الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو تقاذفا فليس تقاصا ) فلكل واحد الحد على الآخر ؛ لأن شرط التقاص اتحاد الجنس والصفة ، وهو متعذر هنا لاختلاف تأثير الحدين باختلاف البدنين غالبا نعم لمن سب أن يرد على سابه بقدر سبه مما لا كذب فيه ولا قذف كيا ظالم يا أحمق لخبر أبي داود { أن زينب لما سبت عائشة رضي الله عنهما قال [ ص: 123 ] لها النبي صلى الله عليه وسلم سبيها } ؛ ولأن أحدا لا يكاد ينفك عن ذلك ولا يحل له أن يتجاوز لنحو أبيه وبانتصاره ليستوفي يبقى على الأول إثم الابتداء والإثم لحق الله تعالى كذا قاله غير واحد وظاهره إن لم يجعل والإثم هو السابق أنه يبقى عليه إثمان والذي يتجه أنه لا يبقى عليه إلا الثاني فقط كما قالوه فيمن قتل فقتل قودا وإذا وقع الاستيفاء بالسب المماثل فأي ابتداء يبقى على الأول للثاني حتى يكون عليه إثمه وإنما الذي عليه الإثم المتعلق بحق الله تعالى فإذا مات ولم يتب عوقب عليه إن لم يعف عنه ( ولو استقل المقذوف بالاستيفاء ) للحد ولو بإذن الإمام أو القاذف ( لم يقع الموقع ) فإن مات به قتل المقذوف ما لم يكن بإذن القاذف كما ، هو ظاهر ، وإن لم يمت لم يجلد حتى يبرأ من ألم الأول ، وإنما لم يقع لاختلاف إيلام الجلدات مع عدم أمن الحيف ومن ثم اعتد بقتله للزاني المحصن لا بجلده نعم لسيد قذفه قنه أن يحده وكذا لمن قذف وتعذر عليه الرفع للسلطان أن يستوفيه إذا أمكنه من غير مجاوزة للمشروع والله أعلم

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وإن لم يمت ) سكت هنا عما يلزم المقذوف باستقلاله والظاهر أنه التعزير بما يراه الإمام ( قوله : من غير مجاوزة للمشروع ) لو بالبلد كما قاله الأذرعي م ر ش



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : فلكل واحد ) إلى قوله كذا قاله في النهاية والمغني ( قوله : لأن شرط التقاص ) أي حتى على الضعيف القائل به في غير النقود ا هـ رشيدي ( قوله : وهو ) أي اتحاد الصفة مغني وشرح المنهج قال البجيرمي ولم يقل والجنس كما قال أولا ؛ لأن الجنس هنا واحد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : باختلاف البدنين إلخ ) أي بدن القاذف والمقذوف في الخلقة وفي القوة والضعف ا هـ شرح المنهج ( قوله : لمن سب إلخ ) ويجوز للمظلوم أن يدعو على ظالمه ولو سمع الإمام رجلا يقول زنيت يا رجل لم يقم عليه الحد ؛ لأن المستحق مجهول ولا يطالبه بتعيينه ؛ لأن الحد يدرأ بالشبهة ، وإن سمعه يقول زنى فلان لزمه أن يعلم المقذوف في أصح الوجهين لأنه ثبت له حق لم يعلم به فعلى الإمام إعلامه كما لو ثبت عنده مال لشخص لم يعلم به ا هـ مغني ( قوله : بقدر سبه ) لعل المراد قدره عددا لا مثل ما يأتي به الساب لقوله مما لا كذب فيه إلخ ا هـ حلبي ( قوله : مما لا كذب فيه إلخ ) أي ، وإن كان ما أتى به الأول كذبا أو قذفا ا هـ حلبي وفي ع ش ما يوافقه ( قوله : يا أحمق ) قال م ر والأحمق من يفعل الشيء في غير موضعه مع علمه بقبحه ا هـ بجيرمي .

                                                                                                                              ( قوله : لخبر أبي داود إلخ ) هذا دليل التقاص في السب وقوله ؛ ولأن أحد إلخ هذا دليل التمثيل بيا ظالم يا أحمق فكان المناسب أن يذكر كلا [ ص: 123 ] منهما عقب مدعاه كما فعله المغني ( قوله : لها ) أي لعائشة ا هـ ع ش ( قوله : سبيها ) وفي سنن ابن ماجه { دونك فانتصري فأقبلت عليها حتى يبس ريقها في فيها فهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم } ا هـ مغني ( قوله : عن ذلك ) أي عن الظلم والحمق ( قوله : ولا يحل له ) أي للمسبوب ( قوله : وبانتصاره ) أي لنفسه بسبه صاحبه ا هـ ع ش ( قوله : ليستوفي ) أي ظلامته وبرئ الأول مغني وشرح المنهج ( قوله : ويبقى على الأول إثم الابتداء ) أي لما فيه من الإيذاء ، وإن كان حقا ا هـ ع ش ( قوله : والإثم إلخ ) أي المذكور ا هـ ع ش فأل للعهد الذكري بجيرمي ( قوله : إن لم يجعل والإثم ) أي لفظ ويأثم في قوله والإثم لحق الله تعالى ، هو السابق أي عين السابق في قوله إثم الابتداء وقوله أنه يبقى إلخ خبر وظاهره إلخ ( قوله : إثمان ) أي أحدهما إثم الابتداء والآخر الإثم لحق الله تعالى ( قوله : إلا الثاني ) أي الإثم لحق الله تعالى ( قوله : فإذا مات ) أي الأول ( قوله : إن لم يعف عنه ) أي إن لم يعف الواجب تعالى عنه بفضله ا هـ كردي ( قوله : للحد ) إلى الكتاب في النهاية إلا قوله وإنما إلى نعم ( قوله : كما هو ظاهر ) أي فيضمن أي وعليه فلو اختلف الوارث والمقذوف فينبغي تصديق الوارث ؛ لأن الأصل عدم الإذن ا هـ ع ش وقوله فيضمن لعل صوابه فلا يضمن ( قوله : وإن لم يمت إلخ ) سكت هنا عما يلزم المقذوف سم أقول يلزمه التعزير فقط ا هـ ع ش ( قوله : اعتد بقتله ) أي قتل واحد من الرعايا ا هـ كردي ( قوله : نعم ) إلى الكتاب في المغني ( قوله : وكذا لمن قذف إلخ ) قضية التقييد به أن مستحق التعزير ليس له استيفاؤه ، وإن عجز عن رفعه للحاكم ويوجه بأن التعزير يختلف باختلاف الناس فليس له قدر مخصوص ولا نوع يستوفيه المستحق ولو كان عارفا بذلك فلو جوز له فعله فربما تجاوز في استيفائه عما كان يفعله القاضي لو رفع له فاحفظه ا هـ ع ش ( قوله : وتعذر الرفع إلخ ) هل من تعذر الرفع فقدان بينة الظاهر نعم والله أعلم ا هـ سيد عمر وسيأتي عن الأسنى ما يصرح به ( قوله : للسلطان ) أي أو من يقوم مقامه ممن يعتد بفعله ومنه الحاكم السياسي في قرى الريف ، وإن لم يكن له ولاية القضاء ا هـ ع ش ( قوله : أن يستوفيه إلخ ) أي كالدين الذي له أن يتوصل إلى أخذه إذا منع منه صرح به الماوردي وقضية هذا التشبيه أن له ذلك بالبلد إذا لم يكن له بينة بقذفه والقاذف يجحد ويحلف ا هـ أسنى ( قوله : من غير مجاوزة للمشروع ) ولو بالبلد كما قاله الأذرعي ا هـ نهاية .




                                                                                                                              الخدمات العلمية