الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: كتاب أنزل إليك قال الأخفش: رفع الكتاب بالابتداء . ومذهب الفراء أن الله اكتفى في مفتتح السور ببعض حروف المعجم عن جميعها ، كما يقول القائل: "ا ب ت ث" ثمانية وعشرون حرفا; فالمعنى: حروف المعجم: كتاب أنزلناه إليك . قال ابن الأنباري: ويجوز أن يرتفع الكتاب بإضمار: هذا الكتاب . وفي الحرج قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه الشك ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، وابن قتيبة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه الضيق ، قاله الحسن ، والزجاج . وفي هاء "منه" قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنها ترجع إلى الكتاب; فعلى هذا ، في معنى الكلام قولان . أحدهما: لا يضيقن صدرك بالإبلاغ ، ولا تخافن ، قاله الزجاج . والثاني: لا تشكن أنه من عند الله . [ ص: 166 ] والقول الثاني: أنها ترجع إلى مضمر ، وقد دل عليه الإنذار ، وهو التكذيب ، ذكره ابن الأنباري . قال الفراء: فمعنى الآية: لا يضيقن صدرك إن كذبوك . قال الزجاج : و قوله تعالى: لتنذر به مقدم; والمعنى: أنزل إليك لتنذر به وذكرى للمؤمنين ، فلا يكن في صدرك حرج منه . "وذكرى" يصلح أن يكون في موضع رفع ونصب وخفض; فأما النصب ، فعلى قوله: أنزل إليك لتنذر به ، وذكرى للمؤمنين ، أي: ولتذكر به ذكرى ، لأن في الإنذار معنى التذكير . ويجوز الرفع على أن يكون: وهو ذكرى ، كقولك: وهو ذكرى للمؤمنين . فأما الخفض ، فعلى معنى: لتنذر ، لأن معنى لتنذر لأن تنذر; المعنى: للإنذار والذكرى ، وهو في موضع خفض .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية