الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا أذن أحد الرجلين لعبد بينهما في التجارة ، ثم أدانه أحدهما مائة وأدانه أجنبي مائة ، ثم إن المولى الذي لم يأذن للعبد غاب وحضر الأجنبي فأراد بيع نصيب المولى الذي أذن العبد في دينه بيع له ; لأن دينه متعلق بنصيب كل واحد منهما ، والحاضر منهما خصم في نصيبه وليس بخصم في نصيب الغائب ولكن أحد النصفين ينفرد عن الآخر في البيع في الدين فلا يتأخر بيع نصيب الحاضر لغيبة الآخر فإن بيع بخمسين درهما أخذها الأجنبي كلها ; لأنه لا يثبت شيء من دين المولى الدائن في نصيبه فيسلم نصيبه للأجنبي فإن حضر المولى الآخر فإنه يباع نصيبه للأجنبي وللمولى الذي أدانه فيقتسمان ذلك نصفين ; لأن دين كل واحد منهما ثابت في نصيبه وقد استويا في ذلك فإن الباقي من دين الأجنبي فيه خمسون ، والثابت من دين المولى الدائن فيه خمسون فلهذا يقسم نصيبه بينهما نصفين وهذا شاهد لهما على أبي حنيفة .

ولكن أبو حنيفة رحمه الله يقول قد تميز نصيب أحدهما عن نصيب الآخر ههنا حين بيع نصيب كل واحد .

[ ص: 65 ] منهما بعقد على حدة فلا بد من اعتبار حال كل واحد من النصيبين على الانفراد ولو كان ثمن نصيب المولى الذي أدان العبد توى على المشتري وبيع نصيب الذي لم يدن بخمسين درهما أو بأكثر أو بأقل فإن ذلك يقسم بينهما أثلاثا سهم للأجنبي ، وسهم للمولى الذي أدان ; لأنه لم يصل إلى الأجنبي شيء من حقه وجميع دينه ثابت في كل جزء من العبد فهو يضرب بمائة ، والمولى الدائن يضرب بما ثبت من دينه وذلك خمسون فلهذا قسم هذا النصف بينهما أثلاثا ، وهو دليل لأبي حنيفة في أنه يتميز في حكم الدين بعض العبد عن البعض فإن اقتسماه كذلك ، ثم خرجت الخمسون الأولى أخذها الأجنبي كلها ; لأنه قد بقي من دينه هذا القدر وزيادة ولا حق للمولى الدائن في ثمن نصيبه فيأخذها الأجنبي كلها وكذلك لو كانت أكثر من خمسين درهما حتى تزيد عن ثلثي المائة فتكون الزيادة للمولى الذي أدان ; لأنه قد وصل إلى الأجنبي كمال حقه ، والباقي ثمن نصيب المولى الدائن قد فرغ من الدين وسلم له ولا يرجع واحد من الموليين على صاحبه بشيء ; لأن نصيب المولى الذي لم يدن استحق بدين كان متعلقا بنصيبه برضاه فلا يرجع على صاحبه بشيء وكذلك بخروج ما توى لا يتبين فساد في سبب القسمة الأولى ; لأنه لا يتبين أن جميع دين الأجنبي لم يكن ثابتا يومئذ .

التالي السابق


الخدمات العلمية