الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          915 مسألة :

                                                                                                                                                                                          ونستحب الحج بالصبي وإن كان صغيرا جدا أو كبيرا وله حج وأجر ، وهو تطوع ، وللذي يحج به أجر ، ويجتنب ما يجتنب المحرم ، ولا شيء عليه إن واقع من ذلك ما لا يحل له ، ويطاف به ، ويرمى عنه الجمار إن لم يطق ذلك . ويجزي الطائف به طوافه ذلك عن نفسه .

                                                                                                                                                                                          وكذلك ينبغي أن يدربوا ويعلموا الشرائع من الصلاة ، والصوم إذا أطاقوا ذلك ويجنبوا الحرام كله ، والله - تعالى - يتفضل بأن يأجرهم ، ولا يكتب عليهم إثما حتى يبلغوا .

                                                                                                                                                                                          روينا من طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة نا سفيان عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس { أن امرأة رفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيا فقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر } .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : والحج عمل حسن ، وقال الله - تعالى - : { إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا } .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : لا نية للصبي ؟ قلنا : نعم ، ولا تلزمه إنما تلزم النية المخاطب المأمور [ ص: 321 ] المكلف ، والصبي ليس مخاطبا ولا مكلفا ولا مأمورا وإنما أجره تفضل من الله - تعالى - مجرد عليه كما يتفضل على الميت بعد موته ولا نية له ولا عمل بأن يأجره بدعاء ابنه له بعده وبما يعمله غيره عنه من حج ، أو صيام ، أو صدقة ، ولا فرق ، ويفعل الله ما يشاء .

                                                                                                                                                                                          وإذا الصبي قد رفع عنه القلم فلا جزاء عليه في صيد إن قتله في الحرم أو في إحرامه ، ولا في حلق رأسه لأذى به ، ولا عن تمتعه ، ولا لإحصاره ; لأنه غير مخاطب بشيء من ذلك ، ولو لزمه هدي للزمه أن يعوض منه الصيام وهو في المتعة ، وحلق الرأس ، وجزاء الصيد ، وهم لا يقولون هذا ولا يفسد حجه بشيء مما ذكرنا ، إنما هو ما عمل ، أو عمل به أجر ، وما لم يعمل فلا إثم عليه .

                                                                                                                                                                                          وقد كان الصبيان يحضرون الصلاة مع رسول الله عليه السلام ، صحت بذلك آثار كثيرة : كصلاته بأمامة بنت أبي وقاص ، وحضور ابن عباس معه الصلاة ، وسماعه بكاء الصبي في الصلاة وغير ذلك ، ويجزي الطائف به طوافه عن نفسه ; لأنه طائف وحامل ، فهما عملان متغايران لكل واحد منهما حكم ، كما هو طائف وراكب ، ولا فرق .

                                                                                                                                                                                          916 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          فإن بلغ الصبي في حال إحرامه لزمه أن يجدد إحراما ويشرع في عمل الحج ، فإن فاتته عرفة ، أو مزدلفة ، فقد فاته الحج ولا هدي عليه ولا شيء .

                                                                                                                                                                                          أما تجديده الإحرام فلأنه قد صار مأمورا بالحج وهو قادر عليه فلزمه أن يبتدئه ; لأن إحرامه الأول كان تطوعا والفرض أولى من التطوع .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية