الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ورأ

                                                          ورأ : وراء والوراء ، جميعا يكون خلف وقدام ، وتصغيرها عند سيبويه وريئة ، والهمزة عنده أصلية غير منقلبة عن ياء . قال ابن بري : وقد ذكرها الجوهري في المعتل وجعل همزتها منقلبة عن ياء . قال : وهذا مذهب الكوفيين وتصغيرها عندهم ورية ، بغير همز . وقال ثعلب : الوراء : الخلف ، ولكن إذا كان مما تمر عليه فهو قدام . هكذا حكاه : الوراء بالألف واللام ، من كلامه أخذ . وفي التنزيل : من ورائه جهنم ; أي بين يديه . وقال الزجاج : وراء يكون لخلف ولقدام ، ومعناها ما توارى عنك أي ما استتر عنك . قال : وليس من الأضداد كما زعم بعض أهل اللغة ، وأما أمام ، فلا يكون إلا قدام أبدا . وقوله تعالى : وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا . قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : كان أمامهم . قال لبيد :


                                                          أليس ورائي إن تراخت منيتي لزوم العصا تحنى عليها الأصابع



                                                          ابن السكيت : الوراء : الخلف . قال : ووراء وأمام وقدام يؤنثن ويذكرن ، ويصغر أمام فيقال أميم ذلك ، وأميمة ذلك ، وقديدم ذلك وقديدمة ذلك ، وهو وريئ الحائط ، ووريئة الحائط . قال أبو الهيثم : الوراء ، ممدود : الخلف ، ويكون الأمام . وقال الفراء : لا يجوز أن يقال لرجل وراءك : هو بين يديك ، ولا لرجل بين يديك : هو وراءك إنما يجوز ذلك في المواقيت من الليالي والأيام والدهر . تقول : وراءك برد شديد ، وبين يديك برد شديد ، لأنك أنت وراءه ، فجاز لأنه شيء يأتي ، فكأنه إذا لحقك صار من ورائك ، وكأنه إذا بلغته كان بين يديك ، فلذلك جاز الوجهان . من ذلك قوله - عز وجل - : وكان وراءهم ملك ، أي أمامهم . وكان كقوله : من ورائه جهنم ; أي أنها بين يديه . ابن الأعرابي في قوله - عز وجل - : بما وراءه وهو الحق ، أي بما سواه . والوراء : الخلف ، والوراء : القدام ، والوراء : ابن الابن . وقوله - عز وجل - : فمن ابتغى وراء ذلك ، أي سوى ذلك . وقول ساعدة بن جؤية :

                                                          [ ص: 189 ]

                                                          حتى يقال وراء الدار منتبذا     قم لا أبا لك سار الناس فاحتزم



                                                          قال الأصمعي : قال وراء الدار لأنه ملقى ، لا يحتاج إليه ، متنح مع النساء من الكبر والهرم . قال اللحياني : وراء مؤنثة ، وإن ذكرت جاز . قال سيبويه : وقالوا وراءك إذا قلت انظر لما خلفك . والوراء : ولد الولد . وفي التنزيل العزيز : ومن وراء إسحاق يعقوب . قال الشعبي : الوراء : ولد الولد . وورأت الرجل : دفعته . وورأ من الطعام : امتلأ . والوراء : الضخم الغليظ الألواح ، عن الفارسي . وما أورئت بالشيء أي لم أشعر به . قال :


                                                          من حيث زارتني ولم أور بها



                                                          اضطر فأبدل ; وأما قول لبيد :


                                                          تسلب الكانس لم يوأر بها     شعبة الساق إذا الظل عقل



                                                          قال ، وقد روي : لم يورأ بها . قال : وريته وأورأته إذا أعلمته ، وأصله من ورى الزند إذا ظهرت ناره ، كأن ناقته لم تضئ للظبي الكانس ، ولم تبن له ، فيشعر بها لسرعتها ، حتى انتهت إلى كناسه فند منها جافلا . قال وقول الشاعر :


                                                          دعاني فلم أورأ به فأجبته     فمد بثدي بيننا غير أقطعا



                                                          أي دعاني ولم أشعر به . الأصمعي : استورأت الإبل إذا ترابعت على نفار واحد . وقال أبو زيد : ذلك إذا نفرت فصعدت الجبل ، فإذا كان نفارها في السهل قيل : استأورت . قال : وهذا كلام بني عقيل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية