الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن انتسب إلى شيخ من شيوخ المسلمين، وابتدع في الدين ما لم يأذن به الله، ونسب بدعته إلى ذلك; فهو كاذب عليه مفتر إن كان الشيخ مهتديا في ذلك، وإلا كان الشيخ قد أخطأ وضل إن ثبت أنه خالف السنة النبوية.

وليس لأحد أن يطيع أحدا في خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان من أكابر مشايخ الدين وأئمة المسلمين. قال الله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [النساء: 65]. [و] قال تعالى: إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا [النور: 51]. [ ص: 223 ]

وقال تعالى: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا [النساء: 60 - 61].

فكل من دعي إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصد عن ذلك وأعرض عنه، طاعة لبعض السادة والكبراء في الدين أو في الدنيا فهو منافق أخذ بنصيب من حال الذين تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا [الأحزاب: 66 - 68].

وهؤلاء الذين يبتدعون في الدين كشف الرؤوس، وتفتيل الشعور، وإظهار الخزعبلات، مثل اللعب بالحيات والنار واللاذن والزعفران والسكر والدم هم مبتدعون في ذلك ضالون مضلون.

وكل من كان صالحا وليا، فهو بريء من هذه البدع والضلالات والأكاذيب والتلبيسات.

وأما أولياء الله تعالى فهم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا [ ص: 224 ] وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة [يونس: 61 - 63]. فقد وصف الأولياء بالإيمان والتقوى.

وقد فسر الله -سبحانه وتعالى- التقوى في قوله: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون [البقرة: 177].

والله هو المسؤول أن يجمع لكم ولسائر المسلمين خير الدنيا والآخرة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا.

علقه لنفسه محمد بن أحمد بن علي الخطيب، من أصل حسين بن إبراهيم بن أحمد بن سونج، وعليه خط الشيخ -رضي الله عنه-. وذلك في سابع عشر شهر رمضان سنة ست وثلاثين وسبعمائة.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية