الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 73 ] باب اختلاف المتبايعين )

1225 - ( 1 ) - حديث ابن مسعود : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا اختلف المتبايعان ، فالقول قول البائع ، والمبتاع بالخيار }. الشافعي عن سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عبد الملك بن عبيد ، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود { قال أتى عبد الله بن مسعود ، فقال : حضرت النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بالبائع أن يستحلف ثم يخير المبتاع إن شاء أخذ ، وإن شاء ترك }. رواه أحمد عن الشافعي ، والنسائي والدارقطني من طريق أبي عبيدة أيضا ، وفيه انقطاع على ما عرف من اختلافهم في صحة سماع أبي عبيدة من أبيه ، واختلف فيه على إسماعيل بن أمية ، ثم على ابن جريج في تسمية ولد عبد الملك هذا الراوي عن أبي عبيدة ، فقال يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية : عبد الملك بن عمير ، كما قال سعيد بن سالم ، ووقع في النسائي : عبد الملك بن عبيد .

ورجح هذا أحمد والبيهقي ، وهو ظاهر كلام البخاري ، وقد صححه ابن السكن ، والحاكم وروى الشافعي في المختصر عن سفيان ، عن ابن عجلان ، عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن ابن مسعود نحوه بلفظ الباب وفيه [ ص: 74 ] انقطاع ، ورواه الدارقطني من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه ، عن جده ، وفيه إسماعيل بن عياش ، عن موسى بن عقبة .

1226 - ( 2 ) - قوله : وفي رواية : { إذا اختلف المتبايعان تحالفا }. وفي رواية أخرى : { تحالفا أو ترادا }. أما رواية التحالف فاعترف الرافعي في التذنيب أنه لا ذكر لها في شيء من كتب الحديث . وإنما توجد في كتب الفقه ، وكأنه عنى الغزالي فإنه ذكرها في الوسيط ، وهو تبع إمامه في الأساليب ، وأما رواية التراد فرواها مالك بلاغا عن ابن مسعود ورواها أحمد والترمذي ، وابن ماجه بإسناد منقطع وقال الطبراني في الكبير نا محمد بن هشام المستملي ، نا عبد الرحمن بن صالح ، نا فضيل بن عياض ، نا منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة عن عبد الله مرفوعا : { البيعان إذا اختلفا في البيع ترادا }.

رواته ثقات ، لكن اختلف في عبد الرحمن بن صالح وما أظنه حفظه ، فقد جزم الشافعي : أن طرق هذا الحديث عن ابن مسعود ليس فيها شيء موصول ، وذكره الدارقطني في علله فلم يعرج على هذه الطريق ، وله طريق أخرى عند أبي داود ، [ ص: 75 ] والنسائي ، والحاكم ، والبيهقي ، من طريق عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال عبد الله بن مسعود فذكر الحديث ، وصححه من هذا الوجه الحاكم ، وحسنه البيهقي ، وقال ابن عبد البر : هو منقطع إلا أنه مشهور الأصل عند جماعة من العلماء تلقوه بالقبول وبنوا عليه كثيرا من فروعه .

وأعله ابن حزم بالانقطاع ، وتابعه عبد الحق ، وأعله ابن القطان بالجهالة في عبد الرحمن ، وأبيه ، وجده ، وله طريق أخرى رواها الدارقطني من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه قال : " باع عبد الله بن مسعود سبيا من سبي الإمارة بعشرين ألفا ، يعني من الأشعث بن قيس " فذكر القصة والحديث ، ورجاله ثقات إلا أن عبد الرحمن اختلف في سماعه من أبيه .

1227 - ( 3 ) - قوله : وفي رواية : { اختلف المتبايعان ، والسلعة قائمة ، ولا بينة لأحدهما تحالفا }رواها عبد الله بن أحمد في زيادات المسند من طريق القاسم بن عبد الرحمن ، عن جده ، ورواها الطبراني ، والدارمي من هذا الوجه ، فقال : عن القاسم ، عن أبيه ، عن ابن مسعود ، وانفرد بهذه الزيادة وهي قوله : { والسلعة قائمة } ابن أبي ليلى ، وهو محمد بن عبد الرحمن الفقيه وهو ضعيف سيئ الحفظ ، وأما قوله فيه : " تحالفا فلم يقع عند أحد منهم ، وإنما عندهم والقول قول البائع أو يترادان " البيع " .

التالي السابق


الخدمات العلمية