الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4467 حدثنا حجاج بن منهال حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي قال حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة قال قيس وفيهم نزلت هذان خصمان اختصموا في ربهم قال هم الذين بارزوا يوم بدر علي وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن قيس بن عباد ) بضم المهملة وتخفيف الموحدة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن علي قال : أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن يوم القيامة قال قيس ) هو ابن عباد الراوي المذكور ( وفيهم نزلت ) ، وهذا ليس باختلاف على قيس بن عباد في الصحابي ، بل رواية سليمان التيمي عن أبي مجلز تقتضي أن عند قيس عن علي هذا القدر المذكور هنا فقط ، ورواية أبي هاشم عن أبي مجلز تقتضي أن عند قيس عن أبي ذر ما سبق ، لكن يعكر على هذا أن النسائي أخرج من طريق يوسف بن يعقوب عن سليمان التيمي بهذا الإسناد إلى علي قال : " فينا نزلت هذه الآية وفي مبارزتنا يوم بدر : هذان خصمان " ورواه أبو نعيم في " المستخرج " من هذا الوجه وزاد في أوله ما في رواية معتمر بن سليمان ، وكذا أخرجه الحاكم من طريق أبي جعفر الرازي ، وكذا ذكر الدارقطني في " العلل " أن كهمس بن الحسن رواه كلاهما عن سليمان التيمي ، وأشار الدارقطني إلى أن روايتهم مدرجة وأن الصواب رواية معتمر . قلت : وقد رواه عبد بن حميد عن يزيد بن هارون وعن حماد بن مسعدة كلاهما عن سليمان التيمي كرواية معتمر ، فإن كان محفوظا فيكون الحديث عند قيس عن أبي ذر وعن علي معا بدليل اختلاف سياقهما . ثم ينظر بعد ذلك في الاختلاف الواقع عن أبي مجلز في إرساله حديث أبي ذر ووصله ، فوصله عنه أبو هاشم في رواية الثوري وهشيم عنه ، وأما سليمان التيمي فوقفه على قيس ، وأما منصور فوقفه على أبي مجلز ، ولا يخفى أن الحكم للواصل إذا كان حافظا ، وسليمان وأبو هاشم متقاربان في الحفظ فتقدم رواية من معه زيادة ، والثوري أحفظ من منصور فتقدم روايته ، وقد وافقه شعبة عن أبي هاشم أخرجه الطبراني ، على أن الطبري أخرجه من وجه آخر عن جرير عن منصور موصولا ، فبهذا التقرير يرتفع اعتراض من ادعى أنه مضطرب كما أشرت إلى ذلك في المقدمة ، وإنما أعيد مثل هذا لبعد العهد به والله المستعان . وقد روى الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس أنها نزلت في أهل الكتاب والمسلمين ، ومن طريق الحسن قال : هم الكفار والمؤمنون ، ومن طريق مجاهد هو اختصام المؤمن والكافر في البعث ، واختار الطبري هذه الأقوال في [ ص: 299 ] تعميم الآية قال : ولا يخالف المروي عن علي وأبي ذر لأن الذين تبارزوا ببدر كانوا فريقين مؤمنين وكفار ، إلا أن الآية إذا نزلت في سبب من الأسباب لا يمتنع أن تكون عامة في نظير ذلك السبب .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( سورة المؤمنون - بسم الله الرحمن الرحيم ) سقطت البسملة لغير أبي ذر .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وقال ابن عيينة سبع طرائق سبع سماوات ) هو في تفسير ابن عيينة من رواية سعد بن عبد الرحمن المخزومي عنه وأخرجه الطبري من طريق ابن زيد بن أسلم مثله .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( سابقون سبقت لهم السعادة ) ثبتت لغير أبي ذر وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وقلوبهم وجلة خائفين ) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله وقلوبهم وجلة قال يعملون : خائفين ، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله وقلوبهم وجلة قال خائفة . وللطبري من طريق يزيد النحوي عن عكرمة مثله وفي الباب عن عائشة قالت : يا رسول الله في قوله تعالى وقلوبهم وجلة أهو الرجل يزني ويسرق وهو مع ذلك يخاف الله قال لا ، بل هو الرجل يصوم ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله أخرجه الترمذي وأحمد وابن ماجه وصححه الحاكم .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وقال ابن عباس هيهات هيهات بعيد بعيد ) وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس مثله ، وروى عبد بن حميد عن سعيد عن قتادة قال تباعد ذلك في أنفسهم ، وقال الفراء : إنما دخلت اللام في لما توعدون لأن هيهات أداة ليست بمأخوذة من فعل بمنزلة قريب وبعيد كما تقول : هلم لك فإذا قلت أقبل لم تقل لك .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( فاسأل العادين الملائكة ) كذا لأبي ذر فأوهم أنه من تفسير ابن عباس ، ولأبي ذر والنسفي وقال مجاهد : فاسأل إلخ ، وهو أولى ، فقد أخرجه الفريابي من طريقه . وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله العادين قال الحساب أي بضم أوله والتشديد .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( تنكصون تستأخرون ) ثبت عند النسفي وحده ، ووصله الطبري من طريق مجاهد .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 300 ] قوله ( لناكبون لعادلون ) في رواية أبي ذر " وقال ابن عباس لناكبون إلخ " ووصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه وفي كلام أبي عبيدة مثله زاد : ويقال نكب عن الطريق أي عدل عنه .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( كالحون عابسون ) وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس مثله ، ومن طريق أبي الأحوص عن ابن مسعود قال مثل كلوح الرأس النضيخ ، وكشر عن ثغره . وأخرجه الحاكم وصححه من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا " تشويه النار فتقلص شفته العليا وتسترخي السفلى " .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وقال غيره من سلالة الولد ، والنطفة السلالة ) سقط وقال غيره لغير أبي ذر فأوهم أنه من تفسير ابن عباس أيضا وليس كذلك وإنما هو قول أبي عبيدة قال في قوله ولقد خلقنا الإنسان من سلالة السلالة الولد والنطفة السلالة قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                                        وهل هند إلا مهرة عربية سلالة أفراس تحللها بغل

                                                                                                                                                                                                        انتهى وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله من سلالة استل آدم من طين وخلقت ذريته من ماء مهين . وقد استشكل الكرماني ما وقع في البخاري فقال لا يصح تفسير السلالة بالولد لأن الإنسان ليس من الولد بل الأمر بالعكس ثم قال لم يفسر السلالة بالولد بل الولد مبتدأ وخبره السلالة والمعنى السلالة وما يستل من الشيء كالولد والنطفة انتهى وهو جواب ممكن في إيراد البخاري وكلام أبي عبيدة يأباه ، ولم يرد أبو عبيدة تفسير السلالة بالولد أنه المراد في الآية وإنما أشار إلى أن لفظ السلالة مشترك بين الولد والنطفة والشيء الذي يستل من الشيء وهذا الأخير هو الذي في الآية ولم يذكره استغناء بما ورد فيها وتنبيها على أن هذه اللفظة تطلق أيضا على ما ذكر .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( والجنة والجنون واحد ) هو قول أبي عبيدة أيضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( والغثاء الزبد وما ارتفع عن الماء وما لا ينتفع به ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى فجعلناهم غثاء الغثاء الزبد وما ارتفع على الماء من الجيف مما لا ينتفع به . وفي رواية عنه وما أشبه ذلك مما لا ينتفع به في شيء وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله ( غثاء ) قال : هو الشيء البالي .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( يجأرون يرفعون أصواتهم كما تجأر البقرة ) ثبت هذا هنا للنسفي وتقدم في أواخر الزكاة وسيأتي في كتاب الأحكام لغيره مثله .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( على أعقابكم رجع على عقبيه ) هو قول أبي عبيدة .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( سامرا من السمر والجمع السمار والسامر هاهنا في موضع الجمع ) ثبت هنا للنسفي وقد تقدم في أواخر المواقيت .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( تسحرون تعمون من السحر ) . [ ص: 301 ]




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية