الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      واختلف العلماء في أسنان الدية فيهما ، وسنبين إن شاء الله تعالى مقادير الدية في العمد المحض إذا وقع العفو على الدية ، وفي شبه العمد ، وفي الخطأ المحض .

                                                                                                                                                                                                                                      اعلم أن الجمهور على أن الدية في العمد المحض وشبه العمد سواء ، واختلفوا في أسنانها فيهما ، فذهب جماعة من أهل العلم إلى أنها تكون أرباعا : خمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 103 ] وهذا هو مذهب مالك وأبي حنيفة ، والرواية المشهورة عن أحمد ، وهو قول الزهري ، وربيعة ، وسليمان بن يسار ، ويروى عن ابن مسعود ، كما نقله عنهم ابن قدامة في المغني .

                                                                                                                                                                                                                                      وذهبت جماعة أخرى إلى أنها ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون في بطونها أولادها .

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا مذهب الشافعي ، وبه قال عطاء ، ومحمد بن الحسن ، وروي عن عمر ، وزيد ، وأبي موسى ، والمغيرة . ورواه جماعة عن الإمام أحمد .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقيده عفا الله عنه : وهذا القول هو الذي يقتضي الدليل رجحانه . لما تقدم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أبي داود ، والنسائي ، وابن ماجه : من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " منها أربعون خلفة في بطونها أولادها " ، وبعض طرقه صحيح كما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال البيهقي في بيان الستين التي لم يتعرض لها هذا الحديث : ( باب صفة الستين التي مع الأربعين ) ثم ساق أسانيده عن عمر ، وزيد بن ثابت ، والمغيرة بن شعبة ، وأبي موسى الأشعري ، وعثمان بن عفان ، وعلي في إحدى روايتيه عنه أنها ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن قدامة في المغني مستدلا لهذا القول : ودليله هو ما رواه عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قتل متعمدا دفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاءوا قتلوه ، وإن شاءوا أخذوا الدية وهي ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون خلفة ، وما صولحوا فهو لهم " ، وذلك لتشديد القتل . رواه الترمذي وقال : هو حديث حسن غريب . اه محل الغرض منه بلفظه ، ثم ساق حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي قدمنا .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم قال مستدلا للقول الأول : ووجه الأول ما روى الزهري عن السائب بن يزيد قال : " كانت الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أرباعا : خمسا وعشرين جذعة ، وخمسا وعشرين حقة ، وخمسا وعشرين بنت لبون ، وخمسا وعشرين بنت مخاض " وهو قول ابن مسعود اه منه .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الموطأ عن مالك : أن ابن شهاب كان يقول في دية العمد إذا قبلت : خمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس [ ص: 104 ] وعشرون جذعة . وقد قدمنا : أن دية العمد ، ودية شبه العمد سواء عند الجمهور .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي دية شبه العمد للعلماء أقوال غير ما ذكرنا ، منها ما رواه البيهقي ، وأبو داود عن علي رضي الله عنه أنه قال : في شبه العمد أثلاث : ثلاث وثلاثون حقة ، وثلاث وثلاثون جذعة ، وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها ، وكلها خلفة .

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها ما رواه البيهقي وغيره عن ابن مسعود أيضا : أنها أرباع : ربع بنات لبون ، وربع حقاق وربع جذاع " وربع ثنية إلى بازل عامها ، هذا حاصل أقوال أهل العلم في دية العمد وشبه العمد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأولى الأقوال وأرجحها : ما دلت عليه السنة ، وهو ما قدمنا من كونها ثلاثة حقة ، وثلاثين جذعة ، وأربعين خلفة في بطونها أولادها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال البيهقي رحمه الله في السنن الكبرى بعد أن ساق الأقوال المذكورة ما نصه : قد اختلفوا هذا الاختلاف ، وقول من يوافق سنة النبي صلى الله عليه وسلم المذكورة في الباب قبله أولى بالاتباع ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                                                                                      تنبيه

                                                                                                                                                                                                                                      اعلم أن الدية في العمد المحض إذا عفا أولياء المقتول : إنما هي في مال الجاني ، ولا تحملها العاقلة إجماعا ، وأظهر القولين : أنها حالة غير منجمة في سنين ، وهو قول جمهور أهل العلم ، وقيل : بتنجيمها .

                                                                                                                                                                                                                                      وعند أبي حنيفة أن العمد ليس فيه دية مقررة أصلا ، بل الواجب فيه ما اتفق عليه الجاني وأولياء المقتول ، قليلا كان أو كثيرا ، وهو حال عنده .

                                                                                                                                                                                                                                      أما الدية في شبه العمد فهي منجمة في ثلاث سنين ، يدفع ثلثها في آخر كل سنة من السنين الثلاث ، ويعتبر ابتداء السنة من حين وجوب الدية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض أهل العلم : ابتداؤها من حين حكم الحاكم بالدية ، وهي على العاقلة لما قدمناه في حديث أبي هريرة المتفق عليه من كونها على العاقلة ، وهو مذهب الأئمة الثلاثة : أبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد - رحمهم الله - وبه قال الشعبي ، والنخعي ، والحكم ، والثوري ، وابن المنذر وغيرهم ، كما نقله عنهم صاحب المغني وهذا القول هو الحق .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 105 ] وذهب بعض أهل العلم إلى أن الدية في شبه العمد في مال الجاني لا على العاقلة ; لقصده الضرب وإن لم يقصد القتل . وبهذا قال ابن سيرين ، والزهري ، والحارث العكلي ، وابن شبرمة ، وقتادة ، وأبو ثور ، واختاره أبو بكر عبد العزيز ، اه من " المغني " لابن قدامة . وقد علمت أن الصواب خلافه ، لدلالة الحديث المتفق عليه على ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      أما مالك رحمه الله فلا يقول بشبه العمد أصلا ، فهو عنده عمد محض كما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما الدية في الخطأ المحض فهو أخماس في قول أكثر أهل العلم .

                                                                                                                                                                                                                                      واتفق أكثرهم على السن والصنف في أربع منها ، واختلفوا في الخامس ، أما الأربع التي هي محل اتفاق الأكثر فهي عشرون جذعة ، وعشرون حقة ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون بنت مخاض . وأما الخامس الذي هو محل الخلاف فبعض أهل العلم يقول : هو عشرون ابن مخاض ذكرا ، وهو مذهب أحمد ، وأبي حنيفة ، وبه قال ابن مسعود ، والنخعي ، وابن المنذر ، واستدل أهل هذا القول بحديث ابن مسعود الوارد بذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو داود في سننه : حدثنا مسدد ، حدثنا عبد الواحد ، ثنا الحجاج ، عن زيد بن جبير ، عن خشف بن مالك الطائي ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " في دية الخطأ عشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وعشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون ابن مخاض ذكرا " ، وهو قول عبد الله . انتهى منه بلفظه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال النسائي في سننه : أخبرنا علي بن سعيد بن مسروق ، قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن حجاج ، عن زيد بن جبير ، عن خشف بن مالك الطائي قال : سمعت ابن مسعود يقول : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم دية الخطأ عشرين بنت مخاض ، وعشرين ابن مخاض ذكورا ، وعشرين بنت لبون ، وعشرين جذعة ، وعشرين حقة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن ماجه في سننه : حدثنا عبد السلام بن عاصم ، ثنا الصباح بن محارب ، ثنا حجاج بن أرطاة ، ثنا زيد بن جبير ، عن خشف بن مالك الطائي ، عن عبد الله بن [ ص: 106 ] مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " في دية الخطأ عشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وعشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون بني مخاض ذكورا " ونحو هذا أخرجه الترمذي أيضا عن ابن مسعود .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الدارقطني عنه نحوه ، إلا أن فيه : وعشرون بني لبون بدل بني مخاض .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحافظ في " بلوغ المرام " : إن إسناده أقوى من إسناد الأربعة . قال : وأخرجه ابن أبي شيبة من وجه آخر موقوفا ، وهو أصح من المرفوع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما القول الثاني في هذا الخامس المختلف فيه ، فهو أنه عشرون ابن لبون ذكرا ، مع عشرين جذعة ، وعشرين حقة ، وعشرين بنت لبون ، وعشرين بنت مخاض . وهذا هو مذهب مالك والشافعي ، وبه قال عمر بن عبد العزيز ، وسليمان بن يسار ، والزهري ، والليث ، وربيعة . كما نقله عنهم ابن قدامة في " المغني " ، وقال : هكذا رواه سعيد في سننه عن النخعي ، عن ابن مسعود .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الخطابي : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم " ودى الذي قتل بخيبر بمائة من إبل الصدقة " وليس في أسنان الصدقة ابن مخاض .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال البيهقي في السنن الكبرى : وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف الرفاء البغدادي ، أنبأ أبو عمرو عثمان بن محمد بن بشر ، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، ثنا إسماعيل بن أبي أويس وعيسى بن مينا ، قالا : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، أن أباه قال : كان من أدركت من فقهائنا الذي ينتهى إلى قولهم ; ومنهم سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن محمد ، وأبو بكر بن عبد الرحمن ، وخارجة بن زيد بن ثابت ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وسليمان بن يسار ، في مشيخة جلة سواهم من نظرائهم ، وربما اختلفوا في الشيء فأخذنا بقول أكثرهم وأفضلهم رأيا ، وكانوا يقولون : العقل في الخطأ خمسة أخماس : فخمس جذاع ، وخمس حقاق ، وخمس بنات لبون ، وخمس بنات مخاض ، وخمس بنو لبون ذكور ، والسن في كل جرح قل أو كثر خمسة أخماس على هذه الصفة . انتهى كلام البيهقي رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقيده عفا الله عنه : جعل بعضهم أقرب القولين دليلا قول من قال : إن الصنف الخامس من أبناء المخاض الذكور لا من أبناء اللبون ، لحديث عبد الله بن [ ص: 107 ] مسعود المرفوع المصرح بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم بذلك . قال : والحديث المذكور وإن كان فيه ما فيه أولى من الأخذ بغيره من الرأي .

                                                                                                                                                                                                                                      وسند أبي داود والنسائي رجاله كلهم صالحون للاحتجاج ، إلا الحجاج بن أرطاة فإن فيه كلاما كثيرا واختلافا بين العلماء ; فمنهم من يوثقه ، ومنهم من يضعفه ، وقد قدمنا في هذا الكتاب المبارك تضعيف بعض أهل العلم له .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال فيه ابن حجر في التقريب : صدوق كثير الخطأ والتدليس .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقيده عفا الله عنه : حجاج المذكور من رجال مسلم ، وأعل أبو داود والبيهقي وغيرهما الحديث بالوقف على ابن مسعود ، قالوا : رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم خطأ ، وقد أشرنا إلى ذلك قريبا .

                                                                                                                                                                                                                                      أما وجه صلاحية بقية رجال السنن ، فالطبقة الأولى من سنده عند أبي داود مسدد وهو ثقة حافظ ، وعند النسائي سعيد بن علي بن سعيد بن مسروق الكندي الكوفي وهو صدوق .

                                                                                                                                                                                                                                      والطبقة الثانية عند أبي داود عبد الواحد وهو ابن زياد العبدي مولاهم البصري ثقة ، في حديثه عن الأعمش وحده مقال . وعند النسائي يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، وهو ثقة متقن .

                                                                                                                                                                                                                                      والطبقة الثالثة عندهما حجاج بن أرطاة المذكور .

                                                                                                                                                                                                                                      والطبقة الرابعة عندهما زيد بن جبير وهو ثقة .

                                                                                                                                                                                                                                      والطبقة الخامسة عندهما خشف بن مالك الطائي ، وثقه النسائي .

                                                                                                                                                                                                                                      والطبقة السادسة عندهما عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      والطبقة الأولى عند ابن ماجه عبد السلام بن عاصم الجعفي الهسنجاني الرازي ، وهو مقبول .

                                                                                                                                                                                                                                      والطبقة الثانية عنده الصباح بن محارب التيمي الكوفي نزيل الري وهو صدوق ، ربما خالف .

                                                                                                                                                                                                                                      والطبقة الثالثة عنده حجاج بن أرطاة إلى آخر السند المذكور .

                                                                                                                                                                                                                                      والحاصل : أن الحديث متكلم فيه من جهتين : الأولى من قبل حجاج بن [ ص: 108 ] أرطاة ، وقد ضعفه الأكثر ، ووثقه بعضهم ، وهو من رجال مسلم ، والثانية إعلاله بالوقف ، وما احتج به الخطابي من أن النبي صلى الله عليه وسلم " ودى الذي قتل بخيبر من إبل الصدقة " وليس في أسنان الصدقة ابن مخاض يقال فيه : إن الذي قتل في خيبر قتل عمدا ، وكلامنا في الخطأ . وحجة من قال يجعل أبناء اللبون بدل أبناء المخاض رواية الدارقطني المرفوعة التي قال ابن حجر : إن سندها أصح من رواية أبناء المخاض ، وكثرة من قال بذلك من العلماء .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي دية الخطأ للعلماء أقوال أخر غير ما ذكرنا ، واستدلوا لها بأحاديث أخرى انظرها في " سنن النسائي ، وأبي داود ، والبيهقي " وغيرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      واعلم أن الدية على أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق اثنا عشر ألف درهم عند الجمهور .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو حنيفة : عشرة آلاف درهم ، وعلى أهل البقر مائتا بقرة ، وعلى أهل الشاء ألفا شاة ، وعلى أهل الحلل مائتا حلة .

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو داود في سننه : حدثنا يحيى بن حكيم ، حدثنا عبد الرحمن بن عثمان ، ثنا حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار ، أو ثمانية آلاف درهم ، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين .

                                                                                                                                                                                                                                      قال : فكان ذلك كذلك ، حتى استخلف عمر رحمه الله تعالى فقام خطيبا فقال : ألا إن الإبل قد غلت ، قال : ففرضها على أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا ، وعلى أهل البقر مائتي بقرة ، وعلى أهل الشاء ألفي شاة ، وعلى أهل الحلل مائتي حلة ، وترك دية أهل الكتاب لم يرفعها فيما رفع من الدية
                                                                                                                                                                                                                                      .

                                                                                                                                                                                                                                      حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن عطاء بن أبي رباح ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " قضى في الدية على أهل الإبل مائة من الإبل ، وعلى أهل البقر مائتي بقرة ، وعلى أهل الشاء ألفي شاة ، وعلى أهل الحلل مائتي حلة ، وعلى أهل القمح شيئا لم يحفظه محمد " .

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو داود : قرأت على سعيد بن يعقوب الطالقاني قال : ثنا أبو تميلة ، ثنا محمد بن إسحاق قال : ذكر عطاء عن جابر بن عبد الله قال : فرض [ ص: 109 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم . . فذكر مثل حديث موسى ، وقال : وعلى أهل الطعام شيئا لم أحفظه . وقال النسائي في سننه : أخبرنا أحمد بن سليمان قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أنبأنا محمد بن راشد ، عن سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قتل خطأ فديته مائة من الإبل : ثلاثون بنت مخاض ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقة ، وعشرة بني لبون ذكور " .

                                                                                                                                                                                                                                      قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقومها على أهل القرى أربعمائة دينار ، أو عدلها من الورق ، ويقومها على أهل الإبل إذا غلت رفع قيمتها ، وإذا هانت نقص من قيمتها على نحو الزمان ما كان . فبلغ قيمتها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الأربعمائة دينار ، إلى ثمانمائة دينار أو عدلها من الورق .

                                                                                                                                                                                                                                      قال : وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من كان عقله في البقر : على أهل البقر مائتي بقرة ، ومن كان عقله في الشاء : ألفي شاة ، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن العقل ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم ، فما فضل فللعصبة " وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن يعقل على المرأة عصبتها من كانوا ، ولا يرثون منه إلا ما فضل عن ورثتها ، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها وهم يقتلون قاتلها " . وقال النسائي في سننه : أخبرنا محمد بن المثنى ، عن معاذ بن هانئ قال : حدثني محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ( ح ) ، وأخبرنا أبو داود قال : حدثنا معاذ بن هانئ قال : حدثنا محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قتل رجل رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفا وذكر قوله : إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله [ 9 \ 74 ] في أخذهم الدية واللفظ لأبي داود : أخبرنا محمد بن ميمون قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس :

                                                                                                                                                                                                                                      أن النبي صلى الله عليه وسلم " قضى باثني عشر ألفا " - يعني في الدية - انتهى كلام النسائي رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو داود في سننه أيضا : حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ، ثنا زيد بن الحباب ، عن محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن رجلا من بني عدي قتل . فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفا ، قال أبو داود : رواه ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن ماجه في سننه : حدثنا العباس بن جعفر ، ثنا محمد بن سنان ، ثنا [ ص: 110 ] محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " جعل الدية اثني عشر ألفا " قال : وذلك قوله : وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله [ 9 \ 74 ] قال : بأخذهم الدية .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الموطأ عن مالك : أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قوم الدية على أهل القرى فجعلها على أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم ، قال مالك : فأهل الذهب أهل الشام وأهل مصر ، وأهل الورق أهل العراق .

                                                                                                                                                                                                                                      وعن مالك في الموطأ أيضا : أنه سمع أن الدية تقطع في ثلاث سنين أو أربع سنين ، قال مالك : والثلاث أحب ما سمعت إلى في ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا يقبل من أهل القرى في الدية الإبل ، ولا من أهل العمود الذهب ولا الورق ، ولا من أهل الذهب الورق ، ولا من أهل الورق الذهب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية