الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4579 حدثنا عبد الله بن محمد أخبرنا هشام بن يوسف أخبرنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف فقال في حلفه واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثاني .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 479 ] : قوله : ( فقال في حلفه ) أي في يمينه وعند النسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان من حديث سعد بن أبي وقاص ما يشبه أن يكون سببا لحديث الباب ، فأخرجوا من طريق مصعب بن سعد عن أبيه قال : كنا حديث عهد بجاهلية ، فحلفت باللات والعزى ، فقال لي أصحابي : بئس ما قلت ، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحديث . قال الخطابي : اليمين إنما تكون بالمعبود المعظم ، فإذا حلف باللات ونحوها فقد ضاهى الكفار ، فأمر أن يتدارك بكلمة التوحيد . وقال ابن العربي : من حلف بها جادا فهو كافر ، ومن قالها جاهلا أو ذاهلا يقول لا إله إلا الله يكفر الله عنه ويرد قلبه عن السهو إلى الذكر ولسانه إلى الحق وينفي عنه ما جرى به من اللغو .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق ) قال الخطابي : أي بالمال الذي كان يريد أن يقامر به ، وقيل بصدقة ما لتكفر عنه القول الذي جرى على لسانه . قال النووي : وهذا هو الصواب ، وعليه يدل ما في رواية مسلم " فليتصدق بشيء " وزعم بعض الحنفية أنه يلزمه كفارة يمين ، وفيه ما فيه . قال عياض : في هذا الحديث حجة للجمهور أن العزم على المعصية إذا استقر في القلب كان ذنبا يكتب عليه ، بخلاف الخاطر الذي لا يستمر .

                                                                                                                                                                                                        قلت : ولا أدري من أين أخذ ذلك مع التصريح في هذا الحديث بصدور القول حيث نطق بقوله " تعال أقامرك " فدعاه إلى المعصية ، والقمار حرام باتفاق ، فالدعاء إلى فعله حرام ، فليس هنا عزم مجرد . وسيأتي بقية شرحه في كتاب الأيمان والنذور . ووقع الإلمام بمسألة العزم في أواخر الرقاق في شرح حديث " من هم بحسنة " .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية