الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              وأما نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن المعاومة الذي جاء مفسرا في رواية أخرى بأنه بيع السنين : فهو - والله أعلم - مثل نهيه عن بيع حبل الحبلة ، إنما نهى أن يبتاع المشتري الثمرة التي يستثمرها رب الشجرة . وأما اكتراء الأرض والشجرة حتى يستثمرها فلا يدخل هذا في البيع المطلق ، وإنما هو نوع من الإجارة .

              ونظير هذا : ما تقدم من حديث جابر في الصحيح من أنه نهى عن كراء الأرض ، وأنه : " نهى عن المخابرة " ، وأنه : " نهى عن المزارعة " ، وأنه قال : " لا تكروا في الأرض " ، فإن المراد بذلك : الكراء الذي كانوا يعتادونه ، كما جاء مفسرا ، وهي المخابرة والمزارعة التي كانوا يعتادونها ، فنهاهم عما كانوا يعتادونه من الكراء أو المعاومة ، الذي يرجع حاصله إلى بيع الثمرة قبل أن تصلح ، وإلى المزارعة المشروط فيها جزء معين .

              وهذا نهي عما فيه مفسدة راجحة . هذا نهي عن الغرر في جنس البيع ، وذاك نهي عن الغرر في جنس الكراء العام الذي يدخل فيه المساقاة والمزارعة ، وقد بين في كل منهما أن هذه المبايعة وهذه المكاراة كانت تفضي إلى الخصومة والشنآن ، وهو ما ذكره الله في حكمة تحريم الميسر بقوله : ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ) [المائدة : 91] .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية