الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 146 ] باب التشهد لسجود السهو بعد السلام

                                                                                                                                            1028 - ( عن عمران بن حصين { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم } . رواه أبو داود والترمذي )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وحسنه الترمذي . وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، وصححه ابن حبان وضعفه البيهقي وابن عبد البر وغيرهما . قالوا : والمحفوظ في حديث عمران أنه ليس فيه ذكر التشهد ، وإنما تفرد به أشعث عن ابن سيرين ، وقد خالف فيه غيره من الحفاظ عن ابن سيرين . وقد أخرج النسائي الحديث بدون ذكر التشهد وفي الباب عن ابن مسعود عند أبي داود والنسائي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث وأربع وأكثر ظنك على أربع تشهدت ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم ثم تشهدت أيضا ثم تسلم } قال البيهقي : هذا حديث مختلف في رفعه ، ومتنه غير قوي ، وهو من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال البيهقي : مرسل . وقد ضعف الحافظ في الفتح إسناد هذا الحديث .

                                                                                                                                            وعن المغيرة بن شعبة عند البيهقي : { أن النبي صلى الله عليه وسلم تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي السهو } . قال البيهقي : تفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الشعبي ، ولا يفرح بما تفرد به : وقال في المعرفة : لا حجة فيما تفرد به لسوء حفظه وكثرة خطئه في الروايات انتهى . وقد أخرج حديث المغيرة الترمذي من رواية هشام عن ابن أبي ليلى المذكور ، ولم يذكر فيه التشهد بعد سجدتي السهو .

                                                                                                                                            وعن عائشة عند الطبراني ، وفيه : { وتشهدي وانصرفي ثم اسجدي سجدتين وأنت قاعدة ثم تشهدي } الحديث .

                                                                                                                                            وفي إسناده موسى بن مطير عن أبيه وهو ضعيف وقد نسب إلى وضع الحديث .

                                                                                                                                            وقد استدل بحديث عمران وما ذكر معه من الأحاديث على مشروعية التشهد في سجدتي السهو ، فإذا كان بعد السلام كما في حديث عمران ، فقد حكى الترمذي عن أحمد وإسحاق أنه يتشهد وهو قول بعض المالكية والشافعية ، ونقله أبو حامد الإسفراييني عن القديم من قولي الشافعي ، وفي مختصر المزني سمعت الشافعي يقول : إذا سجد بعد السلام تشهد ، أو قبل السلام أجزأه التشهد الأول ، وإذا كان قبل السلام ، فالجمهور على أنه لا يعيد التشهد . وحكى ابن عبد البر عن الليث أنه يعيده .

                                                                                                                                            وعن البويطي والشافعي مثله ، وخطؤه في هذا النقل فإنه لا يعرف . وعن عطاء : يتخير . واختلف فيه عند المالكية . وحديث ابن مسعود يدل على مشروعية التشهد في سجود السهو قبل السلام وفيه المقال الذي تقدم . قال الحافظ في الفتح : قد [ ص: 147 ] يقال : إن الأحاديث الثلاثة ، يعني حديث عمران وابن مسعود والمغيرة باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن .

                                                                                                                                            قال العلائي : وليس ذلك ببعيد ، قد صح ذلك عن ابن مسعود في قوله : أخرجه ابن أبي شيبة . واعلم أن المراد بالتشهد المذكور في سجود السهو هو التشهد المعهود في الصلاة لا كما قاله الإمام المهدي في البحر : إنه الشهادتان في الأصح لعدم وجدان ما يدل على الاقتصار على البعض من التشهد الذي ينصرف إليه مطلق التشهد . .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية