الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              في حكم الرضاع الطارئ على النكاح تحريما وغرما ( تحته صغيرة فأرضعتها ) من تحرم عليه بنتها كأن أرضعتها ( أمه أو أخته ) أو زوجة أصله أو فرعه أو أخيه [ ص: 294 ] بلبنهم من نسب أو رضاع ( أو زوجة أخرى ) له موطوءة ( انفسخ نكاحه ) من الصغيرة لأنها صارت محرمة عليه أبدا وكذا من الكبيرة في الأخيرة لأنها صارت أم زوجته وخرج بالموطوءة غيرها فتحرم المرضعة فقط إن كان الإرضاع بغير لبنه كما يأتي ( وللصغيرة ) عليه ( نصف مهرها ) المسمى إن صح وإلا فنصف مهر مثلها لأنها فورقت قبل الوطء لا بسببها ( وله ) إن كان حرا وإلا فلسيده وإن كان الفوات إنما هو على الزوج ( على المرضعة ) المختارة إن لم يأذن لها ولم تكن مملوكة له أو كانت مكاتبته ( نصف مهر مثل ) وإن لزمها الإرضاع لتعينها لأن غرامة المتلف لا تتأثر بذلك ولزمها النصف اعتبارا لما يجب له بما يجب عليه أي في الجملة فلا ينافي أن نصف مهر المثل اللازم قد يزيد على نصف المسمى أما المكرهة فيلزمها ذلك لكن لا بطرق الاستقرار على المعتمد وإنما هي طريق والقرار على مكرهها ولو حلبت لبنها ثم أمرت أجنبيا يسقيه لها كان طريقا والقرار عليها على ما في المعتمد ونظر فيه الأذرعي إذا كان المأمور مميزا لا يرى تحتم طاعتها أي [ ص: 295 ] والذي يتجه في المميزات الغرم عليه فقط وفيمن يرى تحتم الطاعة أنه عليها فقط ( وفي قول ) له عليها ( كله ) أي مهر المثل لأنه قيمة البضع الذي فوتته وعلى الأول فارقت شهود طلاق رجعوا فإنهم يغرمون الكل بأنهم أحالوا بينه وبين حقه الباقي بزعمه فكانوا كغاصب حال بين المالك وحقه وأما الفرقة هنا فحقيقة بمنزلة التلف فلم تغرم المرضعة إلا ما أتلفته وهو ما غرمه فقط .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              في حكم الرضاع الطارئ على النكاح تحريما وغرما [ ص: 294 ]

                                                                                                                              ( قوله موطوءة ) قد يقال لا محل له لأن الكلام في الانفساخ وهو عام في الموطوءة وغيرها كما يصرح به قول المصنف الآتي ولو كانت تحته صغيرة وكبيرة إلخ فتأمله مع شرحه ( قوله وخرج بالموطوءة غيرها فتحرم المرضعة فقط ) لا يخفى عدم مناسبة ذلك لأن الكلام في الانفساخ فكيف يقيد بالموطوءة ويحترز بالتقييد عن عدم تحريم الصغيرة في الجملة مع عموم الانفساخ فهذا التقييد وهذا الاحتراز مما لا وجه له بل الصواب ترك التقييد وتعميم الانفساخ وإحالة التحريم على ما يأتي أو بيانه هنا بل بعد بيان الانفساخ فليتأمل ( قوله فتحرم المرضعة فقط إن كان الإرضاع بغير لبنه ) أي بخلاف الصغيرة لأنها ربيبة وهي لا تحرم قبل الدخول وبخلاف ما لو كان الإرضاع بلبنه فتحرم الصغيرة أيضا لأنها بنته وقوله كما يأتي أي في قوله ولو كان تحته صغيرة وكبيرة إلخ ( قوله فلا ينافي أن نصف مهر المثل اللازم قد يزيد إلخ ) هذا يدل على صحة المسمى إذا كان دون مهر المثل وفيه نظر لامتناع النقص عن مهر مثل الصغيرة في تزويجها إلا أن يكون المسمى قدر مهر المثل حال النكاح ثم يزيد مهر المثل حال [ ص: 295 ] الإرضاع ( قوله والذي يتجه إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله في المتن وفي قول كله ) ولو نكح عبد أمة صغيرة مفوضة بتفويض سيدها فأرضعتها أمة مثلا فلها المتعة في كسبه ولا يطالب سيده المرضعة إلا بنصف مهر المثل وإنما صوروا ذلك بالأمة لأنه غير متصور في الحرة لانتفاء الكفاءة شرح م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في حكم الرضاع الطارئ على النكاح )

                                                                                                                              ( قوله في حكم الرضاع ) إلى الفصل في النهاية ( قول المتن تحته صغيرة إلخ ) أي لو كان تحته زوجة صغيرة ا هـ مغني ( قوله من تحرم عليه بنتها ) إلى قوله ولو حلبت لبنها في المغني إلا قوله موطوءة وقوله وخرج إلى المتن وقوله أي في الجملة إلى أما المكرهة ( قوله كأن أرضعتها ) [ ص: 294 ] وإنما زاد ما بعد الكاف لمجرد المحافظة على إعراب المتن ( قوله بلبنهم ) أما إذا كان اللبن من غير الأصل والفرع والأخ فلا يؤثر لأن غايته أن تصير ربيبة أصله أو فرعه أو أخيه وليست بحرام عليه ا هـ مغني ( قوله من نسب أو رضاع ) راجع لما في المتن والشرح معا ( قوله موطوءة ) سيأتي ما فيه ا هـ سم ( قول المتن انفسخ نكاحه ) يتردد في حكم هذا الإرضاع المؤدي إلى تفويت زوجة على زوجها والتفريق بينهما وظاهر كلامهم الجواز ولو قيل بالحرمة أي حيث لم يتعين لما فيه من الإضرار لم يبعد ا هـ سيد عمر وقوله ولو قيل بالحرمة إلخ أقول هذا لا محيد عنه إلا إذا وجد نص بخلافه ( قوله لأنها صارت محرمة عليه أبدا ) لأنها صارت أخته أو بنت أخته أو أخته أيضا أو بنت ابنه أو بنت أخيه أو بنت زوجته ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله وخرج بالموطوءة غيرها فتحرم إلخ ) لا يخفى عدم مناسبة ذلك لأن الكلام في الانفساخ فكيف يقيد بالموطوءة ويحترز بالتقييد عن عدم تحريم الصغيرة مع عموم الانفساخ فهذا التقييد وهذا الاحتراز مما لا وجه له بل الصواب ترك التقييد وتعميم الانفساخ وإحالة التحريم على ما يأتي أو بيانه هنا بعد بيان الانفساخ فليتأمل ا هـ سم وقد يجاب بأن التقييد بذلك ليصدق على زوجة أخرى قوله السابق من تحرم عليه بنتها لأن بنتها لا تحرم إلا إذا كانت موطوءة . ( قوله فتحرم المرضعة فقط إلخ ) أي بخلاف الصغيرة لأنها ربيبته وهي لا تحرم قبل الدخول ا هـ سم ( قوله إن كان الإرضاع بغير لبنه ) فإن كان بلبنه فتحرم الصغيرة أيضا لكونها صارت بنته ا هـ سم زاد ع ش ويمكن تصوير إرضاعها بلبنه مع كونها غير موطوءة له بأن استدخلت ماءه المحترم فإن الولد المنعقد منه يلحقه ويصير اللبن له ا هـ وإنما قال ويمكن إلخ إذ المراد بالوطء في هذا الباب ما يشمل دخول الماء المحترم ( قوله كما يأتي ) أي في قوله ولو كان تحته صغيرة وكبيرة إلخ هـ سم ( قوله وللصغيرة عليه ) أي على الزوج ولو عبدا فإنه يؤخذ من كسبه للصغيرة نصف المسمى إن كان صحيحا وإلا فنصف مهر المثل وسكت المصنف عن مهر الكبيرة وحكمه أنه إن كانت مدخولا بها فلها المهر وإلا فلا ا هـ مغني ( قوله وإلا فلسيده إلخ ) لأن ذلك بدل البضع فكان للسيد كعوض الخلع مغني ( فرع )

                                                                                                                              لو نكح عبد أمة صغيرة مفوضة بتفويض سيدها فأرضعتها أمة مثلا فلها المتعة في كسبه ولا يطالب سيده المرضعة إلا بنصف مهر المثل نهاية ومغني وأسنى ( قوله إن لم يأذن لها ) فإن أذن لها في الإرضاع فلا غرم وإكراهه لها على الإرضاع إذن وزيادة مغني فلو اختلفا فيه صدق أي بيمينه لأن الأصل عدم الإذن ع ش ( قوله أو كانت مكاتبته ) معطوف على قوله ولم تكن مملوكة أي أو كانت مملوكة له لكنها مكاتبته ا هـ رشيدي عبارة المغني فإن كانت مملوكته ولو مدبرة أو مستولدة فلا رجوع له عليها وإن كانت مكاتبته رجع عليها بالغرم ما لم تعجز ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لتعينها ) متعلق بلزمها إلخ ( قوله المتلف ) بفتح اللام أو كسرها ( قوله قد يزيد ) أي في حال الإرضاع لا العقد وإلا فلا يصح المسمى لامتناع النقص عن مهر مثل الصغيرة في تزويجها ا هـ سم ( قوله ولو حبلت ) أي أمه مثلا وقوله لها أي الصغيرة ( قوله على ما في المعتمد ) عبارة النهاية كما في المعتمد ووقع في أصل التحفة ضرب على ما في وهو تصرف من المصلح مفسد ولعله لم يستحضر أن في هذا المذهب كتابا اسمه المعتمد فليتأمل وليحرر [ ص: 295 ] ا هـ سيد عمر عبارة ع ش قوله كما في المعتمد أي للبندنيجي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فارقت ) أي المرضعة ( قوله شهود طلاق ) أي قبل الدخول ا هـ مغني ( قوله بزعمه ) هلا قال بزعمهم إذ هو أقوى في الفرق كما لا يخفى ا هـ رشيدي عبارة المغني بزعم الزوج والشهود ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وهو ما غرمه فقط ) أي في الجملة كما مر آنفا




                                                                                                                              الخدمات العلمية