الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                فأما الطهارة عن الحدث ، والجنابة ، والحيض ، والنفاس فليست بشرط لجواز الطواف ، وليست بفرض عندنا بل واجبة حتى يجوز الطواف بدونها .

                                                                                                                                وعند الشافعي فرض لا يصح الطواف بدونها .

                                                                                                                                واحتج بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { الطواف صلاة إلا أن الله تعالى أباح فيه الكلام } .

                                                                                                                                وإذا كان صلاة فالصلاة لا جواز لها بدون الطهارة ، ولنا قوله تعالى : { وليطوفوا بالبيت العتيق } أمر بالطواف مطلقا عن شرط الطهارة ، ولا يجوز تقييد مطلق الكتاب بخبر الواحد فيحمل على التشبيه كما في قوله تعالى : { وأزواجه أمهاتهم } أي : كأمهاتهم ومعناه الطواف كالصلاة إما في الثواب أو في أصل الفرضية في طواف الزيارة ; لأن كلام التشبيه لا عموم له فيحمل على المشابهة في بعض الوجوه عملا بالكتاب ، والسنة أو نقول : الطواف يشبه الصلاة ، وليس بصلاة حقيقة فمن حيث إنه ليس بصلاة حقيقة لا تفترض له الطهارة ، ومن حيث إنه يشبه الصلاة تجب له الطهارة عملا بالدليلين بالقدر الممكن ، وإن كانت الطهارة من واجبات الطواف فإذا طاف من غير طهارة فما دام بمكة تجب عليه الإعادة ; لأن الإعادة جبر له بجنسه ، وجبر الشيء بجنسه أولى ; لأن معنى الجبر ، وهو التلافي فيه أتم ثم إن أعاد في أيام النحر فلا شيء عليه ، وإن أخره عنها فعليه دم في قول أبي حنيفة ، والمسألة تأتي إن شاء الله تعالى في موضعها ، وإن لم يعد ، ورجع إلى أهله فعليه الدم غير أنه إن كان محدثا فعليه شاة ، وإن كان جنبا فعليه بدنة ; لأن الحدث يوجب نقصانا يسيرا فتكفيه الشاة لجبره كما لو ترك شوطا فأما الجنابة فإنها توجب نقصانا متفاحشا ; لأنها أكبر الحدثين فيجب لها أعظم الجابرين .

                                                                                                                                وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال البدنة : " تجب في الحج في موضعين أحدهما : إذا طاف جنبا ، والثاني إذا جامع بعد الوقوف " .

                                                                                                                                وإذا لم تكن الطهارة من شرائط الجواز فإذا طاف ، وهو محدث أو جنب ، وقع موقعه حتى لو جامع بعده لا يلزمه شيء ; لأن الوطء لم يصادف الإحرام لحصول التحلل بالطواف هذا إذا طاف بعد أن حلق أو قصر ثم جامع فأما إذا طاف ، ولم يكن حلق ، ولا قصر ثم جامع فعليه دم ; لأنه إذا لم يحلق ، ولم يقصر فالإحرام باق ، والوطء إذا صادف الإحرام يوجب الكفارة إلا أنه يلزمه الشاة لا البدنة ; لأن الركن صار مؤدى فارتفعت الحرمة المطلقة فلم يبق الوطء جنابة محضة بل خف معنى الجنابة فيه فيكفيه أخف الجابرين .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية