الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2145 5 - ( حدثنا يحيى بن بكير قال : حدثنا الليث عن عقيل قال ابن شهاب : فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : واستأجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلا من بني الديل هاديا خريتا ، وهو على دين كفار قريش ، فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث استئجار النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر - رضي الله تعالى عنه - الرجل المذكور على أن ينظر في أمر راحلتيهما ثلاثة أيام وأن يحضرهما بعد ثلاثة أيام عند غار ثور ، ثم يخدمهما بما قصداه من الدلالة على الطريق بعد تلك الثلاثة [ ص: 83 ] الأيام ، فهذا بعينه ظاهر الترجمة ، ولكن فيها ابتداء العمل بعد الثلاثة ، وقاس عليها البخاري إذا كان ابتداء العمل بعد شهر أو بعد سنة ، وقاس الأجل البعيد على الأجر القريب ، إذ لا قائل بالفصل فجعل الحديث دليلا على جواز الأجل مطلقا ، وهذا هو التحقيق هاهنا فلا يرد اعتراض من قال إنه ليس في الخبر أنهما استأجراه على أن لا يعمل إلا بعد ثلاث ، بل الذي في الخبر أنهما استأجراه وابتدأ في العمل من وقته بتسليمهما إليه راحلتيهما وبحفظهما ، فكان خروجهما وخروجه بعد ثلاث على الراحلتين اللتين قام بأمرهما إلى ذلك الوقت ، انتهى ، قلت : هذا القائل صدر كلامه هذا أولا بقوله : ظن البخاري ظنا فعمل عليه بل هو الذي ظن ظنا فعمل عليه لأنه ظن أن ابتداء الإجارة من أول ما تسلم الرجل الراحلتين ، وليس كذلك بل أول الإجارة بعد الثلاث ولم تكن إجارتهما إياه لخدمة الراحلتين بل كانت الإجارة لأجل الدلالة على الطريق كما ذكرناه ، وإنما كان تسليمهما الراحلتين إياه لأجل مجرد النظر فيهما ، ولأجل حفظهما إلى مضي الثلاث ، فإن ادعى هذا المعترض ببطلان الإجارة إذا لم يشرع في العمل من حين الإجارة ، فيحتاج إلى إقامة برهان ولا يرد أيضا اعتراض من قال إن الابتداء في العمل بعد شهر أو سنة غرر ، فلا يدري هل يعيش الرجل أم لا ، واغتفر الأمد اليسير لأن العطب فيه نادر والغالب السلامة ، انتهى ، قلت : يكون الحكم في الأمد الكثير بعروض الموت مثل ما يكون في الأمد القصير بعروضه ; لأن عدم العروض فيه غير محقق ، فلا غرر حينئذ في الفصلين والحكم في الموت وجوب الضمان فيهما ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية