الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ كتابا الخطيب وابن حجر عن المقلوب ] : فأما الخطيب ففيما كان من نمط المثال الأخير فقط ، وسماه ( رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والأنساب ) ، وهو في مجلد ضخم ، وأما شيخنا فإنه أفرد من علل الدارقطني مع زيادات كثيرة ما كان من نمط المثالين اللذين قبله ، وسماه ( جلاء القلوب في معرفة المقلوب ) .

وقال : إنه لم يجد من أفرده مع مسيس الحاجة إليه ; بحيث أدى الإخلال به إلى عد الحديث الواحد أحاديث إذا وقع القلب في الصحابي ، ويوجد ذلك في كلام الترمذي ، فضلا عمن دونه ، حيث يقال : وفي الباب عن فلان وفلان ، ويكون الواقع أنه حديث واحد اختلف على راويه .

وقد كان بعض القدماء يبالغ في عيب من وقع له ذلك ، فروينا في مسند الإمام أحمد عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال : حدث سفيان الثوري ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس .

فقلت له : تعست يا أبا عبد الله - أي : عثرت - فقال : كيف هو ؟ قلت : حدثني عبيد الله بن عمر عن نافع ، عن سالم ، عن أبي الجراح ، عن أم حبيبة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : صدقت .

وقد اشتمل هذا الخبر على عظم دين الثوري وتواضعه وإنصافه ، وعلى قوة حافظة تلميذه القطان وجرأته على شيخه حتى خاطبه بذلك ، ونبهه على عثوره حيث سلك الجادة ; لأن جل رواية نافع هي عن ابن عمر ، فكان قول الذي يسلك غيرها [ ص: 345 ] إذا كان ضابطا أرجح .

وكذا خطأ يحيى القطان شعبة حيث حدثوه بحديث : لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يؤمن بالقدر عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي . وقال : حدثنا به سفيان عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن أبي مسعود .

وهذا هو الصواب ، ولا يتأتى ليحيى أن يحكم على شعبة بالخطأ ، إلا بعد أن يتيقن الصواب في غير روايته ، فأين هذا ممن يستروح فيقول مثلا : يحتمل يكون عند أبي إسحاق على الوجهين ، فحدث به كل مرة على أحدهما .

وهذا الاحتمال بعيد عن التحقيق ، إلا أن جاءت رواية عن الحارث يجمعهما ، ومدار الأمر عند أئمة هذا الفن على ما يقوى في الظن . أما الاحتمال المرجوح فلا تعويل عندهم عليه . انتهى .

مع زيادة وحذف ، واختار في تسمية قسمي العمد الإبدال لا القلب .

وأما ابن الجزري فقال في الثاني : إنه عندي بالمركب أشبه ، وجعله نوعا مستقلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية