الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4669 حدثنا حجاج بن منهال حدثنا شعبة قال أخبرني عدي قال سمعت البراء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فقرأ في العشاء في إحدى الركعتين بالتين والزيتون تقويم الخلق

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سورة ألم نشرح لك - بسم الله الرحمن الرحيم ) كذا لأبي ذر ، وللباقين " ألم نشرح " حسب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال مجاهد : وزرك : في الجاهلية ) وصله الفريابي من طريقه ، و " في الجاهلية " متعلق بالوزر ، أي الكائن في الجاهلية وليس متعلقا بوضع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أنقض : أتقن ) قال عياض : كذا في جميع النسخ " أتقن " بمثناة وقاف ونون ، وهو وهم والصواب أثقل بمثلثة وآخرها لام ، وقال الأصيلي هذا وهم في رواية الفربري ، ووقع عند ابن السماك أثقل بالمثلثة هو أصح ، قال عياض : وهذا لا يعرف في كلام العرب ، ووقع عند ابن السكن " ويروى أثقل " وهو الصواب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ويروى أثقل وهو أصح من أتقن ) كذا وقع في رواية المستملي وزاد فيه : قال الفربري سمعت أبا معشر يقول أنقض ظهرك : أثقل . ووقع في الكتاب خطأ ، قلت : أبو معشر هو حمدويه بن الخطاب بن إبراهيم البخاري ، كان يستملي على البخاري ويشاركه في بعض شيوخه ، وكان صدوقا ، وأضر بأخرة . وقد أخرجه الفريابي من طريق مجاهد بلفظ " الذي أنقض ظهرك ، قال : أثقل " . قال : وهذا هو الصواب ، تقول العرب أنقض الحمل ظهر الناقة إذا أثقلها وهو مأخوذ من النقيض وهو الصوت ومنه سمعت نقيض الرحل أي صريره

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مع العسر يسرا قال ابن عيينة : أي إن مع ذلك العسر يسرا آخر ، كقوله هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ) وهذا مصير من ابن عيينة إلى اتباع النحاة في قولهم إن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى ، وموقع التشبيه أنه كما ثبت للمؤمنين تعدد الحسنى كذا ثبت لهم تعدد اليسر ، أو أنه ذهب إلى أن المراد بأحد اليسرين الظفر وبالآخر الثواب فلا بد للمؤمن من أحدهما .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولن يغلب عسر يسرين ) روي هذا مرفوعا موصولا ومرسلا ، وروي أيضا موقوفا ، أما المرفوع فأخرجه ابن مردويه من حديث جابر بإسناد ضعيف ولفظه أوحي إلي أن مع اليسر يسرا أن مع العسر يسرا ، ولن يغلب عسر يسرين وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق من حديث ابن مسعود قال : قال رسول الله [ ص: 583 ] - صلى الله عليه وسلم - لو كان العسر في جحر لدخل عليه اليسر حتى يخرجه ، ولن يغلب عسر يسرين . ثم قال : إن مع العسر يسرا إن مع اليسر يسرا وإسناده ضعيف . وأخرجه عبد الرزاق والطبري من طريق الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأخرجه عبد بن حميد عن ابن مسعود بإسناد جيد من طريق قتادة قال : " ذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر أصحابه بهذه الآية فقال : لن يغلب عسر يسرين إن شاء الله " وأما الموقوف فأخرجه مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه " عن عمر أنه كتب إلى أبي عبيدة يقول : مهما ينزل بامرئ من شدة يجعل الله له بعدها فرجا ، وإنه لن يغلب عسر يسرين " وقال الحاكم صح ذلك عن عمر وعلي ، وهو في الموطأ عن عمر لكن من طريق منقطع ، وأخرجه عبد بن حميد عن ابن مسعود بإسناد جيد ، وأخرجه الفراء بإسناد ضعيف عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال مجاهد : فانصب : في حاجتك إلى ربك ) وصله ابن المبارك في الزهد عن سفيان عن منصور عن مجاهد في قوله : فإذا فرغت فانصب : في صلاتك . وإلى ربك فارغب قال : اجعل نيتك ورغبتك إلى ربك . وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم قال : إذا فرغت من الجهاد فتعبد ، ومن طريق الحسن نحوه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ويذكر عن ابن عباس ألم نشرح لك صدرك شرح الله صدره للإسلام ) وصله ابن مردويه من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، وفي إسناده راو ضعيف .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : لم يذكر في سورة ( ألم نشرح ) حديثا مرفوعا ، ويدخل فيها حديث أخرجه الطبري وصححه ابن حبان من حديث أبي سعيد رفعه أتاني جبريل فقال : يقول ربك أتدري كيف رفعت ذكرك ؟ قال : الله أعلم ، قال : إذا ذكرت ذكرت معي . وهذا أخرجه الشافعي وسعيد بن منصور وعبد الرزاق من طريق مجاهد قوله ، وذكر الترمذي والحاكم في تفسيرهما قصة شرح صدره - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء ، وقد مضى الكلام عليه في أوائل السيرة النبوية .

                                                                                                                                                                                                        95 - ( سورة والتين ) وقال مجاهد : هو التين والزيتون الذي يأكل الناس . يقال : فما يكذبك فما الذي يكذبك بأن الناس يدانون بأعمالهم ؟ كأنه قال : ومن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب؟ قوله : ( سورة والتين ) وقال مجاهد : هو التين والزيتون الذي يأكل الناس ) وصله الفريابي من طريق مجاهد في قوله : والتين والزيتون قال : الفاكهة التي تأكل الناس . وطور سينين الطور : الجبل ، وسينين : المبارك . وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس ، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس مثله ، ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال : التين : مسجد نوح الذي بني على الجودي . ومن طريق الربيع بن أنس قال : التين : جبل عليه التين ، والزيتون : جبل عليه الزيتون . ومن طريق قتادة : الجبل الذي عليه دمشق . ومن طريق محمد بن كعب قال : مسجد أصحاب الكهف ، والزيتون : مسجد إيلياء . ومن طريق قتادة : جبل عليه بيت المقدس .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 584 ] قوله : ( تقويم : خلق ) كذا ثبت لأبي نعيم ، وقد وصله الفريابي من طريق مجاهد في قوله : أحسن تقويم قال : أحسن خلق . وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس بإسناد حسن قال : أعدل خلق .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أسفل سافلين إلا من آمن ) كذا ثبت للنسفي وحده وقد تقدم لهم في بدء الخلق . وأخرج الحاكم من طريق عاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عباس قال : من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر وذلك قوله : ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا قال : الذين قرءوا القرآن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يقال فما يكذبك فما الذي يكذبك بأن الناس يدانون بأعمالهم كأنه قال : ومن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب ) في رواية أبي ذر عن غير الكشميهني " تدالون " بلام بدل النون الأولى ، والأول هو الصواب ، كذا هو في كلام الفراء بلفظه وزاد في آخره : بعدما تبين له كيفية خلقه . قال ابن التين : كأنه جعل " ما " لمن يعقل وهو بعيد . وقيل : المخاطب بذلك الإنسان المذكور ، قيل هو على طريق الالتفات وهذا عن مجاهد ، أي ما الذي جعلك كاذبا ؟ لأنك إذا كذبت بالجزاء صرت كاذبا ، لأن كل مكذب بالحق فهو كاذب . وأما تعقب ابن التين قول الفراء جعل " ما " لمن يعقل وهو بعيد ، فالجواب أنه ليس ببعيد فيمن أبهم أمره ، ومنه إني نذرت لك ما في بطني محررا

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أخبرني عدي ) هو ابن ثابت الكوفي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقرأ في العشاء بالتين ) تقدم شرحه في صفة الصلاة . وقد كثر سؤال بعض الناس : هل قرأ بها في الركعة الأولى أو الثانية ؟ أو قرأ فيهما معا كأن يقول أعادها في الثانية ؟ وعلى أن يكون قرأ غيرها فهل عرف ؟ وما كنت أستحضر لذلك جوابا ، إلى أن رأيت في " كتاب الصحابة لأبي علي بن السكن " في ترجمة زرعة بن خليفة رجل من أهل اليمامة أنه قال : " سمعنا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فأتيناه فعرض علينا الإسلام فأسلمنا وأسهم لنا ، وقرأ في الصلاة بالتين والزيتون وإنا أنزلناه في ليلة القدر " فيمكن إن كانت هي الصلاة التي عين البراء بن عازب أنها العشاء أن يقال قرأ في الأولى بالتين وفي الثانية بالقدر ، ويحصل بذلك جواب السؤال . ويقوي ذلك أنا لا نعرف في خبر من الأخبار أنه قرأ بالتين والزيتون إلا في حديث البراء ثم حديث زرعة هذا .

                                                                                                                                                                                                        96 - سورة ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) وقال قتيبة : حدثنا حماد عن يحيى بن عتيق ، عن الحسن قال : اكتب في المصحف في أول الإمام بسم الله الرحمن الرحيم واجعل بين السورتين خطا . وقال مجاهد : ناديه : عشيرته ، الزبانية : الملائكة ، وقال معمر الرجعى : المرجع ، لنسفعن : لنأخذن ، ولنسفعن بالنون وهي الخفيفة ، سفعت بيده أخذت .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية