الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الذي يدفع زكاته فتهلك قبل أن يدفعها إلى أهلها

( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى وإذا أخرج رجل زكاة ماله قبل أن تحل فهلكت قبل أن يدفعها إلى أهلها لم تجز عنه ، وإن حلت زكاة ماله زكى ما في يديه من ماله ولم يحسب عليه ما هلك منه من المال في هذا كله ، وسواء في هذا زرعه وثمره ، إن كانت له .

( قال الشافعي ) : وإن أخرجها بعدما حلت فهلكت قبل أن يدفعها إلى أهلها ، ، فإن كان لم يفرط والتفريط أن يمكنه بعد حولها دفعها إلى أهلها ، أو الوالي فتأخر ، لم يحسب عليه ما هلك ولم تجز عنه من الصدقة ; لأن من لزمه شيء لم يبرأ منه إلا بدفعه إلى من يستوجبه عليه .

( قال الشافعي ) : ورجع إلى ما بقي من ماله ، فإن كان فيما بقي منه زكاة زكاه ، وإن لم يكن فيما بقي منه زكاة لم يزكه كأن حل عليه نصف دينار في عشرين دينارا فأخرج النصف فهلك قبل أن يدفعه إلى أهله فبقيت تسعة عشر ونصف فلا زكاة عليه فيها ، وإن كانت له إحدى وعشرون دينارا ونصف فهلك قبل أن يدفعه إلى أهله فبقيت تسعة عشر ونصف فلا زكاة عليه فيها ، وإن كانت له إحدى وعشرون دينارا ونصف فأراد أن يزكيها فيخرج عن العشرين نصفا وعن الباقي عن العشرين ربع عشر الباقي ; لأن ما زاد من الدنانير والدراهم والطعام كله على ما يكون فيه الصدقة ففيه الصدقة بحسابه ، فإن هلكت الزكاة وقد بقي عشرون دينارا وأكثر فيزكي ما بقي بربع عشره

( قال الشافعي ) : وهذا هكذا مما أنبتت الأرض والتجارة وغير ذلك من الصدقة والماشية إلا أن الماشية تخالف هذا في أنها بعدد وأنها معفو عنها بين العددين ، فإن حال عليه حول ، هو في سفر فلم يجد من يستحق السهمان ، أو هو في مصر فطلب فلم يحضره في ساعته تلك من يستحق السهمان ، أو سجن ، أو حيل بينه وبين ماله ، فكل هذا عذر ، لا يكون به مفرطا ، وما هلك من ماله بعد الحول لم يحسب عليه في الزكاة كما لا يحسب ما هلك قبل الحول ، وإن كان يمكنه إذا حبس من يثق به فلم يأمره بذلك ، أو وجد أهل السهمان فأخر ذلك قليلا ، أو كثيرا ، هو يمكنه فلم يعطهم بوجود المال وأهل السهمان فهو مفرط وما هلك من ماله فالزكاة لازمة له فيما بقي في يديه منه كأن كانت له عشرون دينارا فأمكنه أن يؤدي زكاتها فأخرها فهلكت العشرون فعليه نصف دينار يؤديه متى وجده ، لو كان له مال يمكنه أن يؤدي زكاته فلم يفعل فوجبت عليه الزكاة سنين ثم هلك أدى زكاته لما فرط فيه ، وإن كانت له مائة شاة فأقامت في يده ثلاث سنين وأمكنه في مضي السنة الثالثة أداء زكاتها فلم يؤدها أدى زكاتها لثلاث سنين ، وإن لم يمكنه في السنة الثالثة أداء زكاتها حتى هلكت فلا زكاة عليه في السنة الثالثة وعليه الزكاة في السنتين اللتين فرط في أداء الزكاة فيهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية