الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وتحبس ) وجوبا بطلب المجني عليه إن تأهل وإلا فبطلب وليه ( الحامل ) ، ولو من زنا ، وإن حدث الحمل بعد استحقاق قتلها ( في قصاص النفس و ) نحو ( الطرف ) [ ص: 439 ] وجلد القذف ( حتى ترضعه اللبأ ) بالهمز والقصر ، وهو ما ينزل عقب الولادة ؛ لأن الولد لا يعيش بدونه غالبا والمرجع في مدته العرف ( ويستغنى بغيرها ) كبهيمة يحل لبنها صيانة له ، ولو امتنعت المراضع ، ولم يوجد ما يعيش به غير اللبن أجبر الحاكم إحداهن بالأجرة ، ولا يؤخر الاستيفاء ، ولو لم يوجد إلا زانية محصنة قتلت تلك وأخرت هذه على الأوجه ؛ لأنه أدون ( أو ) بوقوع ( فطام ) له ( لحولين ) إن أضره النقص عنهما ، وإلا نقص ، ولو احتاج لزيادة عليهما زيد وظاهر أنه لا عبرة بتوافق الأبوين ، أو المالك على فطم يضره ، ولو قتلها المستحق قبل وجود ما يعنيه فمات قتل به نظير ما مر في الحبس أول الباب هذا كله في حق الآدمي لبنائه على المضايقة أما حق الله تعالى فلا تحبس فيه بل تؤخر مطلقا إلى تمام مدة الرضاع ووجود كافل ( والصحيح تصديقها ) بلا يمين ؛ لأن الحق للجنين وتصديق مستفرشها لكن إن ارتابت ( في حملها ) الممكن بأن لم تكن آيسة ، ولو ( بغير مخيلة ) أي أمارة ظاهرة تدل عليه ؛ لأنها قد تجد من نفسها من الأمارات ما لا يطلع عليه غيرها ويصبر المستحق إلى وقت ظهور الحمل لا إلى انقضاء أربع سنين لبعده بلا ثبوت ويمنع الزوج وطأها وإلا فاحتمال الحمل دائم فيفوت القود ، ولو قتلها المستحق ، أو الجلاد بإذن الإمام فألقت جنينا ميتا [ ص: 440 ] فالغرة على عاقلة الإمام ما لم يجهل هو وحده الحمل فعلى عاقلتهما ، والإثم تابع للعلم بخلاف الضمان .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 439 ] قوله وجلد القذف ) هل التعزير كذلك ( قوله بلا يمين ) المتجه حيث لا قرينة أنه لا بد من اليمين م ر [ ص: 440 ] قوله فالغرة على عاقلة الإمام ) شامل لما إذا علم الإمام وحده أو علما ، أو جهلا فعلم أن علم الإمام لا يمنع ضمان عاقلته وقد قال في الروض وحيث ضمنا الإمام ففي ماله إن علم بالحمل وإلا فعلى عاقلته . ا هـ .

                                                                                                                              قال في شرحه وقوله كالروضة إنها في ماله إن علم سهو على عكسها في الرافعي فإنه جزم بأنها على عاقلته ذكره الإسنوي ويشهد له المأخذ السابق . ا هـ والمراد بالمأخذ السابق ما ذكره قبل تعليلا لشيء ذكر فيه أن الدية والغرة على العاقلة بقوله ؛ لأن الجنين لا يباشر بالجناية ، ولا يتيقن حياته فيكون هلاكه خطأ ، أو شبه عمد بخلاف الكفارة فإنها في ماله . ا هـ وفي الروض ، ولو علم الولي والجلاد والإمام ضمنوا أثلاثا والقياس أنه على الإمام كما ذكره الإسنوي . ا هـ وقوله والقياس قال في شرحه على ما مر أن الضمان على الإمام فيما إذا علم هو والولي ( قوله فعلى عاقلتهما ) عبارة شرح الإرشاد فالضمان على عاقلة المباشر . انتهى ومثله في شرح الروض وغيره .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وجوبا ) إلى قول المتن والصحيح في النهاية والمغني إلا قوله والمرجع في موته العرف وقوله ، ولو لم يوجد إلى المتن ( قوله بطلب المجني عليه ) أي المستحق مغني ورشيدي ( قوله إن تأهل ) فإن لم يطلب المتأهل لم تحبس ، وإن تحقق هربا ؛ لأنه المفوت على نفسه وقوله وإلا فبطلب وليه فإن لم يطلب الولي وجب على الإمام حبسها لمصلحة المولى عليه ع ش ( قوله : ولو من زنا ) حتى إن المرتدة لو حبلت من الزنا بعد الردة لا تقتل [ ص: 439 ] حتى تضع حملها مغني ( قوله وجلد القذف ) هل التعزير كذلك سم على حج وينبغي أنه مثله إن كان التعزير اللائق بها شديدا يقتضي الحال تأخيره للحمل ع ش

                                                                                                                              ( قول المتن حتى ترضعه إلخ ) أي حتى تضع ولدها وترضعه اللبأ ، ولا بد من انقضاء النفاس كما قاله ابن الرفعة مغني ( قوله : لأن الولد إلخ ) وقد يؤخذ من مسألة الحامل أنه لو صالت هرة حامل وأدى دفعها لقتل جنينها لا تدفع وفي ذلك كلام في بابه فراجعه سم على منهج ع ش ( قول المتن ويستغنى بغيرها ) ويسن صبر الولي بالاستيفاء بعد وجود مرضعات يتناوبنه ، أو لبن شاة أو نحوه حتى توجد امرأة راتبة مرضعة لئلا يفسد خلقه ونشؤه بالألبان المختلفة ولبن البهيمة مغني وروض مع الأسنى ( قوله بالأجرة ) أي من مال الصبي إن كان وإلا فعلى من عليه نفقته من أب ، أو جد وإلا فمن بيت المال ثم أغنياء المسلمين ع ش وقوله أي أب إلخ أي أو جدة

                                                                                                                              ( قوله : لأنه ) أي الزنا أدون أي من الجناية ( قوله وإلا نقص ) أي مع توافق الأبوين ، أو رضى السيد في ولد الأمة مغني وبجيرمي ( قوله ولو قتلها المستحق إلخ ) عبارة المغني والروض مع الأسنى ، ولو بادر المستحق وقتلها بعد انفصال الولد وقبل وجود ما يغنيه لزمه القود كما لو حبس رجلا ببيت ومنعه الطعام حتى مات فإن قتلها وهي حامل ، ولم ينفصل حملها أو انفصل سالما ثم مات فلا ضمان عليه ؛ لأنه لا يعلم أنه مات بالجناية فإن انفصل ميتا فالواجب فيه غرة وكفارة ، أو متألما ثم مات فدية وكفارة ؛ لأن الظاهر أن تألمه وموته من مرتها والدية والغرة على عاقلته ؛ لأن الجنين لا يباشر بالجناية ، ولا يتيقن حياته فيكون هلاكه خطأ ، أو شبه عمد بخلاف الكفارة فإنها في ماله ، وإن قتلها الولي بأمر الإمام إلخ

                                                                                                                              ( قوله أول الباب ) أي أول باب الجراح في قوله ، ولو حبسه ومنعه الطعام والشراب إلخ رشيدي ( قوله أما حق الله تعالى إلخ ) هل هو شامل لما لو زنت بكرا وأريد تغريبها فيؤخذ تغريبها فيه نظر والأقرب أنها تغرب ويؤخر الجلد خاصة ؛ لأنه لا معنى لتأخير التغريب ع ش ( قوله مطلقا ) أي سواء وجد الاستغناء ، أو الفطام أم لا ( قوله ووجود كافل ) أي للولد ع ش ورشيدي ( قوله بلا يمين ) المتجه حيث لا قرينة أنه لا بد من اليمين م ر سم عبارة النهاية والمغني بيمينها حيث لا مخيلة وبلا يمين مع المخيلة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وتصديق مستفرشها ) عطف على تصديقها في المتن ( قوله الممكن بأن إلخ ) وإلا فلا تصدق نهاية ومغني ( قوله ويصبر ) إلى قول المتن ، أو بسحر في النهاية إلا قوله ويمنع الزوج إلى ولو قتلها ( قوله ويصبر إلخ ) استئناف

                                                                                                                              ( قوله إلى وقت ظهور الحمل ) فإذا ظهر عدم الحمل بالاستبراء بحيضة ، أو غيرها اقتص منها زيادي ( قوله لا إلى انقضاء أربع سنين ) كذا في النهاية ونقل ع ش عن الشيخ عميرة أنها تمهل إلى انقضاء مدة الحمل وهي أربع سنين . ا هـ وإليه أي الإمهال يميل كلام المغني ( قوله ويمنع الزوج وطأها إلخ ) على ما قاله الدميري لكن المتجه كما في المهمات عدم منعه من ذلك ، وإن كان يؤدي إلى منع القصاص نهاية وإليه أي عدم المنع يميل كلام المغني ( قوله ولو قتلها ) إلى قوله والإثم في المغني والأسنى عبارتهما ، وإن قتلها الولي بأمر الإمام كان الضمان على الإمام علما بالحمل أو جهلا ، أو علم الإمام وحده ؛ لأن البحث عليه ، وهو الآمر به والمباشر كالآلة لصدور فعله عن رأيه وبحثه وبهذا فارق المكره حيث نقتص فإن علم الولي دونه فالضمان عليه لاجتماع العلم مع المباشرة ، ولو قتلها جلاد الإمام جاهلا فلا ضمان عليه ، أو عالما فكالولي يضمن إن علم دون الإمام وما ضمنه على عاقلته كالولي

                                                                                                                              وإن قال ابن المقري إنه من ماله فإن علم بالحمل الإمام والجلاد والولي فالقياس على ما مر كما قال الإسنوي إن الضمان على الإمام هنا أيضا خلاف لما في الروضة من أنها عليهم أثلاثا وحيث ضمن الإمام الغرة فهي على عاقلته كما قاله الرافعي ، وهو قياس ما مر كما قاله الإسنوي خلافا لما في الروضة من أنها في ماله وليس المراد بالعلم بالحمل حقيقته بل المراد به ظن مؤكد بمخايله ، ولو ماتت الأم في حد ونحوه من العقوبة بألم الضرب لم تضمن ؛ لأنها تلفت بحد ، أو عقوبة عليها ، وإن ماتت بألم الولادة فهي مضمونة بالدية ، أو بهما فنصفها واقتصاص الولي منها جاهلا برجوع الإمام عن إذنه له في قتلها كوكيل جهل عزل موكله ، أو عفوه عن القصاص وسيأتي . ا هـ . وذكر معظمها سم عن الثاني وأقره المسألتين ع ش .

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 440 ] ما لم يجهل هو وحده الحمل ) شامل لما علم الإمام وحده ، أو علما ، أو جهلا فعلم أن علم الإمام لا يمنع ضمان عاقلته سم ( قوله فعلى عاقلتهما ) أي فإن علم المستحق أو الجلاد دون الإمام فالغرة على عاقلة المستحق ، أو الجلاد لا على الإمام رشيدي ( قوله بخلاف الضمان ) أي فإنه لا يتقيد بالعلم بل قد يوجد مع الجهل ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية