الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4660 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا انتهى أحدكم إلى مجلس ، فليسلم ، فإن بدا له أن يجلس فليجلس ، ثم إذا قام ، فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة " . رواه الترمذي ، وأبو داود .

التالي السابق


4660 - ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا انتهى ) أي : إذا جاء ووصل ( أحدكم إلى مجلس ، فليسلم ، فإن بدا ) : بالألف أي : ظهر ( له أن يجلس فليجلس ) ، أمر استحباب ( ثم إذا قام ) أي : بعد أن يجلس ، والظاهر أن المراد به أنه إذا أراد أن ينصرف ولو لم يجلس ( فليسلم ) ، أي : ندب ( فليست الأولى ) أي : التسليمة الأولى ( بأحق ) أي : بأولى وأليق ( من الآخرة ) : بل كلتاهما حق وسنة مشعرة إلى حسن المعاشرة ، وكرم الأخلاق ، ولطف الفتوة ولطافة المروءة ، فإنه إذا رجع ولم يسلم ربما يتشوش أهل المجلس من مراجعته على طريق السكوت ، وبهذا يتبين أنه قد يقال ، بل الآخرة أولى من الأولى ; لأن تركها ربما يتسامح فيه بخلاف الثانية على ما هو المشاهد في المتعارف ، لا سيما إذا كان في المجلس ما لا يذاع ولا يشاع ، ولذا قيل : كما أن التسليمة الأولى إخبار عن سلامتهم من شره عند الحضور ، فكذلك الثانية إخبار عن سلامتهم من شره عند الغيبة ، وليست السلامة عند الحضور أولى من السلامة عند الغيبة ، بل الثانية أولى ، هذا وليس في الحديث ما يدل على وجوب جواب التسليمة الثانية أصلا لا نفيا ولا إثباتا ، وقد قدمنا عن بعض أئمتنا التصريح بعدم وجوب جواب السلام الثاني ووجهنا توجيهه .

وقال النووي : ظاهر هذا الحديث يدل على أنه يجب على الجماعة رد السلام على الذي يسلم على الجماعة عند المفارقة . قال القاضي حسين ، وأبو سعيد المتولي : جرت عادة بعض الناس بالسلام عند المفارقة وذلك دعاء يستحب جوابه ولا يجب ; لأن التحية إنما تكون عند اللقاء لا عند الانصراف ، وأنكره الشاشي ، وقال : إن السلام سنة عند الانصراف ، كما هو سنة عند اللقاء ، فكما يجب الرد عند اللقاء كذلك عند الانصراف . وهذا هو الصحيح اهـ . والتحقيق ما قالاه مبين بالفرق الدقيق ، والله ولي التوفيق . ( رواه الترمذي ، وأبو داود ) . وكذا أحمد وابن حبان والحاكم .




الخدمات العلمية