الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويدخل في ) ( فاكهة ) حلف لا يأكلها ولم ينو شيئا ( رطب وعنب ورمان وأترج ) بضم أوله وثالثه مع تشديد الجيم ويقال أترنج وترنج وتين ومشمش ( ورطب ويابس ) من كل ما يتناوله سواء استجد له اسم كتمر وزبيب أم لا كتين لصدق اسمها على جميع ذلك لأنها ما يتفكه : أي يتنعم [ ص: 202 ] بأكله مما ليس بقوت ، وعطف الرمان والعنب عليها في الآية لا يقتضي خروجهما عنها لأنه من عطف الخاص على العام وزعم أنه يقتضيه خلاف إجماع أهل اللغة كما قاله الأزهري والواحدي والأوجه دخول موز رطب فيها لا يابس وظاهر قولهم رطب وعنب أنه لا حنث بما لم ينضج ويطب فقد صرح في التتمة بعدم دخول بلح وحصرم فيها ، نعم هو مقيد بغير ما حلى من نحو بسر ومترطب بعضه قاله البلقيني ( قلت : وليمون ونبق ) بفتح فسكون أو كسر ونارنج وليمون طريين كما قيده الفارقي ليخرج المملح واليابس وما قيل إن صوابه ليمو بلا نون غلط قاله الزركشي ( وكذا بطيخ ) هندي أو أصفر ( ولب فستق ) بضم ثالثه وفتحه ( وبندق وغيرهما ) كجوز ولوز ( في الأصح ) أما البطيخ فلأن له نضجا وإدراكا كالفواكه وأما الباقي فلعدها من يابس الفاكهة والثاني المنع إلحاقا للبطيخ بالخيار ( لا قثاء وخيار وباذنجان ) بكسر المعجمة ( وجزر ) بفتح أوله وكسره لأنها من الخضراوات لا من الفواكه ( ولا يدخل في الثمار ) بالمثلثة ( يابس ، والله أعلم ) لأن التمر اسم للرطب ولا ينافيه دخول اليابس فيها وخروج هذا منه لأن المتبادر من كل ما ذكر ( ولو أطلق ) في الحلف ( بطيخ وتمر ) بالمثناة ( وجوز لم يدخل هندي ) في الجميع للمخالفة في الصورة والطعم والهندي من البطيخ هو الأخضر واستشكل عدم دخوله بأن العرف عند الإطلاق في هذه الديار لا يطلق البطيخ إلا عليه وما سواه يذكر مقيدا ، وحينئذ فالأوجه الحنث به .

                                                                                                                            ودعوى أنه لا عبرة بالعرف الطارئ كالعرف الخاص ممنوعة ولا يتناول الخيار خيار الشنبر ( والطعام يتناول قوتا وفاكهة وأدما وحلوى ) لوقوعه على الجميع لا الدواء كما مر لأنه لا يتناوله عرفا والحلو لا يتناول ما بجنسه حامض كعنب [ ص: 203 ] وإجاص ورمان ، والحلوى تختص بالمعمولة من حلو ( ولو ) ( قال لا آكل من هذه البقرة ) ( تناول لحمها ) لأنه المفهوم من ذلك ( دون ولد ولبن ) فلا يتناولهما ، بخلاف ما سواهما مما مر في اللحم إذ الأكل منها يشمل جميع ما هو من أجزائها الأصلية التي تؤكل ( أو ) لا يأكل ( من هذه الشجرة فثمر ) منها مأكول هو الذي يحنث به ( دون ورق وطرف غصن ) حملا على المجاز المتعارف لتعذر الحقيقة عرفا ويلحق به الجمار كما قاله البلقيني ، ولو حلف لا يشرب من النيل أو من ماء النيل حنث بالشرب منه بيده أو فيه أو في إناء أو كرع منه ، أو لا أشرب ماء النيل أو ماء هذا النهر أو الغدير لم يحنث بشرب بعضه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : مما ليس بقوت ) أي ما لا يسمى قوتا في العرف فلا ينافي جعلهم التمر ونحوه في زكاة الفطر من المقتات ، وقوله عليها : أي الفاكهة ، وقوله لا يابس : أي الذي لم ينضج ( قوله : وكذا بطيخ هندي ) أي أخضر ( قوله : هو الأخضر ) أي بسائر أنواعه جبليا كان أو غيره أحمر كان أو غيره خاليا كان أو غيره وقوله فالأوجه الحنث به أي الأخضر ( قوله لا عبرة بالعرف الطارئ ) منه يؤخذ الحنث فيما لو حلف لا يدخل بيت فلان فدخل دهليزه فإن عرف مصر إطلاق البيت على جميع ذلك سيما إذا دلت القرينة عليه كمن حلف لا يدخل بيت أمين الحاج مثلا فإنه لا يفهم عرفا من ذلك إلا ما جرت العادة بدخوله لا محل البيتوتة بخصوصه فتنبه له كما لو حلف لا يدخل دار زيد فإنه يحنث بدهليزها وغيره لأنه مقتضى اللفظ بحسب الوضع ( قوله : لا الدواء كما مر ) وقياسه أنه لا يشمل الماء لعدم دخوله فيه عرفا لكن مر في قوله لو حلف لا أطعم تناول الأكل والشرب جميعا أي والماء مما يشرب وعليه فيفارق قوله لا أتناول طعاما قوله لا أطعم فليتأمل ( قوله : لا يتناول ما بجنسه حامض ) أي ما في جنسه حموضة ممتزجة بالحلاوة بأن يكون طعمه فيه حموضة وحلاوة [ ص: 203 ] وإن قلت الحموضة .

                                                                                                                            ( قوله : والحلوى تختص بالمعمولة من حلو ) أي على الوجه الذي تسمى بسببه حلوى بأن عقدت على النار أما النشاء المطبوخ بالعسل فلا يسمى عرفا حلوى فينبغي أن لا يحنث به من حلف لا يأكلها بل ولا بالعسل وحده إذا طبخ على النار لأنه لا بد في الحلوى من تركبها من جنسين فأكثر ( قوله : ولو قال لا آكل من هذه البقرة ) التاء فيها للوحدة فتشمل الثور ( قوله : دون ولد ) قياس ذلك أنه لو حلف لا يأكل من هذه الدجاجة مثلا لم يحنث ببيضها ولا بما تفرخ منه ، وبقي ما لو حلف لا يأكل دجاجة هل يشمل ذلك الديك فيحنث بأكله لأن التاء في الدجاجة للوحدة أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول ( قوله : ولبن ) أي وما يتولد منه ( قوله : ويلحق به ) أي التمر ، وفي نسخة : ويلحق بالثمار الجمار إلخ ( قوله : أو من ماء النيل ) والمراد بماء النيل الحاصل في أيام الزيادة في زمنها دون غيره ( قوله : حنث بالشرب منه ) وإنما حنث في ذلك كله مع أنه حقيقة في الكرع بالضم مجاز في غيره لتكافؤ المجاز والحقيقة ، وعبارة حج : أما إذا لم تتعذر الحقيقة فيحمل عليها مع المجاز الراجح كما لو حلف لا يشرب من ماء النهر إذ الحقيقة الكرع بالضم وكثير يفعلونه ، والمجاز المشهور الأخذ باليد أو الإناء فيحنث بالكل لأنهما لم يتكافآ ، إذ في كل قوة ليست في الآخر استويا فوجب العمل بهما إذ لا مرجح ا هـ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 202 ] قوله : وليمون ) مكرر مع ما في المتن ( قوله : ولا ينافيه دخول اليابس إلخ ) عبارة التحفة : واستشكل خروج اليابس من هذا ودخوله في الفاكهة ، ويجاب بأن المتبادر من كل ما ذكر ( قوله : وحينئذ فالأوجه الحنث به ) أي وعدم الحنث بغيره كما نقله ابن قاسم عن إفتاء والد الشارح ، ثم قال : وعليه فهل يعم الحنث بالأخضر غير الديار المصرية والشامية على قياس ما قيل في خبز الأرز وفي الرءوس ؟ فيه نظر ا هـ .

                                                                                                                            وقضية القاعدة أن العرف إذا وجد في بلد عم العموم هنا وهو قضية إطلاق الشارح ( قوله : والطعام يتناول قوتا وفاكهة إلخ ) توقف في ذلك الأذرعي وبسط القول فيه في قوته فليراجع [ ص: 203 ] قول المتن أو من هذه الشجرة فثمر ) قال ابن قاسم : بقي ما لو لم يكن لها مأكول من ثمر وغيره هل تحمل اليمين على غير المأكول بقرينة عدم المأكول ا هـ .




                                                                                                                            الخدمات العلمية