الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أن رجلا من أهل البادية من أهل الإبل جنى جناية فلم يقض [ ص: 141 ] بها حتى نقله الإمام وقومه فجعلهم أهل عطاء وجعل عطاءهم الدنانير ، ثم رفع إلى القاضي قضى عليهم بالدنانير دون الإبل ; لأن وجوب المال بقضاء القاضي وعند قضاء القاضي ما لهم عطاء فيقضي بالدية من جنس ذلك ولو كان قضى عليهم بمائة من الإبل ، ثم نقله الإمام وقومه إلى العطاء وجعل عطاءهم الدنانير أخذوا بالإبل أو بقيمتها ، وإن لم يكن لهم مال غير العطاء أخذت قيمة الإبل من أعطياتهم قلت القيمة أو كثرت ; لأن الإبل تعينت دية بقضاء القاضي والحيوان لا يثبت دينا في الذمة ثبوتا صحيحا بل يتردد بينه وبين القيمة فلا يتغير حكم ذلك القضاء بصيرورتهم من أهل العطاء ولكنهم يؤخذون بما قضى به عليهم في أموالهم ، فإن لم يكن لهم مال غير العطاء أخذت قيمة الإبل من أعطياتهم ; لأن ذلك ما لهم ، وقد ذكر قبل هذا إذا قضى عليهم بالدية ، ثم جعلهم الإمام أهل العطاء صارت الدية عليهم في أعطياتهم ، ومن أصحابنا رحمهم الله من بين في هذه المسألة روايتين كلتاهما في هذا الكتاب ، ومنهم من وفق فقال : هناك أبهم الجواب أنه يؤخذ من أعطياتهم للتيسير عليهم ولم يبين ماذا يؤخذ ، ثم فسر ذلك هاهنا فقال : تؤخذ قيمة الإبل من أعطياتهم وتأويل ما ذكر هناك أنه قضى من جنس العطاء عليهم بالدية ولم يعين جنسا منها بقضائه حتى صاروا أهل عطاء ، وإنما يعين عليهم بعد ذلك ما هو من جنس العطاء ويأخذه من العطاء وها هنا عين الجنس عند قضائه وقضى عليهم بمائة من الإبل والعطاء ليس من جنس الإبل فيكون الرأي إليهم إن شاءوا أدوا الإبل من أموالهم ، وإن شاءوا القيمة ، فإذا لم يكن لهم مال غير العطاء تؤخذ القيمة من أعطياتهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية