الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ( 43 ) وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ( 44 ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ( مهطعين ) قال قتادة : مسرعين .

                                                                                                                                                                                                                                      قال سعيد بن جبير : الإهطاع النسلان كعدو الذئب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد : مديمي النظر .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى " الإهطاع " : أنهم لا يلتفتون يمينا ولا شمالا ولا يعرفون مواطن أقدامهم .

                                                                                                                                                                                                                                      ( مقنعي رءوسهم ) أي : رافعي رءوسهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال القتيبي : المقنع : الذي يرفع رأسه ويقبل ببصره على ما بين يديه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن : وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء ، لا ينظر أحد إلى أحد .

                                                                                                                                                                                                                                      ( لا يرتد إليهم طرفهم ) أي : لا ترجع إليهم أبصارهم من شدة النظر ، وهي شاخصة قد شغلهم ما بين أيديهم .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وأفئدتهم هواء ) أي : خالية . قال قتادة : خرجت قلوبهم عن صدورهم ، فصارت في حناجرهم ، لا تخرج من أفواههم ولا تعود إلى أماكنها ، فالأفئدة هواء لا شيء فيها ، ومنه سمي ما بين السماء والأرض هواء لخلوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : خالية لا تعي شيئا ولا تعقل من الخوف .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الأخفش : جوفاء لا عقول لها ، والعرب تسمي كل أجوف خاو هواء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال سعيد بن جبير : " وأفئدتهم هواء " أي : مترددة ، تمور في أجوافهم ، ليس لها مكان تستقر فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وحقيقة المعنى : أن القلوب زائلة عن أماكنها ، والأبصار شاخصة من هول ذلك اليوم .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وأنذر الناس ) خوفهم ( يوم ) أي : بيوم ( يأتيهم العذاب ) وهو يوم القيامة ( فيقول الذين ظلموا ) أشركوا ( ربنا أخرنا ) أمهلنا ( إلى أجل قريب ) هذا سؤالهم الرد [ ص: 360 ] إلى الدنيا ، أي : ارجعنا إليها ( نجب دعوتك ونتبع الرسل ) فيجابون :

                                                                                                                                                                                                                                      ( أولم تكونوا أقسمتم من قبل ) حلفتم في دار الدنيا ( ما لكم من زوال ) عنها أي : لا تبعثون . وهو قوله تعالى : ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ) ( النحل - 38 ) .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية