الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              مسألة : اختلفوا في النسخ في حق من لم يبلغه الخبر

              اختلفوا في النسخ في حق من لم يبلغه الخبر .

              فقال قوم : النسخ حصل في حقه وإن كان جاهلا به وقال قوم : ما لم يبلغه لا يكون نسخا في حقه والمختار أن للنسخ حقيقة وهو ارتفاع الحكم السابق ونتيجة وهو وجوب القضاء وانتفاء الإجزاء بالعمل السابق ، أما حقيقته فلا يثبت في حق من لم يبلغه وهو رفع الحكم لأن من أمر باستقبال بيت المقدس فإذا نزل النسخ بمكة لم يسقط الأمر عمن هو باليمن في الحال بل هو مأمور بالتمسك بالأمر السابق ولو ترك لعصى وإن بان أنه كان منسوخا ، ولا يلزمه استقبال الكعبة بل لو استقبلها لعصى وهذا لا يتجه فيه خلاف .

              وأما لزوم القضاء للصلاة إذا عرف النسخ فيعرف ذلك بدليل نص أو قياس وربما يجب القضاء حيث لا يجب الأداء ، كما في الحائض لو صامت عصت ويجب عليها القضاء ، فكذلك يجوز أن يقال هذا لو استقبل الكعبة عصى ويلزمه استقبالها في القضاء ، وكما نقول في النائم والمغمى عليه إذا تيقظ وأفاق يلزمهما قضاء ما لم يكن واجبا لأن من لا يفهم لا يخاطب .

              فإن قيل : إذا علم النسخ ترك تلك القبلة بالنسخ أو بعلمه بالنسخ والعلم لا تأثير له ، فدل أن الحكم انقطع بنزول الناسخ ، لكنه جاهل به وهو مخطئ فيه لكنه معذور . قلنا : الناسخ هو الرافع ، لكن العلم شرط ويحال عند وجود الشرط على الناسخ ولكن لا نسخ قبل وجود الشرط ; لأن الناسخ خطاب ولا يصير خطابا في حق من لم يبلغه .

              وقولهم : إنه مخطئ ، محال ; لأن اسم الخطأ يطلق على من طلب شيئا فلم يصب أو على من وجب عليه الطلب فقصر ، ولا يتحقق شيء منه في محل النزاع .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية