الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 320 ] ( وتعطى الكسوة أول شتاء ) لتكون عن فصلها وفصل الربيع ( و ) أول ( صيف ) لتكون عنه وعن الخريف هذا وإن وافق أول وجوبها أول فصل الشتاء وإلا أعطيت وقت وجوبها ثم جددت بعد كل ستة أشهر من ذلك نعم ما يبقى سنة فأكثر كفرش وبسط وجبة يعتبر في تجديدها العادة الغالبة كما مر ( فإن تلفت ) الكسوة ( فيه ) أي أثناء الفصل ( بلا تقصير لم تبدل إن قلنا تمليك ) كنفقة تلفت في يدها وبلا تقصير أي منها ليس قيدا لما بعده بل عدم الإبدال مع التقصير أولى بل لمقابله وهو الإمتاع [ ص: 321 ] أما منه فهو قيد لما بعده ومن ثم صرح ابن الرفعة بأنها لو بليت أثناء الفصل لسخافتها أبدلها لتقصيره ( فإن ) نشزت أثناء الفصل سقطت فإن عادت للطاعة كان أول فصل الكسوة ابتداء عودها ولا حساب لما قبل النشوز من ذلك الفصل لأنه بمنزلة يوم النشوز وإن ( ماتت ) أو مات ( فيه لم ترد ) إن قلنا تمليك وأفهم ( ترد ) أنها قبضتها فإن وقع موت أو فراق قبل قبضها وجب لها من قيمة الكسوة ما يقابل زمن العصمة على ما بحثه ابن الرفعة ونقل عن الصيمري لكن أفتى المصنف بوجوبها كلها وإن ماتت أول الفصل وسبقه إلى نحوه الروياني واعتمده جمع متأخرون منهم الأذرعي والبلقيني وأطال في الانتصار له قال ولا يهول عليه بأنها كيف تجب كلها بعد مضي لحظة من الفصل لأن ذلك جعل وقتا للإيجاب فلم يفترق الحال بين قليل الزمان وطويله أي ومن ثم ملكتها بالقبض وجاز لها التصرف فيها بل لو أعطاها كسوة أو نفقة مدة مستقبلة جاز وملكت بالقبض لتعجيل الزكاة ويسترد أن حصل مانع وفي القياس على تعجيل الزكاة نظر لأن له سببين دخل وقت أحدهما ومن ثم لم يجز لسنتين وليس هنا إلا سبب واحد هو أول اليوم أو الفصل إلا أن يقال النكاح هو السبب الأول فحينئذ يجوز التعجيل مطلقا ( ولو لم يكس ) ها أو ينفقها ( مدة ) هي ممكنة فيها ( ف ) الكسوة والنفقة لجميع ما مضى من تلك المدة ( دين ) لها عليه إن قلنا تمليك لأنها استحقت ذلك في ذمته ( فرع )

                                                                                                                              ادعت نفقة أو كسوة ماضية كفى في الجواب لا تستحق على شيئا وكذا نفقة اليوم إلا إن عرف التمكين على ما بحثه بعضهم وفيه نظر بل الأوجه أنه يكفي وإن عرف ذلك لأن نشوز لحظة يسقط نفقة جميعه كما يأتي وتصدق بيمينها في عدم النشوز وعدم قبض النفقة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن وتعطى الكسوة أول شتاء وصيف ) هل هي كالنفقة فلا تخاصم فيها قبل تمام الفصل كما لا تخاصم في النفقة في أثناء اليوم أو المخاصمة من أول الفصل ويجبر الزوج على الدفع حينئذ ويفرق بأن الضرر بتأخير الكسوة إلى آخر الفصل أشد من الضرر بتأخير النفقة إلى آخر اليوم فيه نظر والمتجه الثاني ثم أوردت ذلك على م ر فوافق على ما استوجهته فليراجع ( قوله في المتن وتعطى الكسوة إلخ ) قال الدميري والظاهر أن هذا التقدير في غالب البلاد التي تبقى فيها الكسوة هذه المدة فلو كانوا في بلاد لا تبقى فيها هذه المدة لفرط الحرارة أو لرداءة ثيابها وقلة مادتها أتبعت عادتهم وكذلك إن كانوا يعتادون ما تبقى سنة مثلا كالأكسية الوثيقة والجلود كأهل السواد بالسين المهملة فالأشبه اعتبار عادتهم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله هذا إن وافق أول وجوبها أول فصل الشتاء وإلا إلخ ) عبارة شرح الروض تعطاها أول كل منهما أي الشتاء والصيف فلو عقد عليها في أثناء أحدهما فحكمه يعلم مما يأتي في نظيره من النفقة أول الباب الآتي ا هـ وأشار بما يأتي إلى ما قدمه الشارح في قول المصنف على موسر لزوجته كل يوم عن الإسنوي فيما لو حصل التمكين عند الغروب لكن حاصل الذي تقدم أنه يجب القسط فلينظر ما المراد بالقسط هنا ( قوله يعتبر في تجديدها العادة ) ويؤخذ من وجوب تجديدها على الزوج على العادة وجوب إصلاحها المعتاد كالمسمى [ ص: 321 ] بالتنجيد م ر ( قوله أما منه ) هو محترز قوله قبل أي منها ( قوله أبدلها ) هلا وجب التفاوت فقط ( قوله كان أول فصل الكسوة إلخ ) هذا صريح في أنه يحسب لها بعد عودها إلى الطاعة ما بقي من الفصل الذي نشزت في أثنائه وفيه نظر على أن الهاء في لأنه بمنزلة إلخ إن عادت للفصل دل على عدم حسبان ما بقي فيخالف ما بقي وبالجملة فالوجه سقوط جميع الفصل وإن عادت إلى الطاعة كما في نظيره من اليوم إلا أن يوجد نقل بخلاف ذلك فليراجع ثم رأيت م ر عبر بقوله فإن عادت للطاعة اتجه عودها من أول الفصل المستقبل ولا يحسب ما بقي من ذلك الفصل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لكن أفتى المصنف إلخ ) اعتمده م ر ( قوله إلا أن يقال النكاح إلخ ) اعتمده م ر ( قوله في المتن فدين ) أما الإخدام في حالة وجوبه لو مضت مدة لم يأت لها فيه بمن يقوم به فلا مطالبة لها به كما أفتى به شيخنا الشهاب الرملي م ر ش ( قوله كفى في الجواب لا تستحق إلخ ) قضية كفاية ذلك أن القول قوله بيمينه على عدم الاستحقاق فلو أجاب بامتنعت أو نشزت فالقول قولها بيمينها كما سيأتي قريبا في الشرح



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن وتعطى الكسوة إلخ ) هل هي كالنفقة فلا تخاصم فيها قبل تمام الفصل كما لا تخاصم في أثناء اليوم أو المخاصمة من أول الفصل ويجبر الزوج على الدفع من حينئذ ويفرق بأن الضرر بتأخير الكسوة إلى آخر الفصل أشد من الضرر بتأخير النفقة إلى آخر اليوم فيه نظر والمتجه الثاني ثم أوردت ذلك على م ر فوافق على ما استوجهته فليراجع سم على حج ا هـ ع ش ( قوله لتكون عن فصلها ) إلى قوله فإن نشزت في النهاية ( قول المتن أول شتاء وصيف ) قال الدميري والظاهر إن هذا التقدير في غالب البلاد التي تبقى فيها الكسوة هذه المدة فلو كانوا في بلاد لا تبقى فيها هذه المدة لفرط الحرارة أو لرداءة ثيابها وقلة بقائها اتبعت عادتهم وكذا إن كانوا يعتادون ما يبقى سنة مثلا كالأكسية الوثيقة والجلود كأهل السراة بالسين المهملة فالأشبه اعتبار عادتهم ا هـ سم على حج ويفهم من اعتبار العادة أنهم لو اعتادوا التجديد كل ستة أشهر مثلا فدفع لها من ذلك ما جرت به عادتهم فلم يبل من تلك المدة وجوب تجديده على العادة لأنها ملكت ما أخذته عن تلك المدة دون ما بعدها ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله هذا وإن وافق ) إلى قول المتن فإن ماتت في المغني ( قوله هذا إن وافق إلخ ) وعليه فلا خصوصية لأول الشتاء ولا لأول الصيف بل المدار حينئذ على وقت الوجوب ا هـ رشيدي عبارة ع ش وقوله وإلا أعطيت وقت وجوبها إلخ هذا مشكل فإن المناسب للشتاء غير المناسب للصيف والفصل على هذا الوجه قد يكون ملفقا من شتاء وصيف هذا وقال سم عبارة شرح الروض فلو عقد عليها في أثناء أحدهما فحكمه يعلم مما يأتي في نظيره من النفقة أول الباب الآتي انتهت وأشار بما يأتي إلى ما قدمه الشارح في قول المصنف على موسر لزوجته إلخ عن الإسنوي فيما لو حصل التمكين عند الغروب من أنه يجب القسط فلينظر ما المراد بالقسط ا هـ أقول وينبغي أن يعتبر قيمة ما يدفع إليها عن جميع الفصل فيسقط عليه ثم ينظر لما مضى قبل التمكين ويجب قسط ما بقي من القيمة فيشتري لها به من جنس الكسوة ما يساويه والخيرة لها في تعيينه ا هـ ع ش أي ويبتدأ بعد تلك البقية فصولا كوامل دائما قليوبي ( قوله كفرش ) أي وآلات ا هـ ع ش ( قوله يعتبر في تجديدها إلخ ) يؤخذ منه وجوب إصلاحها المعتاد كالمسمى بالتنجيد م ر سم على حج ومثل ذلك إصلاح ما أعده لها من الآلة كتبييض النحاس ا هـ ع ش ( قوله العادة الغالبة ) أي فإن تلفت قبل العادة الغالبة فيها لم يجب التجديد ا هـ ع ش ( قوله وبلا تقصير ) مبتدأ خبره قوله ليس قيدا عبارة المغني ( تنبيه )

                                                                                                                              قوله بلا تقصير ليس بشرط لعدم الإبدال فإنه مع التقصير أولى ولكنه [ ص: 321 ] شرط لمفهوم قوله إن قلنا تمليك فإنه يفهم الإبدال إن قلنا إمتاع كما تقدم بشرط عدم التقصير ويمكن أن يقال المراد بلا تقصير من الزوج فلو دفع إليها كسوة سخيفة فبليت إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أما منه ) محترز قوله أي منها ا هـ سم ( قوله أبدلها ) هلا وجب التفاوت فقط ا هـ سم ( قوله سقطت كسوتها ) قضيته أنه لو كان دفعها لها قبل النشوز استردها لسقوطها عنه وهو ظاهر ا هـ ع ش ( قوله كان أول فصل الكسوة إلخ ) فيه نظر والوجه سقوط جميع الفصل وإن عادت إلى الطاعة كما في نظيره من اليوم إلا أن يوجد نقل بخلاف ذلك فليراجع ثم رأيت شرح م ر عبر بقوله فإن عادت للطاعة اتجه عودها من أول الفصل المستقبل ولا يحسب ما بقي من ذلك الفصل انتهى ا هـ سم ( قوله لأنه بمنزلة يوم النشوز ) فيه أن المتبادر عود الضمير إلى الفصل فيفيد التعليل حينئذ عدم حسبان ما بقي فيخالف ما قبله ا هـ سم أي من حسبان الفصل بأول عودها وعدم تأثير النشوز إلا فيما مضى ا هـ رشيدي ( قوله وإن ماتت ) أي أو أبانها بطلاق أو غيره ا هـ مغني ( قوله أو مات ) إلى الفرع في النهاية .

                                                                                                                              ( قوله وإن قلنا تمليك ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله أو فراق ) أي بطلاق أو غيره ( قوله لكن أفتى المصنف بوجوبها إلخ ) وهو المعتمد نهاية ومغني ( قوله ولا يهول عليه إلخ ) التهويل التقريع والمراد به هنا أنه لا يبالغ في التشنيع بالاعتراض عليه ا هـ ع ش ( قوله لأن ذلك إلخ ) تعليل لعدم التهويل ( قوله بل لو أعطاها إلخ ) عبارة المغني ولو أعطاها كسوة سنة أو نفقة يومين مثلا فماتت في أثناء الفصل الأول منها أو اليوم الأول من اليومين استرد كسوة الفصل الثاني ونفقة اليوم الثاني كالزكاة المعجلة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأن له ) أي لوجوب الزكاة ( قوله سببين ) أحدهما النصاب والآخر الحول ا هـ كردي ( قوله مطلقا ) أي يومين أو فصلين فأكثر ا هـ كردي ( قوله المتن دين ) أما الإخدام في حالة وجوبه لو مضت مدة ولم يأت لها فيه بمن يقوم به فلا مطالبة لها به كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى شرح م ر ا هـ سم قال ع ش ومثل الإخدام الإسكان ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كفى في الجواب إلخ ) قضيته أن القول قوله بيمينه على عدم الاستحقاق فلو أجاب بأنفقت أو نشزت فالقول قولها بيمينها كما سيأتي قريبا في الشرح ا هـ سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية