الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4502 حدثني إسحاق بن نصر حدثنا أبو أسامة عن الأعمش حدثنا أبو صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرا بله ما أطلعتم عليه ثم قرأ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون قال أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح قرأ أبو هريرة قرات أعين

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( دخرا ) بضم الدال المهملة وسكون المعجمة منصوب متعلق بأعددت أي : جعلت ذلك لهم مدخورا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( من بله ما أطلعتم عليه ) قال : الخطابي كأنه يقول : دع ما أطلعتم عليه فإنه سهل في جنب ما ادخر لهم . قلت : وهذا لائق بشرح " بله " بغير تقدم " من " عليها ، وأما إذا تقدمت " من " عليها فقد قيل : هي بمعنى كيف ويقال : بمعنى أجل ، ويقال : بمعنى غير أو سوى وقيل : بمعنى فضل ، لكن قال : الصغاني : اتفقت نسخ الصحيح على " من بله " والصواب إسقاط كلمة " من " وتعقب بأنه لا يتعين إسقاطها إلا إذا فسرت بمعنى دع ، وأما إذا فسرت بمعنى من أجل أو من غير أو سوى فلا ، وقد ثبت في عدة مصنفات خارج الصحيح بإثبات " من " . وأخرجه سعيد بن منصور ومن طريقه ابن مردويه من رواية أبي معاوية عن الأعمش كذلك ، وقال : ابن مالك : المعروف " بله " اسم فعل بمعنى اترك ناصبا لما يليها بمقتضى المفعولية ، واستعماله مصدرا بمعنى الترك مضافا إلى ما يليه ، والفتحة في الأولى بنائية وفي الثانية إعرابية ، وهو مصدر مهمل الفعل ممنوع الصرف . وقال : الأخفش : بله هنا مصدر كما تقول ضرب زيد ، وندر دخول " من " عليها زائدة . ووقع في " المغني لابن هشام " أن بله استعملت معربة مجرورة بمن وأنها بمعنى غير ، ولم يذكر سواه ، وفيه نظر لأن ابن التين حكى رواية " من بله " بفتح الهاء مع وجود " من " ، فعلى هذا فهي مبنية وما مصدرية وهي وصلتها في موضع رفع على الابتداء والخبر هو الجار والمجرور المتقدم ويكون المراد " ببله " كيف التي يقصد بها الاستبعاد ، والمعنى من أين اطلاعكم على هذا القدر الذي تقصر عقول البشر عن الإحاطة به ، ودخول " من " على " بله " إذا كانت بهذا المعنى جائز كما أشار إليه الشريف في " شرح الحاجبية " . قلت : وأصح التوجيهات لخصوص سياق حديث الباب حيث وقع فيه " ولا خطر على قلب بشر دخرا من بله ما أطلعتم " أنها بمعنى غير وذلك بين لمن تأمله ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال : أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح : قرأ أبو هريرة قرات أعين ) وصله أبو عبيدة القاسم بن سلام في كتاب " فضائل القرآن " له عن أبي معاوية بهذا الإسناد مثله سواء ، وأخرج مسلم الحديث كله عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي معاوية به .

                                                                                                                                                                                                        33 - سورة الأحزاب وقال مجاهد : صياصيهم قصورهم . معروفا في الكتاب .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 377 ]



                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية