الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          474 حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال ما أخبرني أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى إلا أم هانئ فإنها حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل فسبح ثمان ركعات ما رأيته صلى صلاة قط أخف منها غير أنه كان يتم الركوع والسجود قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وكأن أحمد رأى أصح شيء في هذا الباب حديث أم هانئ واختلفوا في نعيم فقال بعضهم نعيم بن خمار وقال بعضهم ابن همار ويقال ابن هبار ويقال ابن همام والصحيح ابن همار وأبو نعيم وهم فيه فقال ابن حماز وأخطأ فيه ثم ترك فقال نعيم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عيسى وأخبرني بذلك عبد بن حميد عن أبي نعيم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( ما أخبرني أحد ) وفي رواية ابن شيبة عن ابن أبي ليلى : أدركت الناس وهم متوافرون فلم يخبرني أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى إلا أم هانئ وهذا إخبار عن عدم وصول الخبر إليه فلا يلزم عدمه . إلا أم هانئ بهمزة بعد النون واسمها فاختة بنت أبي طالب أخت علي شقيقته .

                                                                                                          قوله : ( سبح ثمان ركعات ) قال الحافظ زاد كريب عن أم هانئ : فسلم من كل ركعتين ; أخرجه ابن خزيمة ، وفيه رد على من تمسك به في صلاتها موصولة سواء صلى ثمان ركعات أو أقل . وفي الطبراني من حديث ابن أبي أوفى : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح ركعتين ، وهو محمول على أنه رأى من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ، ورأت أم هانئ بقية الثمان ، وهذا يقوي أنه صلاها مفصولة ، انتهى كلام الحافظ ( غير أنه كان يتم الركوع والسجود ) قال الطيبي : استدل به على استحباب صلاة الضحى وفيه نظر لاحتمال أن يكون السبب فيه التفرغ لمهمات الفتح لكثرة شغله به . وقد ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الضحى فطول فيها أخرجه ابن أبي شيبة من حديث حذيفة ، واستدل بهذا الحديث على إثبات سنة الضحى ، وحكى عياض عن قوم أنه ليس في حديث أم هانئ دلالة على ذلك ، قالوا : وإنما هي سنة الفتح ، وقد صلاها خالد بن الوليد في بعض فتوحه كذلك . وقد قيل : إنها كانت قضاء عما شغل عنه تلك الليلة من حزبه ، وتعقبه النووي بأن الصواب صحة الاستدلال به لما رواه أبو داود وغيره من طريق كريب عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى سبحة الضحى . ولمسلم في كتاب الطهارة ، ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى . وروى ابن عبد البر في التمهيد من طريق عكرمة بن خالد عن أم هانئ قالت : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فصلى ثمان ركعات فقلت : ما هذه ؟ فقال : هذه صلاة الضحى .

                                                                                                          [ ص: 477 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .

                                                                                                          قوله : ( وكأن أحمد رأى أصح شيء في الباب حديث أم هانئ ) قال الحافظ وهو كما قال .

                                                                                                          قوله : ( واختلفوا في نعيم ) بالتصغير أي في اسم أبيه ( فقال بعضهم نعيم بن خمار ) بفتح الخاء المعجمة وشدة الميم وبراء ( وقال بعضهم ابن همار ) بفتح الهاء وشدة الميم وبراء ( ويقال ابن هبار ) بفتح الهاء وشدة الموحدة وبراء ( ويقال ابن همام ) بميمين ( والصحيح ابن همار ) قال الحافظ في التقريب : رجح الأكثر أن اسم أبيه همار ، انتهى .

                                                                                                          وقال الغلابي عن ابن معين : أهل الشام يقولون : نعيم بن همار وهم أعلم به كذا في تهذيب التهذيب ( وأبو نعيم وهم فيه ) أبو نعيم هذا هو فضل بن دكين وهو من كبار شيوخ البخاري أي أبو نعيم فضل بن دكين وهم في اسم والد نعيم المذكور ( أخبرني بذلك عبد بن حميد ) بن نصر الكشي أبو محمد قيل اسمه عبد الحميد وبذلك جزم ابن حبان وغير واحد ثقة حافظ ، انتهى . قلت : روى عنه مسلم والترمذي وغيرهما .




                                                                                                          الخدمات العلمية