الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2068 125 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "ولا تبيعوا الورق بالورق" والورق بكسر الراء هو الفضة.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في البيوع أيضا، عن يحيى بن يحيى، عن مالك، وعن قتيبة ومحمد بن رمح، وعن شيبان بن فروخ، وعن أبي موسى، وأخرجه الترمذي فيه، عن أحمد بن منيع، وأخرجه النسائي فيه، عن قتيبة، عن مالك به، وعن حميد بن مسعدة وإسماعيل بن مسعود.

                                                                                                                                                                                  قوله: "إلا مثلا [ ص: 295 ] بمثل" أي: إلا حال كونهما متماثلين أي: متساويين.

                                                                                                                                                                                  قوله: "ولا تشفوا" بضم التاء من الإشفاف، وهو التفضيل، وقال بعضهم: هو رباعي من أشف (قلت): لا، بل هو ثلاثي مزيد فيه يقال: شف الدرهم يشف إذا زاد وإذا نقص من الأضداد، وأشفه غيره يشفه، وفي الحديث: "نهى عن شف ما لم يضمن" بكسر الشين، وهو الزيادة والربح.

                                                                                                                                                                                  قوله: "بناجز" من النجز بالنون والجيم والزاي، والمراد بالغائب المؤجل، وبالناجز الحاضر، يعني لا بد من التقابض في المجلس.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن بطال: فيه حجة للشافعي في قوله: من كان له على آخر دراهم والآخر عليه دنانير لم يجز أن يقاضي أحدهما الآخر بماله؛ لأنه يدخل في معنى بيع الذهب بالورق دينا؛ لأنه إذا لم يجز غائب بناجز فأحرى أن لا يجوز غائب بغائب.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): روى الترمذي من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير فآخذ مكانها الورق، وأبيع بالورق فآخذ مكانها الدنانير، فأتيت رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - فوجدته خارجا من بيت حفصة فسألته عن ذلك، فقال: لا بأس به بالقيمة .

                                                                                                                                                                                  (قلت): قال ابن بطال: لا يدخل هذا في بيع الذهب بالورق دينا; لأن النهي الذي بقبض الدراهم عن الدنانير لم يقصد إلى التأخير في الصرف .

                                                                                                                                                                                  (قلت): قال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر موقوفا، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم أنه لا بأس أن يقبض عن الذهب من الورق والورق من الذهب، وهو قول أحمد وإسحاق، وقد كره بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم ذلك.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية