الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول إن كان الرجال والنساء في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتوضئون جميعا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          46 44 - ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول : إن ) مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن أي إنه ( كان الرجال والنساء ) ظاهره التعميم فاللام للجنس لا للاستغراق كذا في فتح الباري ، ومراده بالتعميم أن اللفظ لا يختص بالمحارم والزوجات بل يشمل غيرهم لأن هذا كان قبل الحجاب وإلا نافى كلامه بعضه بعضا .

                                                                                                          ( في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فيه أن الصحابي إذا أضاف الفعل إلى زمان المصطفى يكون حكمه الرفع وهو الصحيح ، وقال قوم : لا لاحتمال أنه لم يطلع عليه وهو ضعيف لتوفر دواعي الصحابة على سؤالهم إياه عن الأمور التي تقع لهم ومنهم ، ولو لم يسألوه لم يقروا على فعل غير جائز في زمن التشريع .

                                                                                                          ( ليتوضئون جميعا ) أي حال كونهم مجتمعين لا مفترقين ، زاد ابن ماجه عن هشام بن عروة عن مالك في هذا الحديث : من إناء واحد .

                                                                                                          وزاد أبو داود من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر : ندلي فيه أيدينا .

                                                                                                          وظاهر قوله جميعا أنهم كانوا يتناوبون الماء في حالة واحدة ولا مانع من ذلك قبل نزول الحجاب وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم قاله الحافظ .

                                                                                                          وقال الرافعي : يريد كل رجل مع امرأته وأنهما كانا يأخذان من إناء واحد ، وكذلك ورد في بعض الروايات واستحسنه السيوطي وقال : إن غيره تخليط .

                                                                                                          وقال قوم : معناه كانوا يتوضئون جميعا في موضع واحد الرجال على حدة والنساء على حدة ، قال الحافظ : والزيادة المتقدمة في قوله : من إناء واحد ترد عليه وكأن هذا القائل استبعد اجتماع الرجال والنساء الأجانب .

                                                                                                          وأجاب ابن التين بما حكاه عن سحنون أن معناه كان الرجال يتوضئون ويذهبون ثم يأتي النساء فيتوضئون وهو خلاف الظاهر من قوله : جميعا ، قال أهل اللغة : الجميع ضد المتفرق .

                                                                                                          وقد صرح بوحدة الإناء في صحيح ابن خزيمة من طريق معمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر : " أنه أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يتطهرون والنساء معهم في إناء واحد كلهم يتطهرون منه " وفيه دلالة على جواز الوضوء بفضل وضوء المرأة لأنهما إذا توضئا جميعا منه صدق أن الباقي في الإناء فضل وضوء المرأة ، وإليه ذهب الجمهور ومنهم الأئمة الثلاثة ، وقال أحمد وداود : لا يجوز إذا خلت به ، ووجهه شيخنا حافظ العصر البابلي بأنها ناقصة عقل ودين ، فربما إذا خلت به أدخلت فيه شيئا لم يطلع عليه الرجل ، ونقضه شيخنا العلامة الشمرلسي لما ذكرته له بأن المرأة لها الوضوء بما خلت به [ ص: 138 ] المرأة بلا كراهة عند أحمد ، وعن الحسن وابن المسيب كراهة فضلها مطلقا ، وهذا الحديث أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك به .




                                                                                                          الخدمات العلمية