الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن أمكنه علم القبلة ) بأن كان بالمسجد الحرام ، أو خارجه [ ص: 496 ] ولا حائل أو وثم حائل أحدثه لغير حاجة أو أحدثه غيره تعديا وأمكنته إزالته فيما يظهر ( حرم عليه التقليد ) وهو الأخذ بقول الغير الناشئ عن الاجتهاد وأراد به هنا الأخذ بقول الغير ولو عن علم ويفرق بين هذا واكتفاء الصحابة رضوان الله عليهم بالإخبار عنه صلى الله عليه وسلم مع إمكان اليقين بالسماع منه ، والأخذ بقول الغير في المياه ونحوها بأن المدار في القبلة لكونها أمرا حسيا على اليقين بخلاف الأحكام ونحوها ( والاجتهاد ) كمجتهد وجد النص فعلم أن من بالمسجد وهو أعمى أو في ظلمة لا يعتمد إلا المس الذي يحصل له به اليقين أو إخبار عدد التواتر

                                                                                                                              وكذا قرينة قطعية بأن كان قد رأى محلا فيه من جعل ظهره له مثلا يكون مستقبلا ، أو أخبره بذلك عدد التواتر ( وإلا ) يمكنه علم عينها ، أو أمكنه وثم حائل ولو حادثا بفعله لحاجة لكن إن لم يكن تعدى بإحداثه ، أو زال تعديه فيما يظهر فيهما ( أخذ ) وجوبا [ ص: 497 ] في الأولى ، وكذا في الثانية إن لم يتكلف المعاينة ولا يجوز له الاجتهاد ( بقول ثقة ) في الرواية يصير ولو أمة لا كافر قطعا ولا فاسق وغير مكلف على الأصح ويجب سؤاله إن سهل بأن لم تكن فيه مشقة عرفا كما هو ظاهر ( يخبر عن علم ) كقوله هذه الكعبة ، أو رأيت الجم الغفير يصلون لهذه الجهة [ ص: 498 ] أو القطب مثلا هنا وهو عالم بدلالته وكمحراب وهو بقرية نشأ بها قرون من المسلمين بشرط أن يسلم من الطعن لا ككثير من قرى أرياف مصر وغيرها أو بجادة يكثر طارقوها من المسلمين

                                                                                                                              نعم يجوز الاجتهاد في المحراب المذكور بأقسامه يمنة ويسرة لإمكان الخطأ فيهما مع ذلك ولا يجب خلافا للسبكي ؛ لأن الظاهر أنه على الصواب وبه يعلم أن المراد بالعلم هنا ما يشمل الظن لا جهة لاستحالته فيها وجعل بعضهم إخبار صاحب المنزل عن القبلة من ذلك حتى يجب الأخذ به ويحرم الاجتهاد ويتعين حمله على ما إذا لم يعلم أن سبب إخباره اجتهاده وإلا لم يجز لقادر على الاجتهاد الأخذ بخبره كما هو ظاهر وما ثبت { أنه صلى الله عليه وسلم صلى إليه } [ ص: 499 ] ومثله محاذيه كما هو واضح يمتنع الاجتهاد فيه ولو يمنة ويسرة ؛ لأنه لا يقر على خطأ وليس مثله ما نصبه الصحابة رضي الله عنهم كقبلة البصرة ، والكوفة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ومن أمكنه علم القبلة ) أي : بلا مشقة لا تحتمل [ ص: 496 ] قوله : ولو عن علم ) أي : ؛ لأن اليقين مقدم عليه ( قوله : واكتفاء الصحابة إلخ ) هذا إن اكتفى الصحابة بالإخبار عنه إذا كانوا بحضرته وإلا فقد لا يحتاج للفرق فليتأمل ( قوله : بأن المدار إلخ ) قد يفرق بأن القبلة في جهة واحدة إذا علمت لم يبق احتياج إلى البحث عنها بعد ذلك فلا مشقة في الإلزام باليقين بخلاف ما ذكر ( قوله : لكن إلخ ) يفيد اجتماع التعدي مع الحاجة ( تنبيه )

                                                                                                                              يؤخذ من جواز الأخذ بقول المخبر عن علم عند وجود الحائل المذكور أي للمشقة حينئذ ومن قوله الآتي إن لم تكن فيه مشقة عرفا أن الأعمى إذا دخل المسجد الحرام ، أو مسجدا محرابه معتمد وشق عليه لمس الكعبة في الأول ، أو المحراب في الثاني [ ص: 497 ] لامتلاء المحل بالناس ، أو امتداد الصفوف للصلاة ، أو نحو ذلك سقط عنه وجوب اللمس وجاز له الأخذ بقول المخبر عن علم وهو ظاهر وفي ذلك مزيد في شرحنا لأبي شجاع ( قوله : ويجب سؤاله ) هل يجب تكرير سؤاله لكل فرض ( قوله : كقوله هذه الكعبة إلخ ) انظر لو تعارضت هذه الأمور ما المقدم وقوله الجم الغفير لعل [ ص: 498 ] المراد عدد التواتر

                                                                                                                              ( قوله : نشأ بها قرون من المسلمين ) قال السيوطي في فتاويه ليس المراد بالقرون ثلثمائة [ ص: 499 ] سنة بلا شك ولا مائة سنة ولا نصفها وإنما المراد جماعات من المسلمين صلوا إلى هذا المحراب ولم ينقل عن أحد منهم أنه طعن فيه فهذا هو الذي لا يجتهد فيه في الجهة ويجتهد فيه في التيامن ، والتياسر وقد عبر في شرح المهذب بقوله في بلد كبير ، أو في قرية صغيرة يكثر المارون بها حيث لا يقرونه على الخطأ فلم يشترط قرونا وإنما شرط كثرة المارين وذلك مرجعه إلى العرف وقد يكتفى في مثل ذلك بسنة وقد يحتاج إلى أكثر بحسب كثرة مرور الناس بها وقلته فالمرجع إلى كثرة الناس ولا إلى طول الزمن ويكفي الطعن من واحد إذا ذكر له مستندا ، أو كان من أهل العلم بالميقات فذلك يخرجه عن رتبة اليقين الذي لا يجتهد معه ومن صلى إلى محراب ، ثم تبين فقد شرطه المذكور أي وهو مضي القرون ، والسلامة من الطعن لزمه الإعادة ؛ لأن واجبه حينئذ الاجتهاد ولا يجوز له الاعتماد عليه كما صرح به في شرح المهذب ومن واجبه الاجتهاد إذا صلى بدونه أعاد ويجب على الإنسان قبل الإقدام البحث عن وجود الشرط المذكور وإذا صلى قبله بدون اجتهاد لم تنعقد صلاته ا هـ وسئل أيضا عما إذا نشأ جماعة ببلدة عمر كل واحد منهم نحو خمسين سنة وهم يصلون إلى محراب زاوية كان على عهد آبائهم ببلدهم وهم لا يعرفون أمضى عليه قرون أم لا وهل طعن فيه أحد أم لا

                                                                                                                              ثم ورد عليه شخص يعرف الميقات فقال لهم هذا فاسد وأحدث لهم محرابا غيره منحرفا عنه هل يلزمهم اتباع قوله ويلزمهم إعادة ما صلوا إلى الأول فأجاب بقوله محراب الزاوية المذكورة وإن كان ببلدة كبيرة ، أو صغيرة كثر المرور بها ولم يسمع فيها طعن فالصلاة إليه صحيحة وإن كانت صغيرة ولم يكثر المرور بها لم تصح إلا بالاجتهاد ويتبع قول الميقاتي في تحريفه إن كان بارعا فيه موثوقا به وقليل ما هم ولا يلزم إعادة ما تقدم من الصلوات ا هـ وقوله ولا يلزم إعادة ما تقدم من الصلوات في هذا نظر فليتأمل فيه مع قوله فيما مر عن فتاويه الوجه الإعادة وإذا صلى قبله بدون اجتهاد لم تنعقد صلاته إذ مقتضاه وجوب الإعادة هنا ( قوله : وليس مثله ما نصبه الصحابة ) صريح في جواز الاجتهاد يمنة [ ص: 500 ] أو يسرة في محراب المسجد الأقصى خلافا لما توهمه جمع من الطلبة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ومن أمكنه إلخ ) أي : بلا مشقة لا تحتمل سم أي عرفا برماوي ويأتي عن المغني مثله ( قوله : أو خارجه إلخ ) عبارة النهاية ، والمغني ، أو بمكة ولا حائل أو على جبل أبي قبيس أو على سطح وهو متمكن من معاينتها وحصل له شك فيها لنحو ظلمة لم يجز له العمل بقول غيره ا هـ قال الرشيدي مراده م ر بالظلمة الظلمة المانعة من المعاينة في الحال مع التمكن من التوصل إلى المعاينة بغير [ ص: 496 ] مشقة ا هـ ( قوله : ولا حائل ) أي : بأن كان بمحل يشاهد فيه الكعبة وإلا فبعض أماكن مكة إذا كان فيه لا يشاهد الكعبة ع ش ( قوله : أو وثم حائل إلخ ) لا يظهر للواو موقع ولو قال ولا ثم حائل ، أو أحدثه إلخ لكان أخصر وأسبك ( قوله : أحدثه لغير حاجة ) أي : ولم يطرأ الاحتياج له ع ش ( قوله : أو أحدثه غيره تعديا ) أي : ولم يزل تعديه كما يأتي في كلامه ( قوله : وهو ) إلى قوله أو إخبار إلخ في النهاية ما يوافقه ( قوله : وهو الأخذ إلخ ) أي في الاصطلاح ع ش ( قوله : الأخذ بقول الغير إلخ ) محل منع الأخذ إذا لم يفد خبر الغير اليقين كخبر المعصوم أو عدد التواتر كردي و ع ش أي كما يفيده قول الشارح الآتي ، أو إخبار عدد التواتر

                                                                                                                              ( قوله : ولو عن علم ) أي : ؛ لأن اليقين مقدم عليه سم قال الرشيدي و ع ش الأولى إسقاط ولو ؛ لأن المخبر عن غير علم هو المجتهد وستأتي مسألته في المتن ا هـ وفيه تأمل ( قوله : بين هذا ) أي : عدم أخذ قول الغير هنا ولو عن علم ( قوله : واكتفاء الصحابة إلخ ) هذا إن اكتفى الصحابة بالإخبار عنه إذا كانوا بحضرته وإلا فقد لا يحتاج للفرق فليتأمل سم أقول تكرر حضورهم معه صلى الله عليه وسلم بعد سماعهم الأخبار عنه كحضورهم عنده حين سماعهم الأخبار عنه في الاحتياج إلى الفرق ( قوله : في المياه ) أي : مع إمكان الطهارة من ماء متيقن الطهارة رشيدي ( قوله : أمرا حسيا ) أي : مشاهدا نهاية ( قوله : على اليقين إلخ ) ولو بنى محرابه على المعاينة صلى إليه أبدا من غير احتياج إلى المعاينة في كل صلاة ومثل ذلك ما لو صلى بالمعاينة لم يحتج إلى المعاينة في كل صلاة ما لم يفارق محله وتطرق إليه الاحتمال وفي معنى المعاين من نشأ بمكة وتيقن إصابة القبلة وإن لم يعاينها حال صلاته نهاية ومغني

                                                                                                                              ( قوله : كمجتهد ) إلى قوله ، أو إخبار إلخ زاد المغني عقبه نعم إن حصل بذلك مشقة جاز الأخذ بقول ثقة يخبر عن علم كما يؤخذ مما يأتي في وجوب السؤال ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كمجتهد إلخ ) أي : قياسا عليه وهذا القياس لا يظهر بالنسبة للمعطوف عليه عبارة شرح المنهج لسهولة علمها في ذلك وكالحاكم إذا وجد النص ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لا يعتمد إلخ ) ويؤخذ من جواز الأخذ بقول المخبر عن علم عند وجود الحائل الآتي أي للمشقة حينئذ ومن قوله الآتي إن لم يكن فيه مشقة عرفا أن الأعمى إذا دخل المسجد الحرام ، أو مسجدا محرابه معتمد وشق عليه لمس الكعبة في الأول ، أو المحراب في الثاني لامتلاء المحل بالناس ، أو امتداد الصفوف للصلاة ، أو نحو ذلك سقط عنه وجوب اللمس وجاز له الأخذ بقول المخبر عن علم وهو ظاهر وفي ذلك مزيد في شرحنا لأبي شجاع سم على حج ا هـ رشيدي زاد ع ش وقوله ونحو ذلك أي كالسواري وقوله جاز له الأخذ بقول المخبر إلخ أي إن وجده وإلا فله الاجتهاد ع ش ( قوله : إلا اللمس الذي إلخ ) فلو اشتبه عليه مواضع لمسها صبر فإن خاف فوت الوقت صلى كيف اتفق وأعاد كما يؤخذ مما يأتي نهاية وقوله فإن خاف إلخ أي بأن لم يدركها بتمامها فيه ع ش ( قوله : أو إخبار عدد التواتر ) أي : ولو من كفار وصبيان ع ش ( قوله : الذي يحصل له به اليقين ) شمل ما لو كان اللمس يفيد اليقين في الجهة دون العين كما في المحاريب المطعون فيها تيامنا وتياسرا لا جهة وحينئذ فيجب على الأعمى لمس حوائطها ليستفيد اليقين في الجهة ، ثم يقلد في التيامن ، والتياسر هكذا ظهر فليحرر رشيدي

                                                                                                                              ( قوله : وإلا يمكنه ) إلى قول المتن يخبر في النهاية ، والمغني إلا قوله لكن إلى المتن وقوله في الأولى إلى ولا يجوز ( قوله : أو أمكنه وثم حائل إلخ ) لا حاجة إليه ، بل لا وجه له بعد تقييد الإمكان في جانب الإثبات بما مر فتذكر وتدبر بصري ( قوله : لكن إلخ ) يفيد اجتماع التعدي مع الحاجة سم ( قوله : بفعله ) أي : أو بفعل غيره ولو بغير حاجة ع ش لكن بشرط عدم التعدي أخذا مما قدمه الشارح في شرحه ومن أمكنه إلخ ( قوله : [ ص: 497 ] في الأولى ) أي عدم الإمكان و ( قوله : في الثانية ) أي : الإمكان ( قوله : أن يتكلف المعاينة ) عبارة شرح المنهج ولا يتكلف المعاينة بصعود حائل ، أو دخول المسجد للمشقة ا هـ قال البجيرمي قوله : بصعود حائل أي وإن قل كثلاث درج و ( قوله : أو دخول المسجد ) أي : وإن قرب أيضا ع ش و ( قوله : للمشقة ) وإن كانت تحتمل عادة حفني ا هـ وهذه الغاية تخالف ما مر عن سم والبرماوي عند قول المصنف ومن أمكنه

                                                                                                                              ( قوله : ولا يجوز له الاجتهاد ) الأولى تأخيره عن قول المتن يخبر عن علم قول المتن ( بقول ثقة ) أي ومنه ولي يخبره عن كشف ع ش هذا إنما يظهر على ما يأتي في الشرح من أن المراد بالعلم هنا ما يشمل الظن بخلاف ظاهر المتن الذي جرى عليه شرح بافضل فقال أي مشاهدة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بقول ثقة إلخ ) أي : وما بمعناه كما يأتي وكان ينبغي أن يقدره هنا أيضا ليظهر عطف قوله كمحراب إلخ على قوله كقوله إلخ إذ الكشف إنما يفيد الظن لا العلم كما صرحوا به ( قوله : ولا فاسق ) أي : ولا مرتكب خارم المروءة مع السلامة من الفسق على الأقرب ، ثم ظاهر إطلاقه ولو وقع في قلبه صدقه وقياس ما يأتي في الصوم الأخذ بخبره حينئذ إلا أن يفرق بأنه لما كان أمر القبلة مبنيا على اليقين وكانت حرمة الصلاة أعظم من الصوم احتيط لها ع ش

                                                                                                                              ( قوله : ويجب سؤاله إلخ ) وهل يجب تكرير السؤال لكل فرض سم عبارة ع ش ويجب تكرير السؤال لكل صلاة تحضر كما يجب تجديد الاجتهاد انتهى حج ا هـ ولعله في غير التحفة وشرح بافضل وإلا فما يأتي في شرح ويجب تجديد الاجتهاد إلخ فالفرق بينه وبين ما هنا ظاهر ( قوله : إن سهل إلخ ) وإذا سئل الثقة فالأقرب أنه يجب عليه الإرشاد لها ؛ لأنه من فروض الكفايات ، ثم إن لم يكن في إخباره مشقة لا يستحق الأجرة وإلا استحقها ع ش ( قوله : بأن لم يكن فيه مشقة إلخ ) فإن كان عليه مشقة في السؤال لبعد المكان ، أو نحوه فيجوز له الاجتهاد نهاية ومغني قوله م ر لبعد المكان أي بحيث لا يكلف تحصيل الماء منه و ( قوله : أو نحوه ) أي كتحجب المسئول ع ش ( قوله : كقوله ) إلى قوله ولا يجب في النهاية إلا قوله وهو عالم بدلالته ( قوله : أو رأيت الجم إلخ ) ظاهر صنيعه أنه يجب عليه الأخذ بقوله في هذه المسألة ومسألة القطب التي تليها مطلقا وهو محل تأمل فالذي يظهر في الأولى أن حكمها حكم المحراب المعتمد فله الصلاة إلى تلك الجهة وله الاجتهاد يمنة ويسرة وفي الثانية أن محل ما ذكر فيها حيث لم يكن عالما بأمارة أخرى غير أضعف من القطب إذ هو مجتهد حينئذ غاية الأمر أنه يقبل إخباره فيما يتوقف عليه الاجتهاد وهو الأمارة وبهذا يعلم ما في نظم هذا في سلك مسائل هذا القسم فالأولى تأخيرها إلى القسم الثالث ، والتنبيه على أنه يعتمد قول المخبر في الأمارة كما يعتمده في أصل القبلة فليتأمل ثم ، ثم رأيت في سم على المنهج التنبيه على أن قول المخبر المذكور لا يزيد على المحراب أي فيجوز الاجتهاد معه يمنة ويسرة بصري عبارة النهاية ، ثم محل امتناع الاجتهاد فيما ذكر أي في محاريب المسلمين ومعظم طريقهم وقراهم الغير المطعونة وفيما أخبر عدل باتفاق جمع من المسلمين على جهة ، أو أخبر صاحب الدار عن القبلة بشرطه بالنسبة للجهة أما بالنسبة للتيامن ، والتياسر فيجوز ثم قال فإن قال المخبر رأيت القطب أو الجم الغفير يصلون هكذا فهو إخبار عن علم فالأخذ به قبول خبر لا تقليد ا هـ

                                                                                                                              قال ع ش قوله م ر فهو إخبار إلخ معناه أنه كالإخبار في تقدمه على الاجتهاد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو رأيت الجم إلخ ) ويتعين حمله أخذا مما يأتي آنفا على ما إذا لم يعلم أن صلاتهم بتقليد بعضهم المجتهد في القبلة ( قوله : الجم إلخ ) لعل المراد به عدد التواتر انظر لو تعارضت هذه الأمور سم على حج أقول : ينبغي أن عدد التواتر مقدم على غيره ، ثم الإخبار عن علم برؤية الكعبة ، ثم رؤية المحاريب المعتمدة ، ثم رؤية القطب ، ثم الإخبار برؤية الجم الغفير وذلك ؛ لأن التواتر يفيد اليقين وخبر المخبر عن علم يفيد الظن فيقدم عليه التواتر ورؤية الكعبة أبعد عن الغلط من رؤية القطب ؛ لأنه وإن كان بمنزلة العيان لكنه قد يقع الخطأ في رؤيته لاشتباهه على الرائي ، أو لمانع قام بالرائي ورؤية القطب أقرب لتحرير ما يصلي إليه [ ص: 498 ] عند الرائي فإن المخبر بأنه رأى الجم الغفير يصلون هكذا ربما يكون مستنده رؤية صلاتهم لتلك الجهة فلا يأمن في الأخذ بقوله من الانحراف يمنة ، أو يسرة ع ش

                                                                                                                              ( قوله : أو القطب إلخ ) الذي يظهر أن صورة هذا أن يكون المخبر بكسر الباء في موضع يرى فيه القطب دون المخبر بفتحها فيمتنع عليه حينئذ الاجتهاد في محل القطب كأن ينظر إلى الكواكب التي حوله ليستدل بها على موضعه وإلا فهو مشكل جدا ، ثم رأيت في القليوبي على المحلي قال وليس منه أي من الإخبار عن علم الإخبار برؤية القطب ونحوه خلافا لمن زعمه ؛ لأنه من أدلة الاجتهاد انتهى أي وهو دون الإخبار عن علم رتبة لكن إن أجيب بما قدمته هان الأمر كردي ويظهر أن صورة ذاك أن يرى المخبر القطب في الليل ويشخص سمته ويخبر غيره في النهار مثلا ( قوله : وهو عالم بدلالته ) أي : المخبر بفتح الباء ، وكذلك في حاشية الإيضاح ونظر فيه عبد الرءوف في شرح المختصر بأن العمل حينئذ بالاجتهاد لا بمن يخبر عن علم وهو ظاهر انتهى وفي حاشية الإيضاح للشارح أن محل منع الاجتهاد في ذلك إنما هو في الجهة فقط فهو في رتبة المحاريب الموثوق بها لكن كلام التحفة وشرحي الإرشاد له يقتضي عدم الجواز في اليمنة ، واليسرة أيضا كردي ( قوله : وكمحراب ) إلى قوله ولا يجب في المغني ( قوله : قرون من المسلمين إلخ ) وفي فتاوى السيوطي أن المراد بالقرون جماعات كثيرة من المسلمين صلوا إلى هذا المحراب ولم ينقل عن أحد منهم أنه طعن فيه وليس المراد بذلك ثلثمائة سنة بلا شك ولا مائة ولا نصفها وقد يكتفى بسنة وقد يحتاج إلى أكثر فالمرجع إلى كثرة الناس لا إلى طول الزمن انتهى ا هـ سم ورشيدي

                                                                                                                              ( قوله : وكمحراب إلخ ) وفي سم على حج ويجب على الإنسان قبل الإقدام أي على اعتماد المحراب البحث عن وجود الشرط المذكور وهو السلامة من الطعن وإذا صلى قبله بدون اجتهاد لم تنعقد صلاته انتهى وينبغي أن محل ذلك في محراب لم يكثر طارقوه واحتمل الطعن فيه وإلا فصلاته من غير سؤال ع ش ( قوله : بشرط أن يسلم من الطعن ) ويكفي الطعن من واحد إذا ذكر له مستندا ، أو كان من أهل العلم بالميقات فذلك يخرجه عن رتبة اليقين الذي لا يجتهد معه سم على حج ا هـ ع ش ( قوله : أرياف مصر ) أي مزارعها كردي ( قوله : وبه يعلم إلخ ) أي : بقوله نعم إلخ ( قوله : لا جهة إلخ ) عطف على قوله يمنة إلخ ( قوله : وجعل ) إلى قول المتن ويقضي في النهاية إلا ما أنبه عليه وقوله ومثله محاذيه كما هو واضح وقوله وقيل إلى المتن ( قوله : من ذلك ) أي من إخبار الثقة أي من حيث الاعتماد لا من حيث امتناع الاجتهاد يمنة ويسرة كما مر عن النهاية ( قوله : ويتعين حمله إلخ ) عبارة النهاية وهو ظاهر إن علم أن صاحبها أي الدار يخبر عن غير اجتهاد وإلا لم يجز تقليده ا هـ قال ع ش قوله م ر يخبر عن غير اجتهاد أي بأن أخبر عن معاينة ، أو ما في معناها كرؤية القطب ، أو المحاريب المعتمدة وقوله م ر وإلا لم يجز إلخ أي بأن علم أنه يخبر عن اجتهاد ، أو شك في أمره ا هـ

                                                                                                                              وقال الرشيدي ومن غير الاجتهاد أخذا مما قبله استناد إخباره إلى اتفاق أهل البلد على جهاتها وأوضاعها المعلوم منه جهة القبلة في الدار وإن كان مستندهم الاجتهاد فعلم أن هذا لا يختص بدور مكة فتنبه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإلا إلخ ) خرج عنه صورة الشك وقد تقدم عن النهاية ما يخالفه ( قوله : وما ثبت ) إلى قول المتن ويقضي في المغني إلا قوله ومثله محاذيه كما هو واضح وما أنبه عليه ( قوله : وما ثبت إلخ ) عبارة النهاية وهذا في غير محاريبه صلى الله عليه وسلم ومساجده أما هي فيمتنع الاجتهاد فيها مطلقا ؛ لأنه لا يقر على خطأ فلو تخيل حاذق فيها يمنة ، أو يسرة فخياله باطل ومساجده هي التي صلى فيها إن ضبطت ومحاريبه كل ما ثبت صلاته فيه إذ لم يكن في زمنه محاريب ا هـ زاد المغني ، والمحراب لغة صدر المجلس سمي الطاق المعروف بذلك ؛ لأن المصلي يحارب فيه الشيطان وألحق بعض الأصحاب قبلة البصرة ، والكوفة بموضع صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم لنصب الصحابة لهما ا هـ قال ع ش قوله : م ر ومساجده إلخ المغايرة بين المسجد ، والمحراب إنما هي بحسب المفهوم فالمدار هنا على ضبط ما استقبله في صلاته حتى لو علمت صلاته في مكان وضبط خصوص موقفه عليه الصلاة والسلام فيه ولم يضبط ما استقبله فيه لم يكن مانعا من الاجتهاد ، بل يجب معه الاجتهاد

                                                                                                                              ( قوله : كل ما ثبت إلخ ) أي : ولو بخبر الواحد كما هو ظاهر حج انتهى زيادي وقوله م ر إذ لم يكن [ ص: 499 ] في زمنه إلخ أي إذ المحراب المجوف على الهيئة المعروفة حدث بعده ومن ثم قال الأذرعي يكره الدخول في طاقة المحراب ورأيت بهامش نسخة قديمة ولا يكره الدخول في الطاقة خلافا للسيوطي ا هـ عبارة البرماوي ولا تكره الصلاة في المحراب المعهود ولا بمن فيه خلافا للجلال السيوطي ولم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم ، والخلفاء بعده إلى آخر المائة الأولى وإنما حدثت المحاريب في أول المائة الثانية ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ومثله محاذيه إلخ ) بقاؤه على إطلاقه مشكل فليقيد بمحاذ لا يتحقق خروجه عن سمت القبلة بذلك المحل بل قد يقال إنه مشكل مطلقا إذ لا مانع أن يكون موقفه صلى الله عليه وسلم لطرف البيت بحيث يكون الواقف عن يمينه ، أو يساره صلى الله عليه وسلم خارجا عن محاذاة البيت فليتأمل وليحرر نعم إن حمل المحاذي على المسامت من أمامه وخلفه فلا إشكال البصري ( قوله : ؛ لأنه لا يقر على خطأ ) يعني أنه إن وقع منه صلى الله عليه وسلم خطأ نبه عليه بالوحي ، والصحيح أنه وغيره من الأنبياء لعصمتهم لا يقع منهم الخطأ لا عمدا ولا سهوا إلا إن ترتب عليه تشريع كما في سلامه عليه الصلاة والسلام من ركعتين ع ش ( قوله : وليس مثله ما نصبه الصحابة إلخ ) ؛ لأنهم لم ينصبوها إلا عن اجتهاد واجتهادهم لا يوجب القطع بعدم انحراف وإن قل

                                                                                                                              و ( قوله : ، والكوفة ) أي : ، والشام وبيت المقدس وجامع مصر القديمة وهو الجامع العتيق نهاية عبارة سم قوله وليس مثله إلخ صريح في جواز الاجتهاد يمنة ويسرة في محراب مسجد الأقصى خلافا لما توهمه جمع من الطلبة ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية