الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل في هاء الضمير نحو : عليهم وعليه وفيه وفيهم .

وإنما أفردناه لتكرره في القرآن : الأصل في هذه الهاء الضم ; لأنها تضم بعد الفتحة والضمة والسكون نحو إنه ، وله ، وغلامه ، ويسمعه ، ومنه ، وإنما يجوز كسرها بعد الياء نحو عليهم ، وأيديهم ، وبعد الكسر نحو به ، وبداره ، وضمها في الموضعين جائز ; لأنه الأصل ، وإنما كسرت لتجانس ما قبلها من الياء والكسرة وبكل قد قرئ .

فأما ( عليهم ) ففيها عشر لغات ، وكلها قد قرئ به : خمس مع ضم الهاء ، وخمس مع كسرها .

[ ص: 17 ] فالتي مع الضم : إسكان الميم ، وضمها من غير إشباع ، وضمها مع واو ، وكسر الميم من غير ياء ، وكسرها مع الياء ، وأما التي مع كسر الهاء فإسكان الميم ، وكسرها من غير ياء ، وكسرها مع الياء ، وضمها من غير واو ، وضمها مع الواو .

والأصل في ميم الجمع أن يكون بعدها واو كما قرأ ابن كثير ، فالميم لمجاوزة الواحد ، والألف دليل التثنية نحو عليهما ، والواو للجمع نظير الألف ، ويدل على ذلك أن علامة الجماعة في المؤنث نون مشددة نحو عليهن ، فكذلك يجب أن يكون علامة الجمع للمذكر حرفين ، إلا أنهم حذفوا الواو تخفيفا ، ولا لبس في ذلك ; لأن الواحد لا ميم فيه ، والتثنية بعد ميمها ألف وإذا حذفت الواو سكنت الميم ; لئلا تتوالى الحركات في أكثر المواضع نحو ضربهم ويضربهم .

فمن أثبت الواو أو حذفها وسكن الميم فلما ذكرنا . ومن ضم الميم دل بذلك على أن أصلها الضم ، وجعل الضمة دليل الواو المحذوفة .

ومن كسر الميم وأتبعها ياء فإنه حرك الميم بحركة الهاء المكسورة قبلها ، ثم قلب الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها .

ومن حذف الياء جعل الكسرة دليلا عليها .

ومن كسر الميم بعد ضمة الهاء فإنه أراد أن يجانس بها الياء التي قبل الهاء .

ومن ضم الهاء قال : إن الياء في عليها حقها أن تكون ألفا ، كما ثبتت الألف مع المظهر ، وليست الياء أصل الألف ، فكما أن الهاء تضم بعد الألف ، فكذلك تضم بعد الياء المبدلة منها .

ومن كسر الهاء اعتبر اللفظ ، فأما كسر الهاء وإتباعها بياء ساكنة ، فجائز على ضعف ، أما جوازه فلخفاء الهاء بينت بالإشباع ، وأما ضعفه فلأن الهاء خفية ، والخفي قريب من الساكن ، والساكن غير حصين ، فكأن الياء وليت الياء .

وإذا لقي الميم ساكن بعدها جاز ضمها نحو عليهم الذلة ; لأن أصلها الضم وإنما أسكنت تخفيفا فإذا احتيج إلى حركتها كان الضم الذي هو حقها في الأصل أولى ويجوز كسرها إتباعا لما قبلها .

وأما فيه وبنيه ، ففيه الكسر من غير إشباع وبالإشباع ، وفيه الضم من غير إشباع وبالإشباع .

[ ص: 18 ] وأما إذا سكن ما قبل الهاء ، نحو : منه ، وعنه ، وتجدوه ، فمن ضم من غير إشباع فعلى الأصل ، ومن أشبع أراد تبيين الهاء لخفائها .

التالي السابق


الخدمات العلمية