الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 281 ] ذكر أحاديث تدل على أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة خلاف الأول

أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي ، عن أحمد بن علي بن عبد الله ، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا محمد بن عباد المكي - حدثنا حاتم بن إسماعيل - حدثنا يعقوب بن مجاهد ، عن عبادة بن الوليد بن عبادة ، عن جابر بن عبد الله قال : سرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة فقام يصلي ، قال : فجئت حتى قمت عن يساره ، فأخذ بيدي ، فأدارني حتى أقامني عن يمينه ، فجاء ابن صخر حتى قام عن يساره ، فأخذنا بيديه جميعا ، فدفعنا حتى أقامنا خلفه .

هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في الصحيح عن محمد بن عباد ، وفيه دلالة على أن هذا الحكم هو الآخر ؛ لأن جابرا إنما شهد المشاهد التي كانت بعد بدر .

ثم في قيام ابن صخر عن يسار النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضا دلالة على أن الحكم الأول كان مشروعا ، وأن ابن صخر يستعمل الحكم الأول حتى منع منه ، وعرف الحكم الثابت الثاني .

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد السلمي ، أخبرنا محمد بن علي الحافظ ، أخبرنا عبد الوهاب بن محمد ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن [ ص: 282 ] عبدان ، أخبرنا محمد بن سهل ، أخبرنا محمد بن إسماعيل قال : قال خليفة بن خياط : حدثنا زيد بن الحباب ، أخبرنا أفلح بن سعيد الأنصاري ، حدثنا بريدة بن سفيان بن فروة ، عن غلام لجده يقال له مسعود ، قال : مر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ، فقال لي أبو بكر : اذهب إلى أبي تميم فقل له : احملنا على بعير ، وابعث إلينا بواحد دليل . فبعثني وبعث معي ببعير ووطب من لبن ، فجعلت آخذ بهما أخفي الطريق ، وكنت عرفت الإسلام ، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي ، فقام أبو بكر عن يمينه ، وقمت خلفهما ، فدفع النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدر أبي بكر ، فقمنا خلفه .

أخبرني أبو المحاسن محمد بن علي الزاهد ، أخبرنا زاهر بن أبي عبد الرحمن ، أخبرنا أبو بكر البيهقي قال : فأما ما روي في ذلك ، عن ابن مسعود ، فقد قال محمد ابن سيرين : كان المسجد ضيقا ، وقد قيل : أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأبو ذر عن يمينه يصلي ، كل واحد منهما يصلي لنفسه ، فقام ابن مسعود خلفهما ، فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بشماله ، فظن عبد الله أن ذلك سنة الموقف ، ولم يعلم أنه لا يؤمهما ، وعلمه أبو ذر حتى قال فيما روي عنه : يصلي كل رجل منا لنفسه .

وذهب الجمهور إلى ترجيح رواية غيره على روايته ، وأنهم أكثر عددا ، وأن عبد الله ذكر في حديثه هذا التطبيق ، وكان ذلك الأمر الأول ، وإذا ثبت أن ذلك من الأمر الأول وجب أن يكون هذا أيضا من الأمر الأول ، ثم نسخ ، وبأن عمر وعليا والعامة ذهبوا إلى ما قلنا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية