الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  بنيان بيت المقدس

                                                                  9753 عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة في قوله وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب قال : كان على كرسيه شيطان أربعين ليلة حتى رد الله إليه ملكه قال معمر : ولم يسلط على نسائه .

                                                                  قال معمر : قال قتادة : " إن سليمان قال للشياطين : إني أمرت أن أبني مسجدا يعني بيت المقدس لا أسمع فيه صوت مقفار ولا منشار ، قالت الشياطين : إن في البحر شيطانا فلعلك إن قدرت عليه يخبرك [ ص: 427 ] بذلك ، وكان ذلك الشيطان يرد كل سبعة أيام عينا يشرب منها ، فعمدت الشياطين إلى تلك العين فنزحتها ، ثم ملأتها خمرا فجاء الشيطان قال : إنك لطيبة الريح ، ولكنك تسفهين الحليم ، وتزيدين السفيه سفها ، ثم ذهب فلم يشرب فأدركه العطش فرجع ، فقال مثل ذلك ثلاث مرات ، ثم كرع فشرب فسكر ، فأخذوه فجاءوا به إلى سليمان فأراه سليمان خاتمه ، فلما رآه ذلك وكان ملك سليمان في خاتمه ، فقال له سليمان : إني قد أمرت أن أبني مسجدا لا أسمع فيه صوت مقفار ولا منشار ، فأمر الشيطان بزجاجة فصنعت ، ثم وضعت على بيض الهدهد فجاء الهدهد للربض على بيضه ، فلم يقدر عليه ، فذهب فقال الشيطان : انظروا ما يأتي به الهدهد فخذوه ، فجاء بالماس فوضعه على الزجاجة ففلقها فأخذوا الماس ، فجعلوا يقطعون به الحجارة قطعا حتى بنى بيت المقدس قال : وانطلق سليمان يوما إلى الحمام وقد كان فارق بعض نسائه في بعض المأثم ، فدخل الحمام ومعه ذلك الشيطان ، فلما دخل ذلك أخذ الشيطان خاتمه فألقاه في البحر ، وألقى على كرسيه جسدا - السرير - شبه سليمان فخرج سليمان ، وقد ذهب ملكه ، فكان الشيطان على سرير سليمان أربعين ليلة ، فاستنكره [ ص: 428 ] أصحابه وقالوا : لقد فتن سليمان من تهاونه بالصلاة ، وكان ذلك الشيطان يتهاون بالصلاة ، وبأشياء من أمر الدين ، وكان معه من صحابة سليمان رجل يشبه بعمر بن الخطاب في الجلد والقوة ، فقال : إني سائله لكم فجاءه فقال : يا نبي الله ما تقول في أحدنا يصيب من امرأته في الليلة الباردة ، ثم ينام حتى تطلع الشمس لا يغتسل ولا يصلي هل ترى عليه في ذلك بأسا ؟ قال : لا بأس عليه ، فرجع إلى أصحابه فقال : لقد افتتن سليمان قال : فبينا سليمان ذاهب في الأرض إذ أوى إلى امرأة فصنعت له حوتا أو قال : فجاءته بحوت فشقت بطنه ، فرأى سليمان خاتمه في بطن الحوت فرفعه فأخذه فلبسه ، فسجد له كل شيء لقيه من دابة ، أو طير ، أو شيء ، ورد الله إليه ملكه فقال عند ذلك : رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي " قال قتادة : يقول لا تسلبنه مرة أخرى قال معمر : قال الكلبي : فحينئذ سخرت له الشياطين معا والطير .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية