الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ، ولا يستغفر لصبي ، ولا لمجنون ويقول { اللهم اجعله لنا فرطا واجعله لنا أجرا وذخرا واجعله لنا شافعا ومشفعا } ) كذا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه لا ذنب لهما [ ص: 199 ] والفرط بفتحتين الذي يتقدم الإنسان من ولده يقال اللهم اجعله لنا فرطا أي أجرا متقدما والفرط الفارط ، وهو الذي يسبق الوراد إلى الماء ، وفي الحديث { أنا فرطكم على الحوض } أي أتقدمكم إليه كذا في ضياء الحلوم والأنسب هو المعنى الثاني هنا كما اقتصر عليه في غاية البيان لئلا يلزم التكرار في قوله واجعله لنا أجرا والذخر بضم الذال وسكون الخاء الذخيرة والمشفع بفتح الفاء مقبول الشفاعة وذكر اليمني في شرح الشهاب في بحث { إنما الأعمال بالنيات } أن الثواب هو الحاصل بأصول الشرع .

                                                                                        والحاصل بالمكملات يسمى أجرا ; لأن الثواب لغة بدل العين والأجر بدل المنفعة فالمنفعة تابعة للعين ، وقد يطلق الأجر ويراد به الثواب وبالعكس ا هـ .

                                                                                        ولم أر من صرح بأنه يدعو لسيد العبد الميت وينبغي أن يدعو له فيها كما يدعو للميت .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله ويقول اللهم اجعله لنا فرطا إلخ ) أي بعد قوله ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان كما في شرح المنية لإبراهيم الحلبي وظاهر كلام غيره الاقتصار على قوله اللهم اجعله لنا فرطا ثم اعلم أن قول المصنف [ ص: 199 ] ولا يستغفر لصبي يرد عليه ما في الحديث { اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا } رواه الترمذي والنسائي كما في الفتح ففيه الاستغفار للصغير اللهم إلا أن يجاب بأنه لا يستغفر للصبي على سبيل التخصيص ; لأنه لا ذنب له كما عللوا به قوله ، ولا يستغفر لصغير ، وأما ما في هذا الحديث فليس المراد الاستغفار للصغير بل المراد طلب المغفرة لعموم الداعين فالمراد تأكيد التعميم تأمل . ثم رأيت القهستاني أجاب بذلك ولله الحمد ( قوله وينبغي أن يدعو له فيها إلخ ) قال الرملي في شرح المنية ، وفي المفيد ويدعو لوالدي الطفل وقيل يقول : اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجرهما ولا تفتنهما بعده اللهم اجعله في كفالة إبراهيم وألحقه بصالحي المؤمنين . ا هـ .

                                                                                        ثم قال الرملي والمراد بالعبد في كلامه هنا الصبي وقوله وينبغي أن يدعو له فيها كما يدعو للميت لعله كما يدعو لأبوي الميت يعني الصغير ووجه كلامه أن السيد أحق به من أبويه فإذا دعا لأبويه المسلمين فبالأولى الدعاء لسيده المسلم ، وأما الكبير مطلقا فلم يصرح أحد بالدعاء لوالديه فكذلك لسيده بل يدعو له كما يدعو للحر الكبير فتأمل . ا هـ .

                                                                                        وحاصله أن المراد بالعبد في كلام المؤلف العبد الصغير ; لأن الحر الصغير يدعو لأبويه ، وأما العبد الصغير فالغالب كون أبويه كافرين فينبغي أن يدعو لسيده بدل أبويه ، ولا يخفى أن حمل كلام المؤلف على هذا بعيد ; لأنه لم يذكر الدعاء لأبوي الحر الصغير حتى يقيس عليه العبد الصغير ويجعل سيده بمنزلة الأبوين بل المتبادر من كلامه العبد الكبير لكن الداعي للشيخ خير الدين حمله على ذلك ما ذكره بقوله ، وأما الكبير مطلقا إلخ .




                                                                                        الخدمات العلمية