الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فصل ( ما ذكره الهيثم بن عدي من خروج الحارث بن راشد الناجي على علي بن أبي طالب بعد النهروان )

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر الهيثم بن عدي أنه خرج على علي ، رضي الله عنه ، [ ص: 644 ] بعد قتله أهل النهروان رجل يقال له : الحارث بن راشد الناجي . قدم مع أهل البصرة ، فقال لعلي : إنك قد قاتلت أهل النهروان في كونهم أنكروا عليك قضية التحكيم ، وتزعم أنك قد أعطيت أهل الشام عهودك ومواثيقك ، وأنك لست بناقضها ، وهذان الحكمان قد اتفقا على خلعك ، ثم اختلفا في ولاية معاوية ; فولاه عمرو بن العاص ، وامتنع أبو موسى من ولايته ، فأنت مخلوع باتفاقهما ، وأنا قد خلعتك وخلعت معاوية معك . واتبع الحارث على مقالته هذه بشر كثير من قومه - بني ناجية وغيرهم - وتحيزوا ناحية ، فبعث إليهم علي معقل بن قيس الرياحي في جيش كثيف فقتلهم معقل قتلا ذريعا ، وسبى من بني ناجية خمسمائة أهل بيت ، فقدم بهم على علي ، فتلقاه رجل يقال له : مصقلة بن هبيرة ، أبو المغلس - وكان عاملا لعلي على بعض الأقاليم - فتضرع السبي إليه وشكوا ما هم فيه ، فاشتراهم مصقلة من معقل بخمسمائة ألف وأعتقهم ، فطالبه بالثمن فهرب منه إلى ابن عباس إلى البصرة ، فكتب معقل إلى ابن عباس في ذلك ، فقال له مصقلة : إني إنما [ ص: 645 ] جئت لأدفع ثمنهم إليك . ثم هرب من ابن عباس إلى علي ، فطالبه علي بالثمن ، فدفع إليه من الثمن مائتي ألف ، ثم هرب ، فلحق بمعاوية بن أبي سفيان بالشام ، فأمضى علي عتقهم ، وقال : ما بقي من المال في ذمة مصقلة ؟ وأمر بداره في الكوفة فهدمت .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد روى الهيثم ، عن سفيان الثوري ، وإسرائيل ، عن عمار الدهني ، عن أبي الطفيل أن بني ناجية ارتدوا فبعث إليهم معقل بن قيس فسباهم ، فاشتراهم مصقلة من علي بثلاثمائة ألف فأعتقهم ، ثم هرب إلى معاوية . قال الهيثم : وهذا قول الشيعة ولم يسمع بحي من العرب ارتدوا عن الإسلام بعد الردة التي كانت في أيام الصديق . وقال الهيثم : حدثني عبيد الله بن تميم بن طرفة الطائي ، حدثني أبي ، أن عدي بن حاتم قال مرة لعلي بن أبي طالب ، وهو يخطب : قتلت أهل النهروان على إنكار الحكومة ، وقتلت الخريت بن راشد على مسألته إياك الحكومة ، والله ما بينهما موضع قدم . فقال له علي : [ ص: 646 ] اسكت إنما كنت أعرابيا تأكل الضبع بجبلي طيء بالأمس . فقال له عدي : وأنت والله قد رأيناك بالأمس تأكل البلح بالمدينة . قال الهيثم : ثم خرج رجل على علي من أهل البصرة فقتل ، فأمر أصحابه عليهم الأشرس بن عوف الشيباني ، فقتل هو وأصحابه . قال : ثم خرج عليه الأشهب بن بشر البجلي ، ثم أخذ عرينة من أهل الكوفة فقتل هو وأصحابه . قال : ثم خرج على علي سعيد بن قفل التيمي ; تيم ثعلبة ، من أهل الكوفة ، فقتل بقنطرة درزيجان فوق المدائن . قال الهيثم : أخبرني بذلك عبد الله بن عياش عن مشيخته .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية