الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
8823 4464 - (9066) - (2\390) عن أبي هريرة، قال: ما هجرت إلا وجدت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، قال: فصلى، ثم قال: "اشكنب درد؟ "، قال: قلت: لا. قال: " قم فصل؛ فإن في الصلاة شفاء".



[ ص: 179 ]

التالي السابق


[ ص: 179 ] * قوله: : "ما هجرت": من التهجير، وهو التبكير إلى الصلاة، والمبادرة

إليها.

* "فصلى"؛ أي: فرغ.

* "اشكنب درد": هو لفظ فارسي بمعنى: أتشتكي بطنك؟ كما فسره بعض

الرواة.

* "قلت: لا": لعل المعنى: لا بأس، إلا أنه لا أشتكي البطن، وقد جاء في رواية ابن ماجه: "قلت: نعم".

* "فإن في الصلاة شفاء": قال الموفق عبد اللطيف: الصلاة تبرئ من ألم الفؤاد والمعدة والأمعاء، وكذلك من الآلام، ولذلك ثلاث علل:

الأولى: أنها أمر إلهي حيث كانت عبادة؛ يريد: أنها تدفع الأمراض بالبركة. والثانية: أن النفس تلهو فيها عن الألم، ويقل إحساسها به، فتستظهر القوة عليه، فتطرده؛ فإن قوة العضو المودعة بمصالحه وحواسه التي تسميها الأطباء طبيعته هي الشافية للأمراض بإذن خالقها، والماهر من الأطباء يعمل كل حيلة في تقويتها إن كانت ضعيفة، وفي انتباهها إن كانت غافلة، وفي إلفاتها إن كانت معرضة، وفي استزادتها إن كانت مقصرة، تارة بتحريك السرور والفرح، وتارة بالحياء والخوف والخجل، وتارة بتذكيرها وشغلها بعظائم الأمور وعواقب المصير وأمر المعاد، والصلاة تجمع ذلك أو أكثره؛ إذ يحضر العبد فيها خوف ورجاء، وأمل وحياء، وتذكر الآخرة وأحوالها، وكثير من الأمراض الزمنة تشفى بالأوهام.

والثالثة: أمر طبي، وذلك أن الصلاة رياضة فاضلة للنفس؛ لأنها تشتمل على انتصاب وركوع وسجود وتورك، وغير ذلك من الأوضاع التي يتحرك معها أكثر المفاصل، وينغمز فيها أكثر الأعضاء، وسيما المعدة والأمعاء وسائر آلات

[ ص: 180 ]

التنفس والغذاء عند السجود، وما أنفع السجود الطويل لصاحب النزلة والزكام! وما أنفع السجود لانصباب النزلة إلى الحلق! وما أشد إعانة السجود الطويل على فتح سد المنخرين في علة الزكام وإنضاح مادته! وما أقوى معونة السجود على حدر الطعام عن المعدة والأمعاء، وتحريك الفضول المختلفة فيها، ونقلها وإخراجها؛ إذ عنده تنحصر الآلات بازدحامها، ويتساقط بعضها على بعض، وكثيرا ما تسر الصلاة النفس، وتمحق الهم والحزن، وتذيب الآمال الخائبة، وتكشف عن الأوهام الكاذبة، ويصفو فيها الذهن، وتطفأ نار الغضب. انتهى.

ذكره الحافظ السيوطي في "حاشية ابن ماجه"، وفي "زوائده": في إسناده ليث، وهو ابن أبي سليم، وقد ضعفه الجمهور.

* * *




الخدمات العلمية