الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب أفرأيتم اللات والعزى

                                                                                                                                                                                                        4578 حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبو الأشهب حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله اللات والعزى كان اللات رجلا يلت سويق الحاج [ ص: 478 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 478 ] قوله : باب أفرأيتم اللات والعزى ذكر فيه حديثين .

                                                                                                                                                                                                        أحدهما حديث ابن عباس ، وأبو الأشهب المذكور في الإسناد هو جعفر بن حيان ، وأبو الجوزاء بالجيم والزاي هو أوس بن عبد الله ، والإسناد كله بصريون .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( في قوله اللات والعزى كان اللات رجلا يلت سويق الحاج ) سقط " في قوله " لغير أبي ذر ، وهذا موقوف على ابن عباس ، قال : الإسماعيلي : هذا التفسير على قراءة من قرأ : " اللات " بتشديد التاء .

                                                                                                                                                                                                        قلت : وليس ذلك بلازم ، بل يحتمل أن يكون هذا أصله وخفف لكثرة الاستعمال ، والجمهور على القراءة بالتخفيف . وقد روي التشديد عن قراءة ابن عباس وجماعة من أتباعه ، ورويت عن ابن كثير أيضا ، والمشهور عنه التخفيف كالجمهور ، وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ولفظه فيه زيادة " كان يلت السويق على الحجر فلا يشرب منه أحد إلا سمن ، فعبدوه " واختلف في اسم هذا الرجل ، فروى الفاكهي من طريق مجاهد قال : " كان رجل في الجاهلية على صخرة بالطائف وعليها له غنم ، فكان يسلو من رسلها ويأخذ من زبيب الطائف والأقط فيجعل منه حيسا ويطعم من يمر به من الناس ، فلما مات عبدوه " وكان مجاهد يقرأ : " اللات " مشددة . ومن طريق ابن جريج نحوه ، قال : وزعم بعض الناس أنه عامر بن الظرب انتهى . وهو بفتح الظاء المشالة وكسر الراء ثم موحدة وهو العدواني بضم المهملة وسكون الدال ، وكان حكم العرب في زمانه ، وفيه يقول شاعرهم :


                                                                                                                                                                                                        ومنا حكم يقضي ولا ينقض ما يقضي

                                                                                                                                                                                                        وحكى السهيلي أنه عمرو بن لحي بن قمعة بن إلياس بن مضر ، قال : ويقال هو عمرو بن لحي وهو ربيعة بن حارثة وهو والد خزاعة انتهى . وحرف بعض الشراح كلام السهيلي وظن أن ربيعة بن حارثة قول آخر في اسم " اللات " ، وليس كذلك ، وإنما ربيعة بن حارثة اسم لحي فيما قيل ، والصحيح أن اللات غير عمرو بن لحي ، فقد أخرج الفاكهي من وجه آخر عن ابن عباس أن اللات لما مات قال لهم عمرو بن لحي : إنه لم يمت ، ولكنه دخل الصخرة فعبدوها وبنوا عليها بيتا . وقد تقدم في مناقب قريش أن عمرو بن لحي هو الذي حمل العرب على عبادة الأصنام ، وهو يؤيد هذه الرواية . وحكى ابن الكلبي أن اسمه صرمة بن غنم ، وكانت اللات بالطائف وقيل بنخلة وقيل بعكاظ ، والأول أصح . وقد أخرجه الفاكهي أيضا من طريق مقسم عن ابن عباس ، قال هشام بن الكلبي : كانت مناة أقدم من اللات فهدمها علي عام الفتح بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانت اللات أحدث من مناة فهدمها المغيرة بن شعبة بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسلمت ثقيف ، وكانت العزى أحدث من اللات وكان الذي اتخذها ظالم بن سعد بوادي نخلة فوق ذات عرق فهدمها خالد بن الوليد بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية