الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      أو تقولوا أي : أيها العرب : لم نكن عن دراستهم غافلين بل كنا عالمين بها ، ولكنه لا يجب اتباع الكتاب إلا على المكتوب إليه فلم نتبعه ، و لو أنا أهلنا لما أهلوا له حتى أنـزل علينا الكتاب أي : جنسه أو الكتاب الذي أنزل إليهم من عند ربنا لكنا أهدى منهم أي : لما لنا من الاستعداد بوفور العقل وحدة الأذهان واستقامة الأفكار واعتدال الأمزجة والإذعان للحق ؛ ولذلك سبب عن هاتين العلتين قوله : فقد جاءكم وذكر الفعل مدحا لهذا القرآن وتفضيلا وتشريفا له على كل ما تقدمه [وتنبيها على أن بيان هذه السورة في النهاية لأنها سورة أصول الدين] بينة أي : حجة ظاهرة بلسانكم من ربكم أي : المحسن إليكم على لسان رجل [منكم] تعرفون أنه أولاكم بذلك وهدى أي : بيان لمن تدبره عظيم ورحمة أي : إكرام لمن قبله ، [ ص: 331 ] فكذبتم بها .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما قامت عليهم الحجة ، حسن وقوع [تحذير] التقرير بقوله : فمن أي : فتسبب عن تكذيبكم أنه يقال - بيانا لأنكم أظلم الناس - : من أظلم ممن كذب [أي أوقع التكذيب] بآيات الله أي : الذي لا أعظم منه فلا أعظم من آياته ؛ لأن الأثر على قدر المؤثر وصدف أي : أعرض إعراضا صار به كأنه في صفد - أي : سد - عن سهولة الانقياد للدليل عنها [بعد ما عرف صحتها] .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان الجواب قطعا : لا أحد أظلم منه ، فكان الحال مقتضيا لتوقع ما يجازى به ، قال : سنجزي أي : بوعد صادق لا خلف فيه ، وأظهر ما أصله الإضمار تعميما وتعليقا للحكم بالوصف فقال : الذين يصدفون أي : يجددون الإعراض ولا يتوبون عن آياتنا أي : على ما لها من العظمة سوء العذاب أي : الذي يسوء نفسه بما كانوا يصدفون أي : بسبب إعراضهم الذي كان عادة لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية