الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            9411 وعن معاذ بن جبل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج بالناس قبل غزوة تبوك، فلما أن أصبح صلى بالناس صلاة الصبح ، ثم إن الناس ركبوا، فلما أن طلعت الشمس نعس الناس على أثر الدلجة ، ولزم معاذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلو أثره ، والناس تفرقت بهم ركابهم على جواد الطريق تأكل وتسير ، فبينا معاذ على أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وناقته تأكل مرة وتسير أخرى عثرت ناقة بلال ، فكبحها بالزمام فهبت حتى تقرب منها ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كشف عنه قناعه فالتفت فإذا ليس في الجيش أدنى إليه من معاذ فناداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "يا معاذ " . فقال : لبيك يا رسول الله . قال : " ادن دونك " فدنا منه حتى لصقت [ ص: 273 ] راحلتاهما إحداهما بالأخرى فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ما كنت أحسب الناس منا كمكانهم من البعد" . فقال معاذ : يا رسول الله نعس الناس فتفرقت بهم ركابهم ترتع وتسير فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وأنا كنت ناعسا" . فلما رأى معاذ بشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلوته له قال : يا رسول الله ائذن لي أسألك عن كلمة أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سل عما شئت" . قال : يا رسول الله حدثني بعمل يدخلني الجنة لا أسألك عن شيء غيره . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "بخ بخ بخ لقد سألت لعظيم لقد سألت لعظيم لقد سألت لعظيم - ثلاثا - وإنه ليسير على من أراد الله به الخير وإنه ليسير على من أراد الله به الخير ، وإنه ليسير على من أراد الله به الخير " فلم يحدثه بشيء إلا أعاده ثلاث مرات حرصا لكيما يتقنه عنه فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : " تؤمن بالله واليوم الآخر وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتعبد الله وحده لا تشرك به شيئا حتى تموت وأنت على ذلك " . قال : يا رسول الله أعد لي فأعاد ذلك ثلاث مرات . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن شئت يا معاذ حدثتك برأس هذا الأمر وقوام هذا الأمر وذروة السنام" . فقال معاذ : بلى يا رسول الله حدثني - بأبي أنت وأمي - . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، وإن قوام هذا الأمر إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، وإن ذروة السنام منه الجهاد في سبيل الله ، إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " .

                                                                                            وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " والذي نفسي بيده ما شحب وجه ولا اغبرت قدم في عمل تبتغي فيه درجات الجنة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله ، ولا ثقل ميزان عبد كدابة [ ص: 274 ] تنفق له في سبيل الله أو يحمل عليها في سبيل الله " .

                                                                                            رواه أحمد، والبزار، والطبراني باختصار، وفيه شهر بن حوشب، وهو ضعيف، وقد يحسن حديثه .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية