الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 157 ] المسألة الثانية : اعلم أن القضاء إذا علق بفعل النفس ، فالمراد به الإتمام والفراغ ، وإذا علق على فعل الغير فالمراد به الإلزام ، نظير الأول قوله تعالى : ( فقضاهن سبع سماوات في يومين ) [فصلت : 12] ، ( فإذا قضيت الصلاة ) وقال عليه الصلاة والسلام : " وما فاتكم فاقضوا " ويقال في الحاكم عند فصل الخصومة قضى بينهما . ونظير الثاني قوله تعالى : ( وقضى ربك ) [الإسراء : 23] وإذا استعمل في الإعلام ، فالمراد أيضا ذلك كقوله : ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ) [الإسراء : 4] يعني أعلمناهم .

                                                                                                                                                                                                                                            إذا ثبت هذا فنقول : قوله تعالى : ( فإذا قضيتم مناسككم ) لا يحتمل إلا الفراغ من جميعه خصوصا ، وذكر كثير منه قد تقدم من قبل ، وقال بعضهم : يحتمل أن يكون المراد : اذكروا الله عند المناسك ، ويكون المراد من هذا الذكر ما أمروا به من الدعاء بعرفات والمشعر الحرام ، والطواف ، والسعي ، ويكون قوله : ( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله ) كقول القائل : إذا حججت فطف وقف بعرفة ، ولا يعني به الفراغ من الحج بل الدخول فيه ، وهذا القول ضعيف ؛ لأنا بينا أن قوله : ( فإذا قضيتم مناسككم ) مشعر بالفراغ والإتمام من الكل ، وهذا مفارق لقول القائل : إذا حججت فقف بعرفات ، لأن مراده هناك الدخول في الحج لا الفراغ ، وأما هذه الآية فلا يجوز أن يكون المراد منها إلا الفراغ من الحج .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية