، حدثنا هارون، حدثنا سيار، قال: حدثني قدامة بن أيوب العتكي، وكان من أصحاب عتبة الغلام، قال: رأيت عتبة في المنام فقلت: يا أبا عبد الله، ما صنع الله بك؟ قال: يا قدامة دخلت الجنة بتلك الدعوة، فساقه، وفيه: ذا الخطر اليسير والذنب العظيم، والباقي سواء .

(وقال موسى بن حماد: رأيت سفيان الثوري في الجنة يطير من نخلة إلى نخلة ومن شجرة إلى شجرة فقلت: يا أبا عبد الله، بم نلت هذا؟ قال: بالورع، قلت: فما بال علي بن عاصم) بن صهيب الواسطي، مات سنة إحدى ومائتين وقد جاوز التسعين روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه (قال: ذاك لا يكاد يرى إلا كما يرى الكوكب) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المنامات .

(ورأى رجل من التابعين النبي -صلى لله عليه وسلم- في المنام فقال: يا رسول الله، عظني، قال: نعم؛ من لم يتفقد النقصان فهو في نقصان، ومن كان في نقصان فالموت خير له) رواه البيهقي في الزهد من رواية عبد العزيز بن أبي رواد أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في النوم فقال: يا رسول الله، أوصني فقال: من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه شرا فهو ملعون، ومن لم يكن على الزيادة فهو في النقصان فالموت خير له، ومن اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات، وقد تقدم ذلك ورواه الديلمي من رواية محمد بن سوقة عن الحارث عن علي به مرفوعا وسنده ضعيف .

(وقال) محمد بن إدريس (الشافعي -رحمة الله عليه- دهمني في هذه الأيام أمر أمضني) أي: أقلقني وآلمني (ولم يطلع عليه غير الله -عز وجل-، فلما كان البارحة أتاني آت في منامي فقال: يا محمد بن إدريس قل: اللهم إني لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ولا أستطيع أن آخذ إلا ما أعطيتني ولا أتقي إلا ما وقيتني، اللهم فوفقني إلى ما تحب وترضى من القول والعمل في [ ص: 440 ] عافية) قال: (فلما أصبحت أعدت ذلك) أي: كررته (فلما ترحل النهار) أي: ارتفع (أعطاني الله -عز وجل- طلبتي وسهل لي الخلاص مما كنت فيه) من الشدة (فعليكم بهذه الدعوات لا تغفلوا عنها) رواه البيهقي في المناقب .

وقد بقي على المصنف -رحمه الله تعالى- مما أورده القشيري في هذا الباب من الرسالة ما لفظه: وسمعت الأستاذ أبا علي يقول: تعود شاه الكرماني السهر، فغلبه النوم مرة، فرأى الحق سبحانه وتعالى في النوم، فكان يتكلف النوم بعد ذلك، فقيل له في ذلك فقال:


رأيت سرور قلبي في منامي فأحببت التنعس والمناما





وقال بعضهم: في النوم معان ليست في اليقظة، منها أنه يرى المصطفى -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والسلف الصالحين في النوم ولا يراهم في اليقظة، وكذلك يرى الحق في النوم وهذه مزية عظيمة، وقيل: رأى أبو بكر الآجري الحق، سبحانه وتعالى، في النوم فقال: سل حاجتك، فقال: اللهم اغفر لجميع عصاة أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- فقال: أنا أولى بهذا منك، سل حاجتك .

وقال الكتاني : رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام فقال: من تزين للناس بشيء يعلم الله منه خلافه شانه الله، وقال أيضا: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام فقلت: ادع الله تعالى أن لا يميت قلبي، فقال: قل كل يوم أربعين مرة: يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت، فإنه لا يموت قلبك ويكون قلبك حيا أبدا .

ورأى الحسن بن علي - رضي الله عنه- عيسى ابن مريم -عليه السلام- فقال: إني أريد أن أتخذ خاتما فما الذي أكتب عليه؟ فقال: اكتب عليه: لا إله إلا الله الملك الحق المبين، فإنه آخر الإنجيل .

وروي عن أبي يزيد أنه قال: رأيت ربي في المنام، فقلت: كيف الطريق إليك؟ فقال: اترك نفسك وتعال، وقيل: رأى ابن خضرويه ربه في المنام فقال: يا أحمد كل الناس يطلبون مني إلا أبا يزيد فإنه يطلبني .

وقال يحيى بن سعيد القطان : رأيت ربي في المنام فقلت: يا رب كم أدعوك فلا تستجيب لي، فقال: يا أبا يحيى، إني أحب أن أسمع صوتك .

وقال بشر بن الحارث : رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في المنام فقلت: يا أمير المؤمنين، عظني، فقال: ما أحسن عطف الأغنياء على الفقراء طلبا لثواب الله، وأحسن من ذلك تيه الفقراء على الأغنياء ثقة بالله، فقلت: يا أمير المؤمنين زدني فقال:


قد كنت ميتا فصرت حيا وعن قريب تصير ميتا عز بدار الفناء بيت
فابن لدار البقاء بيتا



قلت: وأخرجه ابن عساكر في التاريخ عن أبي يزيد البسطامي قال: رأيت علي بن أبي طالب في النوم، فقلت: يا أمير المؤمنين، علمني كلمة تنفعني، فساقه، وفيه: تواضع بدل وعطف، وفيه: ثقة عند الله، وفيه: قلت: زدني ففتح كفه، فإذا فيها مكتوب بماء الذهب فذكر البيتين والبيت الثاني:

فابن بدار البقاء بيتا واهدم بدار الفناء بيتا

ثم قال القشيري : سمعت الأستاذ أبا علي يقول: رأى الأستاذ أبو سهل الصعلوكي أبا سهل الزجاجي في المنام وكان الزجاجي يقول بوعيد الأبد، فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال الزجاجي : الأمر ههنا أسهل مما كنا نظنه .

ورئي الحسن بن عاصم الشيباني في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: وأيش يكون من الكريم إلا الكرم .

ورئي حبيب العجمي في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك يا حبيب العجمي؟ فقال: هيهات هيهات! ذهبت العجمة وبقيت في النعمة، وقيل: دخل الحسن البصري مسجدا ليصلي المغرب فوجد أمامه حبيبا العجمي فلم يصل خلفه لأنه خاف أن يلحن لعجمة في لسانه، فرأى في المنام تلك الليلة قائلا يقول له: لو صليت خلفه لغفر لك ما تقدم من ذنبك . سمعت أبا بكر بن أشكيب يقول: رأيت الأستاذ أبا سهل الصعلوكي في النوم على حالة حسنة، فقلت: يا أستاذ، بم وجدت هذا؟ قال: بحسن ظني بربي .

ورئي ذو النون المصري في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: كنت أسأله ثلاث حوائج في الدنيا فأعطاني البعض وأرجو أن يعطيني الباقي، كنت أسأله أن يعطيني من العشرة التي على يد رضوان واحدا ويعطيني بنفسه، أو يعذبني عن الواحد الذي بيد مالك بعشرة، ويقول: هو أن يرزقني أن أذكره بلساني الأبدية، وقيل: رئي الشبلي في المنام بعد موته فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: لم يطالبني بالبراهين على الدعاوى إلا على شيء واحد، قلت: يوما لا خسارة أعظم من خسران الجنة ودخول النار، فقال لي: وأي خسارة أعظم من خسران لقائي، وقال الناجي: اشتهيت شيئا فرأيت في المنام قائلا يقول: أيجمل بالحر المريد أن يتذلل للعبيد وهو يجد من مولاه ما يريد؟ وقال ابن [ ص: 441 ] الجلاء: دخلت المدينة وبي فاقة، فتقدمت إلى القبر وقلت: أنا أضيفك فغفوت فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أعطاني رغيفا فأكلت نصفه وانتبهت وبيدي النصف الآخر .

وقال بعضهم: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام يقول: زوروا ابن عوف فإنه يحب الله ورسوله، سمعت منصورا المغربي يقول: رأيت شيخا في بلاد الشام كبير الشأن وكان الغالب عليه الانقباض، فقيل له: إن أردت ينبسط هذا الشيخ معك فسلم عليه وقل له: رزقك الله الحور العين فإنه يرضى منك بهذا الدعاء، فسألت عن سببه فقيل إنه رأى شيئا من الحور في منامه فبقي في قلبه شيء من ذلك، فمضيت إليه وسلمت عليه وقلت: رزقك الله الحور العين؛ فانبسط الشيخ معي .

وقيل: رئي الليلة التي مات فيها مالك بن دينار كأن أبواب السماء قد فتحت وقائلا يقول: ألا إن مالك بن دينار أصبح من سكان الجنة، قال: ورأيت الأستاذ أبا علي في المنام فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: ليس للمغفرة ههنا كبير خطر أقل من حضر ها ههنا خطر فلان أعطي كذا وكذا، ووقع لي في المنام أن ذلك الإنسان الذي عناه قتل نفسا بغير حق .

وقيل: لما مات كرز بن وبرة رئي في المنام كأن أهل القبور خرجوا من قبورهم وعليهم ثياب جدد بيض، فقيل: ما هذا؟ فقالوا: إن أهل القبور كسوا لباسا جددا بيضا لقدوم كرز عليهم .

وحكي عن بعضهم أنه كان يقول أبدا: العافية العافية، فقيل له: ما معنى هذا الدعاء؟ فقال: كنت حمالا في ابتداء أمري وكنت حملت يوما صدرا من الدقيق فوضعته لأستريح فكنت أقول: يا رب لو أعطيتني كل يوم رغيفين من غير تعب لكنت أكتفي بهما، فإذا رجلان يختصمان فتقدمت أصلح بينهما فضرب أحدهما رأسي بشيء أراد أن يضرب به خصمه فدمي وجهي، فجاء صاحب الربع وأخذهما، فلما رآني متلوثا بالدم أخذني فظن أني ممن تشاجر فأدخلني في السجن، فبقيت فيه مدة أوتى كل يوم رغيفين، فرأيت ليلة في المنام: إنك سألتني الرغيفين كل يوم من غير نصب ولم تسألني العافية! فانتبهت. وقلت: العافية العافية، فرأيت باب السجن يقرع، وقيل: أين عمر الحمال؟ وأخرجوني وأخلوا سبيلي .

ويحكى عن الكتاني أنه قال: كان عندنا رجل من أصحابنا هاجت عينه فقيل له: ألا تعالجها؟ فقال: عزمت أن لا أعالجها حتى تبرأ قال: فرأيت في المنام كأن قائلا يقول: لو كان هذا العزم على أهل النار كلهم لأخرجناهم من النار .

وقال البناجي : قيل لي في المنام: من وثق بالله في رزقه زيد في حسن خلقه وسمحت نفسه في نفقته، وقلت وساوسه في صلاته .

وقيل: رأى يزيد الرقاشي النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام فقرأ عليه فقال: هذه القراءة فأين البكاء؟ وقال الجنيد : رأيت في المنام كأن ملكين نزلا من السماء فقال أحدهما: ما الصدق؟ فقلت: الوفاء بالعهد، فقال الآخر: صدق، ثم صعدا .

وقال علي بن الموفق : كنت أفكر يوما في سبب عيالي والفقر الذي بهم، فرأيت في المنام رقعة مكتوبا فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، يا ابن الموفق، أتخشى الفقر وأنا ربك؟ فلما كان وقت الغلس أتاني رجل بكيس فيه خمسة آلاف دينار وقال: خذها إليك يا ضعيف اليقين .

وقال الجنيد: رأيت في المنام كأني واقف بين يدي الله تعالى فقال لي: يا أبو القاسم من أين لك هذا الكلام الذي تقول؟ فقلت: لا أقول إلا حقا، قال: صدقت .

وحكي عن أبي عبد الله بن خفيف قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المنام كأنه قال لي: من عرف طريقا إلى الله تعالى فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله عذابا لم يعذبه أحدا من العالمين .

وقال أبو عثمان المغربي : رأيت في المنام كأن قائلا يقول لي: يا أبا عثمان، اتق الله في الفقراء ولو بقدر سمسمة وقيل: كان بعضهم يقول في دعائه: اللهم الشيء الذي لا يضرك وينفعنا لا تمنعه عنا، فرأى في المنام كأنه قيل له: فأنت فالشيء يضرك ولا ينفعك فدعه .

وحكي عن أبي الفضل الأصبهاني أنه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المنام فقلت له: يا رسول الله، سل الله تعالى أن لا يسلبني الإيمان، فقال: ذلك شيء قد فرغ الله منه .

وروي عن سماك بن حرب أنه قال: كف بصري فرأيت في المنام كأن قائلا يقول لي: ائت القرآن فانغمس فيه وافتح عينك، قال: ففعلت فأبصرت، وقيل: رئي بشر الحافي في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: لما رأيت ربي -عز وجل- قال لي: مرحبا يا بشر لقد توفيتك يوم توفيتك وما على وجه الأرض أحب إلي منك. اهـ نص القشيري في الرسالة، وقد تركت منها بعض أشياء تقدم للمصنف ذكرها فيما سبق .

ومما نقلته من تاريخ ابن عساكر أخرج فيه عن أبي بكر الفزاري قال: بلغني أن بعض إخوان أحمد بن حنبل رآه في النوم، فقال: يا أحمد ما فعل الله بك؟ فقال: أوقفني [ ص: 442 ] بين يديه وقال لي: يا أحمد صبرت على الضرب أن قلت ولم تتغير أن كلامي منزل وغير مخلوق وعزتي لأسمعنك كلامي إلى يوم القيامة فأنا أسمع كلام ربي -عز وجل - .

وعن محمد بن عوف قال: رأيت محمد بن المصفى الحمصي في النوم فقلت: إلام صرت؟ قال: إلى خير، ومع ذلك فنحن نرى ربنا كل يوم مرتين، فقلت: يا أبا عبد الله، صاحب سنة في الدنيا وصاحب سنة في الآخرة، فتبسم إلي .

وعن محمد بن المفضل قال: رأيت منصور بن عمار في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: أوقفني بين يديه وقال لي: كنت تخلط ولكن قد غفرت لك لأنك كنت تحببني إلى خلقي، قم فمجدني بين ملائكتي كما كنت تمجدني في الدنيا، فوضع لي كرسي فمجدت الله بين ملائكته .

ومن طريق أبي الحسن الشعراني، قال: رأيت منصور بن عمار في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: قال لي: أنت منصور بن عمار؟ قلت: بلى يا رب، قال: أنت الذي كنت تزهد الناس في الدنيا وترغب فيها؟! قلت: قد كان ذلك ولكني ما اتخذت مجلسا إلا بدأت بالثناء عليك وثنيت بالصلاة على نبيك وثلثت بالنصيحة لعبادك، قال: صدق، ضعوا له كرسيا يمجدني في السماء كما مجدني في أرضي بين عبادي .

وعن سليم بن منصور بن عمار قال: رأيت أبي في المنام فقلت: ما فعل بك ربك؟ قال: قربني وأدناني، وقال لي: يا شيخ السوء تدري لم غفرت لك؟ قلت: لا يا إلهي قال: إنك جلست للناس يوما مجلسا فبكيتهم، فبكى فيهم عبد من عبادي لم يبك من خشيتي قط، فغفرت له ووهبت أهل المجلس كلهم له ووهبتك فيمن وهبته له .

وعن سلمة بن عفان قال: رأيت وكيعا في المنام فقلت له: ما صنع بك ربك؟ قال: أدخلني الجنة، قلت: بأي شيء؟ قال: بالعلم، وعن أبي يحيى مستملي بن همام قال: رأيت أبا همام في المنام وعلى رأسه قناديل معلقة، فقلت: يا أبا همام، بماذا نلت هذه القناديل؟ قال: هذا بحديث الحوض، وهذا بحديث الشفاعة، وهذا بحديث كذا وعن أبي الربيع الزهراني قال: حدثني جار لي قال: رأيت ابن عون في النوم فقلت: ما صنع الله بك؟ قال: ما غربت الشمس من يوم الإثنين حتى عرضت علي صحيفتي وغفر لي، وكان مات يوم الاثنين .

وعن أبي عمرو الخفاف قال: رأيت محمد بن يحيى الذهبي في النوم فقلت: ما فعل بك ربك؟ فقال: غفر لي، قلت: فما فعل عملك؟ قال كتب بماء الذهب ورفع في عليين .

وعن الأستاذ أبي الوليد قال: رأيت أبا العباس الأصم في المنام فقلت: ماذا انتهى حالك أيها الشيخ؟ فقال: أنا مع أبي يعقوب البويطي والربيع بن سليمان في جوار أبي عبد الله الشافعي نحضر كل يوم ضيافته، وعن سهيل القطعي أخي حزم قال: رأيت مالك بن دينار بعد موته، فقلت له: ماذا قدمت به على الله، قال: قدمت بذنوب كثيرة نحاها عني حسن الظن بالله، وعن امرأة من أهل اليمن قالت: رأيت رجاء بن حيوة في النوم، فقلت: ألم تمت؟ قال: بلى، ولكن نودي في أهل الجنة أن تلقوا الجراح بن عبد الله، وذلك قبل أن يأتي خبر الجراح، ثم جاء نعي الجراح فحسب، فوجدته استشهد بأذربيجان ذلك اليوم .

وعن عقبة بن أبي حكيم عن امرأة من بيت المقدس قالت: كان رجاء بن حيوة جليسا لنا وكان نعم الجليس، فمات فرأيته بعد شهر، فقلت: إلام صرتم؟ قال: إلى خير، ولكنا فزعنا بعدكم فزعة ظننا أن القيامة قد قامت، قلت: وفيم ذلك؟ قال دخل الجراح وأصحابه الجنة بأثقالهم حتى ازدحموا على بابها .

وعن الأصمعي عن أبيه قال: رأى رجل في المنام جريرا الشاعر فقال له: ما فعل بك ربك؟ قال: غفر لي قال: بماذا؟ قال: بتكبيرة كبرتها في ظهر ماء البادية، قال: فما فعل أخوك الفرزدق؟ قال: إنما أهلكه قذف المحصنات .

وعن ثور بن يزيد الشامي قال: رأيت الكميت بن يزيد في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي ونصب لي كرسيا وأجلسني عليه وأمر بإنشاد طريب، فلما بلغت إلى قولي:


حنانيك رب الناس من أن يغرني كما غرهم شرب الحياة المصرم



قال: صدقت يا كميت، إنه ما غرك ما غرهم فقد غفرت لك بصدقتك في صفوتي من بريتي وخيرتي من خليقتي، وجعلت لك بكل منشد أنشد بيتا من مدحك آل محمد رتبة أرفعها له في الآخرة إلى يوم القيامة.

وعن ابن الشعشاع المصري قال: رأيت أبا بكر النابلسي، أحد من قتله بنو عبيد على السنة بعدما قتل في المنام وهو في أحسن هيئة فقلت: له ما فعل الله بك؟ فقال: حياني مالكي بدوام عزة ووعدني بقرب الانتصار وأدناني إليه، وقال: انعم بعيش في جواري .

وعن عبد الرحمن بن مهدي، قال: رأيت سفيان الثوري في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: لم يكن إلا أن وضعت في اللحد ووقفت بين يدي الله فحاسبني حسابا يسيرا، ثم أمر إلى الجنة فبينا أنا بين رياحينها وأشجارها لا أسمع حسا ولا [ ص: 443 ] حركة، فإذا بصوت يقول: يا سفيان بن سعيد، تعلم أنك آثرت الله على نفسك فقلت: أي والله فأخذتني صواني النشار من كل جانب .

وعن أحمد بن حنبل قال: رأيت الشافعي في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وتوجني وزوجني وقال لي: هذا بما لم تزه بما أرضيتك ولم تتكبر فيما أعطيتك . وعن إسماعيل بن إبراهيم الفقيه، قال: رأيت الحافظ أبا أحمد الحاكم في النوم، فقلت: أي الفرق أكثر نجاة عندكم؟ فقال: أهل السنة، وعن خيثمة بن سليمان قال: رأيت عاصما الأطرابلسي أحد الغزاة في النوم بعدما توفي، فقلت: أيش حالك يا أبا علي، فقال: إنا لا نكنى بعد الموت ولم يجبني بغير هذا، فقلت: أيش حالك يا عاصم وإلام صرت؟ قال: صرت إلى رحمة واسعة وإلى جنة عالية، فقلت: بماذا؟ قال: بكثرة جهادي في البحر، وعن مالك بن دينار قال: رأيت مسلم بن يسار في النوم؟ فقلت: ماذا لقيت بعد الموت؟ قال: لقيت أهوالا وزلازل عظاما شدادا، قلت: فمن كان بعد ذلك؟ قال: وما تراه يكون من الكريم؟ قبل مني الحسنات وعفا لنا عن السيئات وضمن لنا التبعات .

وعن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي، قال: رأيت أبا جعفر محمد بن جرير الطبري في النوم، فقلت: كيف رأيت الموت؟ قال: ما رأيت إلا خيرا، قلت: كيف رأيت هول المطلع؟ قال: ما رأيت إلا خيرا، فقلت: إن ربك بك حفي، اذكرنا عند ربك، قال: يا أبا علي تقول: اذكرنا عند ربك، ونحن نتوسل بكم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .

وعن حبيش بن بشر قال: رأيت يحيى بن معين في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: قربني وأعطاني وأدناني وحياني وزوجني ثلاثمائة حوراء وأدخلني عليه مرتين، فقلت: بماذا؟ فأخرج شيئا من كمه، وقال: بهذا، يعني الحديث .

وعن سليمان العمري قال: رأيت أبا جعفر يزيد بن القعقاع القاري في النوم فقال: أقرئ إخواني مني السلام وأخبرهم أن الله جعلني من الشهداء الأحياء المرزوقين، وأقرئ أبا حازم السلام، وقل له: يقول لك أبا جعفر الكيس الكيس؛ فإن الله وملائكته يتراءون مجلسك بالعشيات .

وعن زكريا بن عدي، قال: رأيت ابن المبارك في النوم، فقلت: ما صنع الله بك؟ قال: غفر لي برحلتي، وعن محمد بن فضيل بن عياض قال: رأيت ابن المبارك في النوم، فقلت: أي العمل وجدت أفضل؟ قال: الأمر الذي كنت فيه، قال: الرباط والجهاد؟ قال: نعم .

وعن عبد العزيز قال: رأيت أبي في النوم بعد موته فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل؟ قال: الاستغفار يا بني، وعن عبد الله بن عبد الرحمن قال: رأيت الخليفة المتوكل في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قلت: غفر لك وقد عملت ما عملت، قال: نعم؛ بالقليل من السنة التي أظهرتها .

وعن عبد الله بن صالح الصوفي قال: رئي بعض أصحاب الحديث في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي قيل: بأي شيء قال: بصلاتي في كتبي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم - .

وعن يزيد بن نعامة قال: رأى رجل ميتا، فقال له الميت: يا فلان أخبر الناس أن وجه عمر بن قيس يوم القيامة مثل القمر ليلة البدر، وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: رأيت أبي في المنام وعليه قلنسوة طويلة فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: زينني بزينة العلم قلت: فأين مالك بن أنس؟ قال: مالك فوق فوق، فلم يزل يقول: فوق فوق ويرفع رأسه حتى سقطت القلنسوة من رأسه، وعن يحيى بن إسماعيل المحاملي قال: رأيت القاشاني في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ فأومأ إلى أنه نجا بعد شدة قلت: فما تقول في أحمد بن حنبل، قال: غفر الله له، قلت: فبشر الحافي قال: تجيئه الكرامة من الله في كل يوم مرتين، وعن عاصم الحربي قال: رأيت في المنام كأني دخلت درب هشام فلقيني بشر الحافي، فقلت: من أين؟ قال: من عليين، قلت: ما فعل أحمد بن حنبل؟ قال: تركت الساعة أحمد بن حنبل وعبد الوهاب الوراق بين يدي الله يأكلان ويشربان ويتنعمان قلت: فأنت؟ قال: علم الله قلة رغبتي في الطعام فأبى حتى النظر إليه .

وعن أبي جعفر السقاء قال: رأيت بشرا الحافي ومعروفا الكرخي في النوم كأنهما جائيان فقلت: من أين؟ فقالا: من جنة الفردوس، وقد زرنا موسى كليم الرحمن -عز وجل - .

وعن القاسم بن منبه قال: رأيت بشرا الحافي في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، وقال لي: يا بشر قد غفرت لك ولكل من تبع جنازتك، فقلت: يا رب ولكل من أحبني، قال: ولكل من أحبك إلى يوم القيامة .



وعن أحمد الدورقي قال: مات جار لي فرأيته في النوم وعليه حلتان، قلت: أيش قصتك؟ قال: دفن في مقبرتنا بشر الحافي فكسي أهل المقبرة حلتان حلتان . وعن حجاج بن الشاعر قال: رئي بشر الحافي في النوم، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وقال: يا بشر، ما عبدتني على قدر ما نوهت باسمك، وعن رجل أنه رأى بشرا في النوم، فقال: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، وقال لي: [ ص: 444 ] يا بشر، لو سجدت لي على الجمر ما كافأت ما جعلت لك في قلوب عبادي، وعن محمد بن خزيمة قال: لما مات أحمد بن حنبل اغتممت غما شديدا فبت ليلتي فرأيته في المنام وهو يتبختر في مشيته، فقلت: يا أبا عبد الله، أي مشية هذه؟! فقال: مشية الخدام في دار السلام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وتوجني وألبسني نعلين من ذهب، وقال: يا أحمد، هذا بقولك إن القرآن كلامي، ثم قال: يا أحمد ادعني بتلك الدعوات التي كنت تدعو بها في دار الدنيا، فقلت: يا رب كل شيء، فقال: هيه، فقلت: بقدرتك على كل شيء، فقال لي: صدقت، فقلت: لا تسألني عن شيء واغفر لي كل شيء، قال: قد فعلت، ثم قال: يا أحمد هذه الجنة؛ فقم فادخل إليها بسلام فدخلت، فإذا بسفيان الثوري وله جناحان أخضران يطير بهما من نخلة إلى نخلة ويقول: الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين فقلت له: ما فعل عبد الوهاب الوراق؟ قال: تركته بين يدي الجليل وبين يديه مائدة من الطعام والجليل يقبل عليه ويقول: كل يا من لم يأكل واشرب يا من لم يشرب وانعم يا من لم يتنعم في دار الدنيا .

وعن دلف ابن أبي دلف العجلي قال: رأيت أبي في المنام في دار وحشة وعرة سوداء الحيطان وإذا في أرضها أثر الرماد، وإذا أبي عريان واضعا رأسه بين ركبتيه، فقال لي كالمستفهم: دلف؟ قلت: نعم، أصلح الله الأمير، فأنشأ يقول:


أبلغن أهلها ولا تخف عنهم ما لقينا في البرزخ الخناق قد سئلنا عن كل ما قد فعلنا
فارحموا وحشتي وما قد ألاقي

أفهمت؟ قلت: نعم، ثم أنشأ يقول:


فلو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا فنسأل بعده عن كل شي

انصرف، قال: فانتبهت .

وعن الأصمعي عن أبيه قال: رأيت الحجاج في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: قتلني بكل قتلة قتلت بها إنسانا، ثم رأيته بعد حول فقلت: ما صنع الله بك؟ فقال: أما سألت عن هذا عام أول؟

وعن عمر بن عبد العزيز قال: رأيت في النوم جيفة ملقاة، فقلت: ما هذا؟ قالوا: إنك إن كلمته كلمك، فوكزته برجلي فرفع رأسه إلي وفتح عينه، فقلت له: من أنت؟ قال: أنا الحجاج قدمت على الله فوجدته شديد العقاب فقتلني بكل قتلة، وها أنا ذا موقوف بين يدي الله أنتظر ما ينتظر الموحدون من ربهم إما إلى الجنة وإما إلى النار .

وعن أبي الحسين قال: رأيت فيما يرى النائم كأني أدخلت موضعا واسعا وإذا رجل على السرير قاعد وبين يديه رجل يقلى، قلت: من هذا القاعد؟ قيل: إن ذا يزيد النحوي وهذا أبو مسلم يعني الخراساني صاحب الدعوة يقلى بين يديه، قلت: فما حال إبراهيم الصائغ؟ قال: ذاك في أعلى عليين، ومن يصل إليه؟ !

وعن أحمد بن عبد الرحمن المعبر قال: رأيت صالح بن عبد القدوس ضاحكا مستبشرا فقلت: ما فعل بك ربك؟ وكنت أتخوف مما كنت ترمى به من الزندقة قال: إني وردت على رب لا تخفى عليه خافية فاستقبلني برحمته وقال: قد علمت براءتك مما كنت ترمى به. وعن بعض المكيين قال: رأيت سعيد بن سالم القداح في النوم فقلت: من أفضل من في هذه المقبرة؟ قال: صاحب هذا القبر، قلت: بم فضلكم؟ قال: إنه ابتلي فصبر قلت: ما فعل فضيل بن عياض؟ قال: هيهات! كسي حلة لا تقوم لها الدنيا بحواشيها .

وعن أبي الفرج غيث بن علي الأرمنازي قال: رأيت أبا الحسن العاقولي المقري في النوم على هيئة صالحة فسألته عن حاله فذكر خيرا قلت: أليس قدمت؟ قال: بلى، قلت: فكيف رأيت الموت؟ قال: حسن أو جيد وهو مستبشر، قلت: غفر لك ودخلت الجنة؟ قال: نعم، قلت: فأي الأعمال أنفع؟ قال: ما ثم شيء أنفع من الاستغفار أكثر منه .

وعن الحسن بن قريش الحراني قال: رأيت أبا جور الأمير في النوم، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قلت: بماذا؟ قال: بضبطي لطرق المسلمين وطريق الحاج .

وعن أبي نصر بن ماكولا قال: رأيت في المنام كأني أسأل عن حال أبي الحسن الدارقطني في الآخرة، فقيل لي: ذاك يدعى في الجنة الإمام .

وعن عبد الله بن صالح قال: رئي أبو نواس في المنام وهو في نعمة كبيرة فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وأعطاني هذه النعمة قيل: وبماذا وقد كنت مخلطا؟ قال: جاء بعض الصالحين إلى المقابر في ليلة من الليالي فبسط رداءه وصلى ركعتين قرأ فيهما ألفي مرة قل هو الله أحد، وجعل ثوابهما لأهل المقابر فغفر الله لأهل المقابر عن آخرهم، فدخلت أنا في جملتهم، وعن محمد بن [ ص: 445 ] نافع قال: قال رأيت أبا نواس وأنا بين النائم واليقظان فقلت: أبو نواس قال: لات حين كنية، قلت: الحسن بن هانئ قال: نعم قلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بأبيات قلتها هي تحت الوسادة فأتيت أهله فرفعت الوسادة، فإذا برقعة فيها مكتوب:


يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن فمن الذي يدعو ويرجو المجرم
أدعوك رب كما أمرت تضرعا فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم؟!
ما لي إليك وسيلة إلا الرجا وجميل عفوك ثم إني مسلم



وعن أبي بكر الأصبهاني قال: رئي أبو نواس في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بأبيات قلتها في النرجس:


تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك
عيون في لجين فاخرات وأحداق كما الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك



وعن عبد الله بن محمد المروزي قال: مات يعقوب بن سفيان الحافظ فرأيته في النوم فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وأمرني أن أحدث في السماء كما كنت أحدث في الأرض، فحدثت السماء الرابعة فاجتمع الملائكة واستملى علي جبريل وكتبوا بأقلام من ذهب .

وعن أبي عبيد بن حربويه أن رجلا حضر جنازة السري السقطي، فلما كان في بعض الليل رآه في النوم، فقال: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي ولمن حضر جنازتي وصلى علي، قال: فإني ممن حضر جنازتك وصلى عليك، فأخرج درجا فنظر فيه فلم ير فيه اسمه، فقال: بلى؛ قد حضرت، قال: فنظر، فإذا اسمه في الحاشية .

وعن أبي القاسم ثابت بن أحمد بن الحسين البغدادي قال: رأيت أبا القاسم سعد بن محمد الزنجاني في النوم يقول لي مرة بعد أخرى: يا أبا القاسم إن الله -عز وجل- يبني لأهل الحديث بكل مجلس يجلسونه بيتا في الجنة .

وعن محمد بن مسلم بن دارة قال: رأيت أبا زرعة في المنام، فقلت له: ما حالك؟ قال: أحمد الله على الأحوال كلها إني حضرت فوقفت بين يدي الله تعالى، فقال لي: يا عبيد الله لم تذرعت في القول في عبادي؟ قلت: يا رب إنهم حاولوا دينك، قال: صدقت، ثم أتي بطاهر الخلقاني، فاستعديت عليه إلى ربي ،فضربه الحد مائة، ثم أمر به إلى الحبس، ثم أطلقوا عبيد الله بأصحابه بأبي عبد الله، وأبي عبد الله سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وأحمد بن حنبل .

وعن حفص بن عبد الله قال: رأيت أبا زرعة في النوم بعد موته يصلي في سماء الدنيا بالملائكة قلت: بما نلت هذا؟ قال: كتبت بيدي ألف ألف حديث أقول فيها على النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا، وعن يزيد بن مخلد الطرسوسي قال: رأيت أبا زرعة بعد موته يصلي في السماء الدنيا بقوم عليهم ثياب بيض وعليه ثياب بيض وهم يرفعون أيديهم في الصلاة فقلت: يا أبا زرعة، من هؤلاء؟ قال: الملائكة، قلت: بأي شيء أدركت هذا؟ قال: برفع اليدين في الصلاة، فقلت: إن الجهمية قد آذوا أصحابنا بالري، قال: اسكت؛ فإن أحمد بن حنبل قد سد عليهم الماء من فوق .

وعن أبي العباس المرادي قال: رأيت أبا زرعة في النوم، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: لقيت ربي، فقال لي: يا أبا زرعة إني أوتى بالطفل فآمر به إلى الجنة، فكيف بمن حفظ السنن على عبادي؟! فتبوأ من الجنة حيث شئت .

انتهى ما اخترته من تاريخ ابن عساكر ومما انتقيته من كتاب المنامات لابن أبي الدنيا .

أخرج عن شهر بن حوشب أن الصعب بن جثامة وعوف بن مالك كانا متواخيين، فقال الصعب لعوف : أي أخي، أينا مات قبل صاحبه فليتراءى له، قال: أويكون ذلك؟ قال: نعم؛ فمات الصعب فرآه عوف في المنام، فقال: ما فعل بك؟ قال: غفر لي بعد المشاق، قال: ورأيت لمعة سوداء في عنقه، قلت: ما هذه؟ قال: عشرة دنانير أسلفتها من فلان اليهودي فهي في قرني، والقرن محركة جعبة النشاب؛ فأعطوه إياها، واعلم أنه لم يحدث في أهلي حدث بعد موتي إلا قد لحق بي خبره حتى هرة ماتت منذ أيام، واعلم أن ابنتي تموت إلى ستة أيام؛ فاستوصوا بها معروفا، قال عوف: فلما أصبحت أتيت أهله فنظرت إلى القرن فأنزلته، فإذا فيه عشرة دنانير في صرة فبعثت إلى اليهودي، فقلت له: هل كان لك على صعب شيء؟ فقال: رحم الله صعبا، كان من خيار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أسلفته عشرة دنانير، فنبذتها إليه، قال: هي والله بأعيانها [ ص: 446 ] فقلت: هل حدث فيكم حدث بعد موت الصعب؟ قالوا: نعم، حدث فينا فما زالوا يذكرون حتى ذكروا موت الهرة، قلت: أين ابنة أخي؟ قالوا: تلعب فمسستها، فإذا هي محمومة، فقلت: استوصوا بها معروفا، فماتت لستة أيام.

وعن محمد بن النضر الحارثي، قال: رأى مسلمة بن عبد الملك عمر بن عبد العزيز، فقال: يا أمير المؤمنين ليت شعري! إلى أي الحالات صرت بعد الموت؟ قال: يا مسلمة، هذا أوان فراغي، والله ما استرحت إلى الآن، قلت: فأين أنت؟ قال: أنا مع أئمة الهدى في جنات عدن.

وعن أبي بكر الخياط قال: رأيت كأني دخلت المقابر، فإذا أهل القبور جلوس على قبورهم بين أيديهم الريحان وإذا أنا بمحفوظ قائما فيما بينهم يذهب ويجيء، فقلت: يا محفوظ، ما صنع بك ربك؟ أوليس قدمت؟ قال: بلى، ثم قال:


موت التقي حياة لا نفاد لها قد مات قوم وهم في الناس أحياء



وعن سلمة البصري قال: رأيت بزيغ بن مسور العابد في منامي وكان كثير الذكر لله، كثير الذكر للموت، طويل الاجتهاد، قلت: كيف رأيت موضعك؟ قال:


وليس يعلم ما في القبر داخله إلا الإله وساكن الأجداث



وعن بشر بن المفضل قال: رأيت بشر بن منصور في النوم، فقلت له: يا أبا محمد، ما صنع بك ربك؟ قال: وجدت الأمر أهون مما كنت أحمل على نفسي.

وعن حفص المرهبي قال: رأيت داود الطائي في منامي فقلت: أبا سليمان كيف رأيت الآخرة؟ قال: رأيت خير الآخرة كثيرا، قلت: فماذا صرت إليه؟ قال: صرت إلى خير والحمد لله، قلت: فهل لك من علم سفيان بن عيينة؛ فقد كان يحب الخير وأهله؟ قال: فتبسم، ثم قال: رقاه الخير إلى درجة أهل الخير.

وعن عتبة بن حمزة عن أبيه قال: لقيت عمتي في المنام، فقلت: كيف أنت؟ قالت: بخير، قد وفيت عملي حتى أعطيت ثواب خلاط أطعمته، والخلاط: اللبن بالبقل.

وعن عبد الملك الليثي قال: رأيت عامر بن قيس في النوم، فقلت: ما وجدت؟ قال: خيرا، قلت: أي العمل وجدت أفضل؟ قال: كل شيء أريد به وجه الله -عز وجل-.

وعن أبي عبد الله الحجري، قال: مات عم لي فرأيته في النوم وهو يقول: الدنيا غرور، والآخرة للعاملين سرور، ولم نر شيئا مثل اليقين والنصح لله والمسلمين، لا تحقرن من المعروف شيئا، واعمل عمل من يعلم أنه مقصر.

وعن الأصمعي قال: رأيت شيخا من البصريين من أصحاب يونس بن عبيد وقد مات فقلت: من أين أقبلت؟ قال: من عند يونس الطبيب، قلت: من يونس الطبيب؟ قال: الفقيه اللبيب، قلت: ابن عبيد؟ قال: نعم، قلت: وأين هو؟ قال: في مجالس الأرجوان مع الجواري الأبكار قرت عيناه بصحة تقواه، وعن ميمون الكردي قال: رأيت عروة البزار في النوم بعد موته فقال: إن لفلان السقاء علي درهما وهو في كوة في بيتي فخذه وادفعه إليه، قال: فلما أصبحت لقيت السقاء، فقلت له: لك عند عروة شيء؟ فقال: نعم؛ درهم، فدخلت بيته فوجدت الدرهم في الكوة فدفعته إلى السقاء.

وعن رجل من أهل الكوفة قال: رأيت سويد بن عمرو الكلبي في النوم بعد ما مات في حال حسنة قلت: يا سويد ما هذه الحال الحسنة؟ قال: إني كنت أكثر من قول: لا إله إلا الله، فأكثر منها، ثم قال: إن داود الطائي ومحمد بن النضر الحارثي طلبا أمرا فأدركاه.

وعن إبراهيم ابن المنذر الحزامي قال: رأيت الضحاك بن عثمان في النوم، فقلت: ما فعل بك ربك؟ قال: في السماء، ما تريد؟ من قال: لا إله إلا الله تعلق بها ومن لم يقلها هوى.

وعن محمد بن عبد الرحمن المخزومي قال: رأى رجل ابن عائشة التميمي في النوم فقال: له ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بحبي إياه.

وعن السري بن يحيى عن والان بن عيسى عن رجل من قزوين، وكان من الصالحين، قال: اغتر بي القمر ليلة فخرجت إلى المسجد فصليت وسبحت ودعوت، فغلبتني عيناي؛ فرأيت جماعة أعلم أنهم ليسوا بالآدميين بأيديهم أطباق عليها أربعة أرغفة ببياض الثلج فوق كل رغيف در أمثال الرمان، فقالوا: كل، فقلت: إني أريد الصوم قال: يأمرك صاحب هذا البيت أن تأكل؛ فأكلت وجعلت آخذ ذلك الدر لأحتمله، فقيل له: دعه نغرسه لك شجرا ينبت لك خيرا من هذا، قلت: أين؟ قال: في دار لا تخرب وثمر لا يتغير وملك لا ينقطع وثياب لا تبلى، فيها رضوى وعين وقرة عين أزواج رضيات مرضيات لا يتغيرن؛ فعليك بالانكماش فيما أنت فيه، فإنما هي غفوة حتى ترتاح فتنزل الدار، قال: فما مكث إلا جمعتين حتى توفي؟ قال السري: فرأيته في الليلة التي توفي فيها وهو يقول لي: ألا تعجب من شجر غرس لي يوم حدثتك وقد حمل، قلت: حمل ماذا؟ قال: لا تسأل ما لا يقدر على صفته أحد، لم نر مثل الكريم إذا حل به [ ص: 447 ] مطيع، وعن إسماعيل بن عبد الله بن ميمون، قال: رأيت علي بن محمد بن عمران بن أبي ليلى في النوم، فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل؟ قال: المعرفة، قلت: ما تقول في الرجل يقول: حدثنا وأخبرنا؟ فقال: قال: إني أبغض المباهاة.

وعن بعض أصحاب مالك بن دينار أنه رأى مالك بن دينار في النوم، فقال: ما صنع الله بك؟ قال: خيرا، لم نر مثل العمل الصالح، لم نر مثل الصحابة الصالحين، لم نر مثل السلف الصالح، لم نر مثل مجالس الصالحين.

وعن عبد الوهاب بن يزيد الكندي قال: رأيت أبا عمر الضرير فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي ورحمني، قلت: فأي الأعمال وجدت أفضل؟ قال: ما أنتم عليه من السنة والعلم، قلت: فأي الأعمال وجدت شرا؟ قال: احذر الأسماء، قلت: وما الأسماء؟ قال: قدري ومعتزلي ومرجئي؛ فجعل يعد أسماء أصحاب الأهواء.

وعن أبي بكر الصيرفي، قال: مات رجل كان يشتم أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- ويرى رأي جهم فأريه رجل في النوم كأنه عريان وعلى رأسه خرقة سوداء وعلى عورته أخرى، فقال: ما فعل الله بك؟ قال: جعلني مع بكر القس وعون بن الأعسر، وهذان نصرانيان.

وعن شيخ قال: مات جار لي وكان ممن يخوض في هذه الأمور فأريته في النوم، كان أعور، فقلت: يا فلان، ما هذا الذي أرى بك؟ قال: تنقصت أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- فنقصني هذا، وضع يده على عينه الذاهبة. وعن أبي جعفر المديني قال: رأيت محمود بن حميد في منامي، وكان من العاملين عليه وعليه ثوبان أخضران، فقلت: إلام صرت بعد الموت؟ فنظر إلي، ثم أنشأ يقول:


نعم المتقون في الخلد حقا بجوار نواهد أبكار

قال أبو جعفر : ما سمعته من أحد قبله.

وعن إياس بن دغفل قال: رأيت أبا العلاء يزيد بن عبد الله فيما يرى النائم، فقلت: كيف وجدت طعم الموت؟ قال: وجدته مرا كريها، قلت: فماذا صرت إليه بعد الموت؟ قال: صرت إلى روح وريحان ورب غير غضبان، قلت: فأخوك مطرف؟ قال: فأتني بيقينه.

وعن المنكدر بن محمد بن المنكدر، قال: رأيت في منامي كأني دخلت مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإذا الناس مجتمعون على رجل في الروضة، فقلت: من هذا؟ قيل: رجل قدم من الآخرة يخبر الناس عن موتاهم، فجئت أنظر فإذا الرجل صفوان بن سليم، قال: والناس يسألونه وهو يخبرهم، فقال: أما ههنا أحد يسألني عن محمد بن المنكدر؟! فطفق الناس يقولون: هذا ابنه، هذا ابنه. ففرجت الناس، فقلت: أخبرنا رحمك الله، قال: أعطاه الله من الجنة كذا وأعطاه كذا وأرضاه وأسكنه منازل في الجنة وبوأه، فلا طغى عليه ولا موت.

وعن أبي كريمة قال: جاءني رجل قال: رأيت كأني أدخلت الجنة فانتهيت إلى روضة فيها أيوب ويونس وابن عون والتميمي، فقلت: أين سفيان الثوري؟ قالوا: ما نرى ذاك إلا كما نرى الكوكب الدري.

وعن مالك بن دينار قال: رأيت محمد بن واسع في الجنة ورأيت محمد بن سيرين في الجنة فقلت: أين الحسن؟ قالوا: عند سدرة المنتهى.

وعن يزيد بن هارون قال: رأيت محمد بن يزيد الواسطي في المنام فقلت: ما صنع الله بك؟ قال: غفر لي، قلت: بماذا؟ قال: بمجلس جلسه إلينا أبو عمرو البصري يوم الجمعة بعد العصر، فدعا وأمنا؛ فغفر لنا.

وعن عقبة ابن أبي ثبيت قال: رأيت خليد بن سعيد في منامي بعد موته فقلت: ما صنعت؟ قال: أفلتنا ولم نكد، قلت: متى عهدكم بالقرآن؟ قال: لا عهد لنا به منذ فارقناكم. انتهى نص ابن أبي الدنيا .




الخدمات العلمية