الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون .

[91] وما قدروا الله حق قدره أي: ما عظموه حق عظمته فيما وجب له، واستحال عليه.

إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء روي أن مالك بن الصيف من أحبار اليهود ورؤسائهم جاء يخاصم النبي -صلى الله عليه وسلم- بزعمه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى! هل تجد فيها أن الله يبغض الحبر [ ص: 434 ] السمين؟! فأنت الحبر السمين، قد سمنت من مالك الذي يطعمك اليهود" فضحك القوم، فغضب، ثم التفت إلى عمر فقال: ما أنزل الله على بشر من شيء، فقال له قومه: ويلك! ما هذا الذي بلغنا عنك؟! فقال: إنه أغضبني، فقلت ذلك، فقالوا له: وأنت إذا غضبت تقول على الله غير الحق؟! فنزعوه من الحبرية، وجعلوا مكانه كعب بن الأشرف، فنزلت الآية، ثم قال نقضا لقولهم، وردا عليهم:

قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى يعني: التوراة.

نورا وهدى للناس نيرا وهاديا.

تجعلونه قراطيس دفاتر مبددة.

تبدونها تظهرون ما تحبون.

وتخفون كثيرا من نعت محمد -صلى الله عليه وسلم- وآية الرجم. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: ( يجعلونه) (يبدونها) (ويخفون) بالغيب في الثلاثة; لقوله: وما قدروا الله حق قدره ، وقرأ الباقون: بالخطاب فيهن; لقوله: قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى ، وقوله:

وعلمتم ما لم تعلموا بالخطاب لليهود; أي: علمتم على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم- ما لم تعلموا. [ ص: 435 ]

أنتم ولا آباؤكم زيادة على ما في التوراة، وبيانا لما التبس عليكم وعلى آبائكم الذين كانوا أعلم منكم.

قل الله هذا راجع إلى قوله: قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى ، فإن أجابوك، وإلا أنت: فـ قل الله أنزله.

ثم ذرهم في خوضهم باطلهم وجهلهم.

يلعبون أي: لاعبين، ومعنى الكلام التهديد.

التالي السابق


الخدمات العلمية