الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 10 ] القسم الأول

                                                                                                                وهو الأمر بتنفيذ تصرف واقع قبل الموت ، وفيه بابان :

                                                                                                                الباب الأول

                                                                                                                في أركانه ، وهي أربعة :

                                                                                                                الركن الأول ، الموصي ، وفي الجواهر : تصح الوصية من كل حر مميز مالك ، فتبطل وصية العبد لأن ماله للسيد ، والحر جعل له ثلث ماله يوصي به ، وتبطل من المجنون والصبي الذي لا يميز ؛ لأنهما مسلوبا العبارة ، وأهلية التصرف قياسا على البهائم .

                                                                                                                وتصح من السفيه المبذر ، وكذلك الصبي المميز إذا عقل وجه الفرق وأصاب الوصية بأن لا يكون فيها تخليط ، وتنفذ وصية الكافر كما تنفذ صدقته إلا أن يوصي بخمر أو خنزير لمسلم لعدم قبول ذلك للملك .

                                                                                                                ولا تنفذ وصية المرتد وإن تقدمت ردته الوصية ؛ لأن الوصية إنما تعتبر زمن التمليك وهو زمن الموت ، وقاله ( ش ) في الجميع .

                                                                                                                قاعدة : تنفيذ تصرفات المكلفين إنما هو وسيلة لبقاء نفوسهم فإن بقاء العين مع تعذر كل المقاصد محال ، والمرتد أسقط الشرع حرمة نفسه ودمه ، فتصرفاته بطريق الأولى .

                                                                                                                قاعدة : تعرف عند الأصوليين بجمع الفرق ، وهو أن يقتضي المعنى الواحد حكمين متناقضين كالسفه يوجب رد تصرفات السفيه والصبي صونا لمالهما على مصالحهما ، وتنفذ وصيتهما صونا لمالهما على مصالحهما ؛ لأن الوصية تثمر خيرا لهما [ ص: 11 ] في الدار الآخرة ، ولو ردت لأخذ المال الوارث ، فصون المال على المصالح اقتضى تنفيذ التصرف ورده ، وهما حكمان متناقضان ، وفي الكتاب : تنفذ وصية ابن عشر سنين ؛ لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيل له عن صبي ابن عشر سنين ، غريب بالمدينة ومعه ابنة عمه ، وله ماله ، ولا وارث له فأمره عمر أن يوصي لابنة عمه ، فأوصى لها ببئر جشم فبيعت بثلاثين ألفا فأجازه عمر رضي الله عنه .

                                                                                                                قال اللخمي : قال محمد : تجوز من ابن عشر سنين ، وقال أشهب : إذا عقل الصلاة ، وقاله مالك ، وقال عبد الملك : إذا كان مراهقا ومال إلى التقرب إلى الله تعالى .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية