الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو تواضعا على أن يجيزا أنهما تبايعا هذا العبد أمس بألف درهم ، ولم يكن بينهما بيع في الحقيقة ثم قال البائع للمشتري : قد كنت بعتك عبدي يوم كذا بكذا وقال الآخر : صدقت ، فليس هذا ببيع ; لأن الإقرار خبر متمثل بين الصدق ، والكذب ، والمخبر عنه إذا كان باطلا ، فبالإخبار به لا يصير حقا ، ولو أجمعا على إجازته بعد ذلك لم يكن بيعا ; لأن الإجازة إنما تلحق العقد المنعقد ، وبالإقرار كاذبا لا ينعقد العقد ، فلا تلحقه الإجازة .

( ألا ترى ) أنهما لو صنعا مثل ذلك في طلاق ، أو عتاق ، أو نكاح لم يكن ذلك طلاقا ، ولا عتاقا ، ولا نكاحا ، وكذلك لو أقر بشيء من ذلك من غير تقدم المواضعة لم يكن طلاقا ، ولا عتاقا ، ولا نكاحا فيما بينه ، وبين ربه ، وإن كان القاضي لا يصدقه في الطلاق والعتاق على أنه كذب إذا أقر طائعا ، وقد بينا الفرق بين الإقرار ، والإنشاء في هذه التصرفات مع الإكراه ، فكذلك مع التلجئة ، ولو كان قبض العبد الذي قال فيه ما قال فأعتقه ، ثم قامت البينة على ما كانا قالا في السر من المواضعة على الإقرار بطل العتق ، ورد العبد على مولاه ; لأنه ثبت أن إقرارهما كان كذبا ، وأن إعتاقه حصل في غير ملكه [ ص: 125 ] فكان لغوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية