الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أكرهه على أن يهب له نصف هذه الدار مقسوما ، ويدفعه إلى الموهوب له ، فوهب له الدار كلها ، ودفعها إليهجازت الهبة في القياس ; لأنه أمره أن يقسم ، ثم يهب له ، فحين ، وهب الدار كلها قبل أن يقسم ، فقد خالف ما أمره ، وكذلك هذا القياس في البيع لو أمره أن يبيعه نصف الدار مقسوما ، فباعه الدار كلها ; لأنه أمره بالبيع بعد القسمة ، فهو في البيع قبل القسمة لا يكون مطيعا له فيما أمره به ، ولأنا لو جعلناه مخالفا لم يكن بد من القسمة ، وفي البيع قبل القسمة لا ندري ، أي شيء يضمنه ؟ ; لأن بين نصفي الدار مقسوما تفاوتا في المالية ، ومع الجهالة لا يمكن إيجاب الضمان ، ولكنه استحسن فقال لا أجيز هبته ، ولا بيعه في شيء مما أكرهه عليه ; لأنه مكره على بعض ذلك ، فلا بد من أن تبطل هبته ، فما كان مكرها عليه ، وذلك يبطل هبته ، فكذلك في البيع الصفقة واحدة ، فإذا بطلت في البعض بطلت في الكل ، وكذلك لو أكرهه على أن يهب له ، أو يبيعه بيتا من هذه البيوت ، فباعه البيوت كلها ، أو ، وهبها كان ذلك باطلا في الاستحسان ; لأنه قد بطل في بعض البيوت للإكراه ، فيبطل فيما بقي لاتحاد الصفقة ، وجهالة ما ينفذ فيه العقد ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية