الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : للحمال منع ما أكرى عليه من العروض حتى يقبضوا كرائهم ويضمنوها ضمان الرهان ، ولهم الكراء كله ضمنوا أم لا ; لتوفية الحمل ، وللصناع منع ما عملوا حتى يقبضوا أجورهم ، فإن هلك ضمنوا ، والأجرة لهم لعدم التسليم .

                                                                                                                [ ص: 529 ] في الكتاب : لا يضمن الطعام إذا كنت معه مع الدابة أو السفينة ، وإلا فلا يصدق في الطعام وإلا دام للتهمة في امتداد الأيدي إليه إلا ببينة أن التلف من غير فعلهم ، ويصدقون في العروض ، قال ابن يونس : قال مالك : إن شرطوا الضمان في غير الطعام ، أو عدم الضمان فيه ، فسد العقد لمناقضته العقد ، فإن فات ضمنوا الطعام دون غيره ، ولهم أجرة المثل ، قال ابن حبيب : الذي يضمنون ما كان طعاما أو إداما ، كالقمح والشعير ، والدقيق ، والسلت ، والذرة ، والدخن ، والعدس ، والكرسنة ، بخلاف الأرز لأنه لا يتفكه به ، قال أبو محمد : لعل هذا بغير بلد الأرز ، ويضمن الفول ، والحمص ، واللوبيا ، والجلبان ، بخلاف الترمس لأنه تفكه ، ومن الإدام : الزيت ، والعسل ، والسمن ، والخل ، بخلاف المري ، والرب ، والأشربة الحلال ، والجبن ، واللبن ، والزبد ، واللحم ، والبيض ، والإبزار ، وخضر الفواكه رطبها ويابسها إلا التمر والزبيب والزيتون والملح ، ولا تضمن الأدهان ، ويصدقون في هلاك كل ما لا يضمن كالعروض ، قال : وهذا الذي ذكره ابن حبيب استحسان ، وظاهر المدونة عام في الطعام والإدام ، وإذا كان يصحب الطعام ببعض الطريق دون بعض : قال محمد : سقط الضمان ; لأن الأصل : حمله على غير التسليم ، وقيل : إن فارقه على عدم العود ، أو لا يرجو أن يدركه ضمنوا لاستقلالهم ، وقال الشيخ أبو الحسن القابسي : إذا وكله على كيل الطعام في السفينة وغاب ثم تركه معه ، فإنه يضمن ، وإذا صدقنا الحمال في العروض فله الكراء كله ، وعليه مثله لصاحبه بقية الطريق ، كمن لم يحمل شيئا لعدم المنفعة للأجر أو يكري ذلك في مثله ، وقال ابن حبيب : له من الكراء بحسابه إلى موضع دعواه التلف ، وكذلك إن كان تلفه من سببه ، ولو باع الطعام ببعض الطريق بغير إذن ربه ، قال ابن القاسم : له أخذ الثمن لأنه بيع [ ص: 530 ] فضولي يصح عندنا ، أو مثله بموضع المحمول إليه ; لأن له إبطال العقد وهو من ذوات الأمثال ، فإن أخذ الثمن فله أن يحمله مثله من موضع البيع ; لأنه بقية العقد ، وقيل : إنما يضمن الطعام إذا ادعى ضياعه في الموضع الذي يصل إليه إذا أمكن أن يكون وصل إلى الموضع ، وإلا ففي موضع الضياع ، قال : والصواب ضمانه في الموضع الذي أكرى إليه ، ولا وجه للتفرقة ; لأنه ضمنه قبل ذلك .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية