الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء

التالي السابق


ثم شرع المصنف في ذكر القسم الثاني من القسم الثاني، وهي الغيوب القولية، فقال: (والإنباء) أي: ومع ما اشتمل عليه القرآن من الإخبار (عن الغيب في أمور) كثيرة (تحقق صدقه فيها) ، وهو على قسمين: في الماضي فكقصة موسى عليه السلام، وقصة فرعون، وقصة يوسف عليه السلام، وأمثالها من قصص الأنبياء على تفاصيلها من غير سماع من أحد، ولا تلق من بشر، كما تقدم، كما نبه عليه قوله تعالى: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ، و (في الاستقبال) ، وهو من الكتاب، ومن السنة، فمن الكتاب (كقوله تعالى:) قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ، وقوله تعالى: فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ، وقوله تعالى: ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ) على أنفسكم من الأعداء ( محلقين رءوسكم ومقصرين ) بعد تمام النسك، وكل ذلك وقع في زمنه صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما وقع بعده (كقوله تعالى: الم غلبت الروم ) وهم بنو الأصفر ( في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ) على اختلاف القراء، وقوله تعالى: وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها ، وقوله تعالى: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ، وقوله تعالى: ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ، قيل: الخطاب للمنافقين، دعاهم أبو بكر لقتال بني حنيفة، وقيل: المراد دعاء عمر إلى قتال فارس .

وأما من السنة فكقوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: "تقاتل بعدي الناكسين والقاسطين المارقين". ولعمار رضي الله عنه: "تقتلك الفئة الباغية". وكقوله صلى الله عليه وسلم: "زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها". وقوله عليه السلام: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة". وإخباره بهلاك كسرى وقيصر وزوال ملكهما، وإنفاق كنوزهما في سبيل الله، وغير ذلك مما هو وارد في صحاح الأحاديث .




الخدمات العلمية