الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو قالت ولدته بعد التدبير وقال الوارث قبل التدبير فالقول قول الوارث لأنه المالك وهي المدعية " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا التنازع في الولد يشمل على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تقول المدبرة : ولدته بعد التدبير فيعتق بعتقي ويقول الورثة : ولدته قبل التدبير فهو مملوك . فإن قيل بأن ولد المدبرة لا يتبعها ، فلا تأثير لهذا التنازع لأنه مرقوق في الحالين .

                                                                                                                                            [ ص: 131 ] وإن قيل : يتبعها ، كان لتنازعهما فيه تأثير ؛ لأنها تدعي عتقه ، والوارث يدعي فالقول فيه قول الوارث مع يمينه ؛ لأن الأصل فيه الرق فلم يقبل فيه قول من ادعى حدوث العتق فإن حلف الوارث رق الولد وإن نكل ردت اليمين على الأم ، فإن حلفت عتق الولد ، وإن نكلت ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يحكم برقه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يوقف أمره ليحلف الولد بعد بلوغه على ما مضى من نظائره .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تقول المدبرة : ولدته بعد موت السيد : فهو حر . ويقول الوارث : ولدته قبل موت السيد فهو مملوك . فهذا بعكس الأول . وإن قيل إن ولد المدبرة تبع لها فلا تأثير لهذا التنازع ؛ لأنه يعتق بموت السيد في الحالين .

                                                                                                                                            وإن قيل إن ولدها في حياة السيد لا يتبعها كان لتنازعهما فيه تأثير ؛ لأنها تدعي عتقه ، والوارث يدعي رقه ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يقر بأنه جرى عليه في العلوق حكم الرق لأنها ولدته لأقل من ستة أشهر من موت السيد . فالقول قول الوارث مع يمينه استصحابا لحكم رقه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن ينكر أنه جرى عليه في العلوق حكم الرق وأنها علقت به في الحرية وولدته بعد موت سيدها لستة أشهر فصاعدا . فالقول هاهنا قولها مع يمينها ؛ لأن الحرية في الناس أصل ، والرق طارئ فإن حلفت كان ولدها حرا ، وإن نكلت فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : ترد اليمين على الوارث إذا قيل فيما تقدم أن نكول الوارث لا يوجب وقف اليمين .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا ترد على الوارث ، وتوقف اليمين على بلوغ الصبي . فإن حلف بعد بلوغه كان حرا ، وإن نكل ردت على الوارث . وهذا إذا قيل فيما تقدم أن نكول الوارث لا يوجب وقف اليمين . فإن كانت لواحد منهما بينة في هذه الأحوال كلها سمعت من مدعي الحرية ، ومدعي الرق .

                                                                                                                                            والبينة أربع نسوة في حقيهما ؛ لأنه بينة على الولادة ، وإن أفضت إلى حرية ، أو رق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية